تحقيقات وتقارير

الشعبية والوسيط الجنوبي.. فاقد الشيء لايعطيه


صعدت حكومة جنوب السودان خلال الفترة الماضية عمليات الدعم والإيواء للحركات السودانية المتمردة وخصت بذلك الحركة الشعبية قطاع الشمال ، ولم تكتف بتقديم الدعم فقط بل أنها سعت الى لم شمل قادة الحركة بعد الخلافات الأخيرة باستدعاء قادتها الى جوبا وذلك قبيل ايام معدودة من اجتماع الوساطة الافريقية بقادة قطاع الشمال في اديس ابابا.

بالمقابل مارست حكومة السودان الصبر حيال انتهاكات جوبا ودعمها للتمرد ، لكن يبدو ان صبر الخرطوم قد بدأ ينفد في الوقت الذي لم تلتفت فيه جوبا لجميع التحذيرات الظاهرة والمبطنة التى تتلقاها من السودان وكان آخرها تحذير جهاز الامن والمخابرات الوطني حينما طالبها بضرورة ان ترفع يدها عن دعم الحركة الشعبية قطاع الشمال.

في ظل الاوضاع المأساوية التى تمر بها جوبا يسعي رئيسها ونائبه جاهدين لدعم الحركة الشعبية وتوفير السلاح والعتاد ووصل الأمر الى ابعد من ذلك اذ طلب قادة قطاع الشمال امدادهم بالأسلحة الثقيلة والمؤن العسكرية ، الأمر الذي خالف الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.

التزم السودان باتفاقية عدم الدعم والإيواء الموقعة بينه و جنوب السودان ضمن اتفاقيات التعاون التسع في العام 2012م باديس ابابا ، بيد انه ظل يذكر جوبا بامتلاكة ادلة قوية تثبت استمرارها وتورطها في دعم الحركات السودانية المتمردة والجيش الشعبي ، وظل يطالب عبر جميع المستويات ومؤسسات اتخاذ القرار بضرورة ان ترفع جوبا يدها عن دعم الحركات المتمردة ،

مؤخراً قاد سلفاكير ميارديت جهوداً مكثفة لمحاولة لملمة الخلافات الداخلية التي ظهرت بين قيادات الحركة الشعبية ، وطالب بجمعهم عبر طاولة حوار اختار ان جوبا مقراً لها ، واستمع لخلافات القادة الثلاث في محاولة لرأب الصدع بينهم ، غير ان تعصب القادة كلُ لرأيه انفض سامر الاجتماع ، على امل ان يكون الحل في اقامة المؤتمر العام للحركة الشعبية ، في وقت اعتبر فيه سلفاكير ان حل مشاكل الحركة سيكون بقيام المؤتمر العام مع تأييد وجهة نظر رئيس الحركة مالك عقار بان يبقي الوضع على ماهو عليه داخل الحركة لحين قيام المؤتمر العام في موافقة مبطنه على ان يبقي ياسر عرمان في منصبة اميناً عاماً للحركة الأمر الذي وجد رفضاً تاماً.

لم يكتف سلفاكير بمحاولة التوسط لحل الازمات الداخلية للحركة الشعبية بل ذهب الى ابعد من ذلك حينما اعلن تعهدة بتمويل المؤتمر العام للحركة طالباً رفع تصور بالتكلفة المالية للمؤتمر مما دفع عبد العزيز الحلو الى توجه التجانى تمة باعداد تصور بالتكلفة المالية للمؤتمر العام وتوجيه عبد الرحمن احمد سعيد للقيام بعملية الإشراف للاعداد للمؤتمر وتكوين سكرتارية ولجان عمل.

الغريب في الأمر سلفاكير أن التزم بدفع جميع المستحقات المالية للمؤتمر في وقت اصبح فيه شعب جنوب السودان عبئاً على الدول المجاورة وفي مقدمتها السودان الذي ظل يسير القوافل الانسانية الشعبية والرسمية للاجئي دولة الجنوب . ويبدو ان حكومة الجنوب الان تجني ما زرعته من علاقاتها مع الحركات المتمردة ، فهي الآن تصارع من أجل أن تصبح دولة.

مما لاشك فيه ان إن الدعم الذي تجده حركات التمرد من جنوب السودان بدأ مبكراً ، حينما تلاقت المصالح بين الحركات السودانية المتمردة وحكومة الجنوب فمنذ الإنفصال اصبحت الحركة الشعبية قطاع الشمال محط انظار حكومة الجنوب التى تعتبر أن الحركة الشعبية هي المعبر المضمون لغلغة السودان ودخوله في دوامة الصراع.

يبدو ان حكومة سلفاكير بالتعاون مع قادة قطاع الشمال يسابقان الزمن بهدف عدم رفع العقوبات عن السودان والتى من المتوقع ان يتم رفعها نهائياً في يوليو المقبل ، مما دفع بهم لمحاولة تقوية الحركة الشعبية لجهة ان تحقيق السلام في المنطقتين احد المسارات الخمس لرفع العقوبات وفي ظل تعنت قادة الحركة الشعبية والدعم الذي تجده من حكومة سلفاكير الذي فقد السيطرة على حكم بلادة يبقي المراقب للساحة السياسية في انتظار ما سينتج.

تقرير : رانيا الأمين
(smc)