حوارات ولقاءات

د. عمار ميرغني من على بوابة الخروج بالإرشاد والأوقاف : اللجنة التي كُلفت باختيار الوزراء نصبت نفسها على الوزارات


أخرجت من الوزارة عمداً بواسطة قيادي بالدولة محسوب على “الاتحادي الأصل”

اللجنة التي كُلفت باختيار الوزراء نصبت نفسها على الوزارات

لم يتم إخطاري بقرار إعفائي من الوزارة ومعطيات استمراري كانت أكبر

لا صراعات في الحزب وكلام مولانا على العين والرأس

هذه رسالتي (…) لأحمد سعد عمر

بدأ وزير الإرشاد والأوقاف السابق، عن الحزب الاتحادي الديمقراطي “الأصل” د. عمار ميرغني حانقاً من قرار إبعاده من الوزارة في التشكيل الحكومي الأخير، واتهم قيادي بارز في الحزب وينشط في العمل الحكومي بالعمل على إبعاده وذلك بالرغم من كون مؤشرات بقائه كانت أقوى.

ونفى الوزير السابق وجود صراع داخل الحزب، وأودع رسائل بعضها حارق في بريد قيادات بالحزب. ولمعرفة فحوى هذه الرسائل وغيرها، كان حوارنا التالي:

*هل كنت تتوقع خروجك من الوزارة؟
– اعلم أن السياسة ليست كالعلوم الطبيعية والرياضية التي لها قواعدها وقوانينها، وإنما هي متغيرة بتغير المواقف والأحداث لذلك كنت متحسباً وأنظر للموضوع بنظرة متوازنة تتوقع أي شيء، وهكذا يجب أن يكون الذين يشغلون المناصب، لا يتفاجأون.

*هل كانت هنالك مؤشرات لاستمرارك في الوزارة؟
– معطيات الاستمرار كانت أكثر، ولكن التعامل بمنظور السياسة يضيق الفرص، وإن كانت الأهلية العلمية والخبرة العملية متوفرة.

*يقال إن هنالك جهات داخل الحزب عملت على إبعادك عن الوزارة؟

– أخرجت من الوزارة بحراك مقصود من أحد القادة بالدولة، ومحسوب على الحزب.

*من هو ذلك القائد؟
– رغم علمي بحقائق كثيرة لكن التحفظ أفضل، وفي النهاية قضي الأمر، لكن هذه بداية انطلاقة في العمل العام وليس نهايتي أو تخلصاً مني ورميي في مزبلة التاريخ.

*هل أخطرت مسبقاً بقرار خروجك من الوزارة؟

– لم أخطر بقرار إبعادي من الوزارة.
*لماذا؟

-تلاحظ أن اللجنة ذات المهام المحددة التي كونها السيد محمد عثمان الميرغني كما ترى نصبت نفسها على الوزارات فجاء الأستاذ حاتم السر مقررها وزيراً للتجارة، وظل أحمد سعد عمر في مكانه، وهذا إخلال واضح بمسؤولية اللجنة، في أن يكون جهدها منصباً على نفسها، ثم هذا لا يتفق مع الفقه والشرع، ولا يتفق حتى مع الذوق السياسي، كونهم يأتون بالقائمة بأيديهم وفيها أسماؤهم، ولعلهم أطاحوا بدكتور جعفر محمد عبد الله وزير الدولة بالثروة الحيوانية وأبدلوه بالسيد إبراهيم الميرغني كوزير دولة بالاتصالات، ومع احترامي للجميع لكن الاختلالات كثيرة وكل موقف يحتاج كتابات وتحليلاً كثيراً.

*إذاً فصراع التيارات داخل الأصل باعد بينك والاستمرار في الوزارة؟
– نحن خلف السيد محمد عثمان الميرغني والسيد الحسن، وفوق ذلك كله المشيئة الإلهية، ولكن كانت هناك أيادٍ تعمل عملاً غير طيب وتحاول جاهدة خلق وهم بوجود صراع وتؤسس على هذا الصراع مواقف غير محمودة.

*تيار الميرغني الأب انتصر على تيار الميرغني الابن في معركة المحاصصة؟

– لا أتفق معكم على التعبير بوجود تيارين يفصلان بين السيد محمد عثمان والسيد الحسن ومن يستخدمون هذا التعبير يعوزهم فهم البيت الميرغني.

*كنت قائداً لتيار الحسن الميرغني؟
– كما أسلفت لا توجد تيارات ونحن نعمل تحت مظلة الحزب والطريقة (الختمية) وتوجيهات مولانا الميرغني على العين والرأس. ولكن للأسف البعض يعمل لتحقيق مكاسب خاصة متخذاً الحزب مظلة للاتجار ومطية لبلوغ الغايات.

*لم تكن جزءاً من صراع التيارات داخل الحزب؟

– شخصياً أعمل في الحزب وفق توجيهات ورؤى السيد محمد عثمان والسيد الحسن الميرغني، وطالما أن نوايانا مخلصة للحزب ولقيادته، فالأمر لا يوزن بميزان الانتصار والهزيمة.

*لم تعمر طويلاً في الوزارة وهذا غالباً يجعلك وزيراً بلا إنجازات؟
– أهم الإنجازات في فترة عملي أذكرها ليس تكثراً وتبطراً وإنما من قبيل الشكر لله تعالى. في مجال الدعوة وهي أصلي ونهجي وخرجت من رحمها نسباً وتلقياً، فكانت خلال السنة الماضية ثلاثة مؤتمرات أولها محاربة الإرهاب والتطرف وكان هذا المؤتمر بشهادة القنوات ووكالات الأنباء والمحللين السياسيين خطوة سودانية ممتازة تؤكد حرص السودان على توطين الإسلام المعتدل وساهم هذا المؤتمر في تغيير الصورة المرتسمة عن السودان والتدين الموجود فيه.

ثم مؤتمر إحياء علوم السيرة النبوية الذي قصد إلى ضرورة حفز الهمم لإحياء علوم السيرة والتوسع في العناية بها. كذلك مؤتمر محاربة المخدرات بالتعاون مع المركز الوطني للتأهيل وكان سانحة علمية مباركة.

*فقط مؤتمرات؟
-عقدنا عدة ورش عمل في مجالات متعددة مثل مراعاة الخلاف وقضايا المرأة والحريات وتعزيز السلم ومثلت هذه الورش لقاءات علمية طيبة. أيضاً كان هناك عمل مكثف لتدريب الأئمة والدعاة كذلك تم الاهتمام بتدريب الدعاة حيث تخرج نحو (9) آلاف داعية، فضلاً عن الاهتمام بالمساجد وفرشها، وكذلك تعظيم المناسبات الكبيرة كالمولد النبوي الشريف، والجهد الإداري في تنظيم الدعوة، بجانب مشاركات علمية دعوية خارج السودان.

*ملف الحج بالغ التعقيد ويراوح مكانه؟
– تمت زيادة حصة السودان بعد التفاوض مع وزير الحج السعودي وتمت الإشادة بأداء البعثة السودانية واختياري كممثل متحدث باسم كل البعثات على مستوى العالم، وتم ترتيب خدمات الحج بصورة ممتازة وهذا ما يشهد به الحجاج أنفسهم. كما استحدثنا نظاماً لتوسيع رؤية الحج حيث اجتمعنا هذا العام بكل ولاة الولايات وممثليهم لتنظيم أمر الحج وفق خصوصية كل ولاية، وتمت معالجة إشكالات الولايات، وتمت حوسبة أعمال الحج بالكامل، والحمد لله إدارة الحج الحالية تؤدي دورها كاملاً.

*هل سيكون الحج دون معاناة مستقبلاً؟
-عموماً الحج في السودان بلغ مستوى من الأداء هو محل إشادة العالم والعام الماضي طفتُ بنفسي على المساكن وتأكدت من توفر الخدمات ووضعنا ترتيبات جيدة وخطة محكمة لحج العام المقبل حرصاً على المحافظة على ما تم إنجازه، ولعل أهم شيء في الخطة هو تعظيم الإرشاد وتكثيف البرامج الدينية ولعلنا أيضا زدنا حصة القطاع الخاص ووكالات السفر والتي كان العام الماضي أداؤها جيداً وتعاونوا معنا على نحو جيد وهذا العام ستكون التأشيرات من داخل إدارة الحج كما سيكون تمديد وتجويد الخدمات هو أساس العمل.

*نكاد نخسر أوقافنا في الأراضي المقدسة؟
-وُفِّقنا في ترتيب أمر أوقافنا بالسعودية حيث تمت إعادتها من مستلبيها بعد تواصلنا مع وزير العدل السعودي تم قبول وكالة النظارة المقترحة ووضع التدابير المالية لانسياب عوائدها وفق شرط الواقف، وتم وضع مشروع قانون جديد للأوقاف، وكذلك تمت مخاطبة مجلس الوزراء بخصوص العديد من الأمور الهامة في ملف الأوقاف، وهناك خطة لقيام مؤتمر الأوقاف ذلك عبر ديوان الأوقاف بالتعاون مع وزارة الثقافة ضمن مشروع سنار عاصمة الثقافة الإسلامية وعدة برامج لنشر ثقافة الوقف.

ـــ واجهت نقداً شديداً من جماعات دينية.. فهل بعد ذلك تراك راضياً عن إدائك في الوزارة؟

بذلت ما في وسعي، وأعتقد أن الشعب والمستفيدين من أعمال الوزارة هم من يقيموا أعمالنا، ولكن الشواهد ماثلة للتقييم وبكل ثقة أنا فرح جداً بما تم في الوزارة في مدة غير كافية للتقييم السليم (فقط 15 شهراً).

*إجابتك تظهر رضى تاماً؟

-الحج في السودان بلغ مستوى من الأداء هو محل إشادة العالم، والعام الماضي طفتُ بنفسي على المساكن وتأكدت من توفر الخدمات والتي هي كثيرة جدًا، ولا أريد أن أمتدح نفسي ولكن أمامكم أدلة العمل وبراهين الأداء.

*قرار منع الوعظ والخطاب الديني في الأسواق أثار جدلاً كثيفاً ويقال إنكم تسرعتم؟
-قرار منع الحديث الديني بالأسواق والشوارع العامة صحيح قانوناً ودستوراً وهو من صميم اختصاصات الوزارة.

*ولكن هنالك جهات ناهضت القرار وبشدة؟
-القرار لم نعنِ به جهة بعينها، وإنما مسعى لتنظيم الدعوة والمحافظة على أدابها، وكلي أمل أن يحافظ الوزير الجديد على ما بدأناه.

*القرار لم يحظ بالتأييد؟

– يكفي شاهداً على صحته تعاظم أعداد المؤيدين حتى من خارج السودان.

*نفهم أنك لست نادماً على إصدار القرار؟
-عمومًا أنا برأت ذمتي ونبهت من خطورة الأمر.

*ما الفروق بين عمار ميرغني قبل وبعد الوزارة؟
-الوزارات إذا شكلت الشخصيات فهذه مصيبة، وبعض الناس لا يكونون شيئاً بلا وزارات. والوزارة طبقت فيها كثير من علوم الإدارة التي تخصصت فيها، لذلك الوزارات حقول عملية لتطبيق العلوم وتسخير الخبرات والمواهب.

*ما الذي أضافته لك الوزارة؟
-الحمد لله كانت سانحة كريمة لإسداء النفع للمسلمين، وكذلك علمت فيها أن الطاقات الكامنة في الإنسان تحتاج لإيقاظ.

*وماذا خسرت بالاستوزار؟

– كسبت الكثير، وما خسرت شيئًا إطلاقاً، وأهم ما كسبته المعارف الكثيرة، وتأكيد مسألة الروح الإدارية، وإمكانية الإبداع والنجاح.

*هل إدارة الوزارة أمر صعب؟
– إن الموظف الذي تدرج في الخدمة المدنية هو أكفأ وأقدر على إدارة وقيادة الوزارة.

*كيف كان تعامل أجهزة الدولة معكم طوال عملكم الوزاري؟
-تعاملنا مع كل أجهزة الدولة بواقع أننا جزء من الدولة وأكثر ما وجدنا التعاون من رئاسة الجمهورية لا سيما النائب الأول وكذلك كثير من الوزراء كانوا عوناً لنا ولم نحس يوماً من الأيام أننا جزء منفصل من النظام الحكومي، بل اضطلعنا بواجباتنا الدينية والرسمية بكل تجرد وإخلاص، وكذلك لجنة الشؤون الاجتماعية بالمجلس الوطني أدت دورها وتعاونت معنا تماماً.

*ألم يؤثر انتماؤك الصوفي على إدائك في الوزارة؟
– انتمائي الصوفي أعتز به كثيراً، وكنت أدير الوزارة بوصفها القومي الذي يسع الجميع حتى غير المسلمين. والتصوف في السودان يشكل غالبية ضاربة ولا بد للحكومة من اصطحاب هذا مع التركيز على الاعتدال.

*تقاطعات إدارة الحج والعمرة دائماً ما تقف حجر عثرة أمام وزراء الأوقاف؟
= ملف الحج منتظم وأمره مرتب جداً وممهد لمن يأتي بعدنا.

*بصراحة هل اتخذت قراراً وندمت عليه؟
– أنا متأنٍّ في قراراتي وأعرف متى أتخذ القرار، وكيف، وعالم بمبادئ واستراتيجيات اتخاذ القرارات، لذلك لم أندم على قرار.

*ما هو أصوب قرار اتخذته؟
– أصوب القرارات التي اتخذتها قرار منع الحديث الديني بالأسواق والشوارع العامة، لأنه يستند إلى مبررات مقنعة قانونًا وفقهاً ومنطقاً إدارياً، وكان قراراً صحيحاً رغم الالتفاف حوله وكثير من المغالطات المثارة، ولولا ضيق السانحة لأثبت صحته.

*إلى أين ستتجه بعد ترك الوزارة؟
– إلى فضاءات أخرى، والله واسعة أبوابه.

* لم تحدد وجهة؟
– لم أحدد وجهة ولكن الله معنا وموفقنا.

رسائل في بريد هولاء:

* مولانا محمد عثمان الميرغني؟
-رسالتي للسيد محمد عثمان الميرغني يا عثمان تعود بسلام أنت مجدد الإسلام، بالسر والإطلاق فيك يكن، وأقول (يا عثمان متين الجية وبيك تباشر الختمية، سيدي محمد عثمان) وحقيقة فالسيد محمد عثمان الميرغني بركة من بركات الزمن ونفحة من نفحات الدهر.

*السيد الحسن الميرغني؟
-وإن تعددت الأشخاص أو بعدت فالذات واحدة في أصل مبناها أمضى ميرغنياً شامخاً سامياً متحملاً أعباء مساعد أول رئيس الجمهورية، والأمل عليكم معقود، وخلفكم قواعد جماهيرية لا حصر لها.

*أحمد سعد عمر؟
– تكفي رسائلي للسيد محمد عثمان والسيد الحسن ولا ثالث معهما.

*ما الذي تقوله مختتماً وأنت على بوابة الخروج؟
-أختم حواري معكم بمبدأ مهم وهو أن الوظائف العامة ملك للشعب وتربيزة الوظيفة ملك للشعب لأنها ما جيء بها إلا لخدمة الشعب فيجب على أرباب الوظائف النظر لهذا وألا يوصدوا أبوابهم دون حاجات الناس.

حوار: عبد الرؤوف طه
صحيفة الصيحة


‫3 تعليقات

  1. الى الصديق عمار ميرغني، أصدقك القول بأنني سعدت بخبر عدم استمراركم في المنصب،، ليس لعدم ثقة بقدراتك ولكن إشفاقاً عليك من عوالم السياسة ومكايداتها، فالسياسة يا صديقي فعلاً لعبة قذرة. صديق سابق أترك لك تخمين من أكون!!

  2. ما لم تنتهي هذه العينة من الوزراء الذين يقدسون ال الميرغني المجرمين فلن يفلح السودان