تحقيقات وتقارير

خارطة الطريق وأشياء أخرى.. المهدي.. إطلالة على المشهد من قبة الخليفة


كعادته، انتقد رئيس حزب الأمة القومي، إمام الأنصار، الصادق المهدي الحكومة السودانية، وقال إنها وضعت السودان في وضع بالغ التعقيد، حد أن الإمساك بمكوناته يحتاج إلى جهود جبارة، وقدرة فائقة على متابعة الأحداث المتسارعة، في وضع لإجابات على التساؤلات التي تكتنف مستقبل البلاد الذي يراه مأزوماً.

وقال المهدي في مؤتمر صحفي خُصص لمناقشة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المحيطة بالبلاد وسبل حلها يوم أمس (الخميس) بدار الحزب بأم درمان، إن حزب الأمة القومي وبحكم المسؤولية تجاه أهل السودان والدولة قد تبنى إستراتيجية واضحة المعالم بدلاً من سياسة (رزق اليوم باليوم) التي تنتهجها معظم الأحزاب والقوى السياسية، الأمر الذي أفرز تشوهات في العملية السياسية بالبلاد. عازياً مسألة اللجوء لاستراتيجية (رزق اليوم باليوم) جراء مجموعة من الأسئلة الآنية والراهنة حول التطور والتغييرات في إطار التنوير والوعي العام بقضايا السودان ورسم ملامح المستقبل وتحديد مداخل الخروج من الأزمة السودانية المتراكمة.

تعاهد وطني
وكشف المهدي عن استراتيجية حزب الأمة القومي التي تلت عودته من الخارج وذلك بعدما قضى زهاء العامين ونصف العام، وهي إستراتيجية للسلام العادل الشامل والحوكمة الديمقراطية الهادفة إلى تعاهد وطني جديد مرجعيته فتح صفحة جديدة في الشأن السوداني وفق نهج قومي.

وقال المهدي إنه تم التداول حولها مع الشركاء في تحالف (نداء السودان) ومع عدد من قوى المعارضة، والمجتمع المدني، وشخصيات سودانية أخرى فضلاً عن تقديمها للمجتمع الإقليمي والدولي، وكذلك كانت حاضرة من خلال زيارات رئيس الحزب الداخلية على ولايات (القضارف، شمال كردفان، النيل الأبيض، الجزيرة). وطبقاً للمهدي فإن هذه الإستراتيجية تعبر عن روح مرجعيات نداء السودان والاتفاقيات التي أبرمتها قوى المعارضة السودانية منذ مقررات أسمرا للقضايا المصيرية مع استصحاب متغيرات الواقع، فهي خارطة لفتح الطريق أمام خارطة الطريق الأفريقية ذات الضمانات والاستحقاقات، وفي الوقت نفسه تمثل مدخلاً رئيسياً لمناقشات أولية للحوار الجامع بين مكونات قوى التغيير.

حصيلة ضعيفة
المهدي الذي قال في توقيع اتفاق جبيوتي مع الحكومة في وقت سابق، إنه أراد أرنباً فاصطاد فيلاً، أعمل هذا المثال بشكل عكسي، حين قال إن الحوار الوطني صفقة تمت بين حزب المؤتمر الوطني وأشياعه، متهماً الحكومة بتبديد موارد كثيرة لإقناع المجتمع الدولي بجدية الخرطوم في التغيير لنيل التطبيع، ولكن من دون إصلاح حقيقي. مضيفاً أن مخرجات الحوار الوطني التي استهدفت تغيير سياسات الحكومة تم إجهاضها لتبقى السياسات كما هي بلا تغيير، حيث سعت الحكومة إلى استخدام حوار الداخل لتجنب الحوار الحقيقي مع معارضيها الحقيقيين في إطار خارطة الطريق مع أنها المدخل الحقيقي للسلام والوئام السياسي، ولحل القضية الاقتصادية والمعيشية ولاستعادة العلاقات الخارجية والداخلية. محملاً الحكومة في الأثناء مسؤولية ما اعتبره الكارثة الحالية بالسودان وأهله جراء مشكلات عديدة على رأسها الترهل والانفلات في الصرف وتضاعف أعداد الدستوريين في حكومة قال إنها أطلق عليها حكومة الوفاق الوطني.

ونبه المهدي إلى أن إصرار الحكومة على مخرجات الحوار سيقود قوى نداء السودان المعارضة والآخرين لحوار بديل يعرف بـ(حوار الظل) يهدف إلى مناقشة القضايا الجوهرية بين مكونات الشعب السوداني للوصول لتفاهمات وصيغة يحكم بها السودان وكيفية الانتقال الديمقراطي وتحقيق السلام العادل ومضامين صناعة دستور للدولة وبناء مؤسسات بديلة للحكومة، مؤكداً أنه لا جدوى من إبرام الصفقات والاتفاقيات مع المجتمع الدولي في ظل غياب الرؤية التصحيحية لحل أزمات السودان، بحسبان ذلك يقود إلى تكريس مزيد من الانقسامات.

تدهور معيشي
شكا المهدي من التدهور في المستوى المعيشي والخدمات بالدولة في ظل ارتفاع معدل الفقر الذي حددته الاستراتيجية القومية لتخفيف حدة الفقر في 2012 بنسبة 46% كما أن خبراء اقتصاد على رأسهم د. إبراهيم البدري الخبير الاقتصادي الدولي قدره بنسبة (80%) في المدن و(90%) في الأرياف. وعلى مستوى الخدمات التعليمية نقل المهدي عن الاستراتيجية القومية لتخفيف الفقر تدهورًا شديدًا جراء ضعف الإنفاق على العملية التعليمية من قبل الدولة، وزادت معاناة الأسر من نفقات التعليم، في وقت تشهد فيه الخدمات الصحية انهياراً في كافة أنحاء البلاد من انعدام الرعاية الصحية الأولية والإنجابية والأمراض المزمنة مع انتشار للأمراض المعدية التي بدأت تظهر مؤخرًا بولايات القضارف والنيل الأبيض ــ حد تعبيره.

ووفقاً لما سبق – والكلام للمهدي ــ فإن جميع هذه القضايا تحتاج إلى حل، خاصة وأن تعقيدات الواقع الماثل يمكن أن تكون فرصة لفتح مسارات الحل السياسي على الرغم من اختلاف المرجعيات فهنالك اتفاق بأن أزمة حكم ولدت أزمات أخرى، وقد أكدت التجارب فشل معالجة الأزمة على أساس اتفاقيات ثنائية في إنهاء الصراع بامتيازات على حساب السلطة لبعض الأفراد كما أن هناك تململاً من تكرار التجارب الفاشلة، فالأزمة شاملة ولا تحل إلا في الإطار القومي الذي لا يستثني أحداً، ما يتطلب الالتزام بخارطة الطريق ويعني ذلك فتح مسارات التنفيذ بالاتفاق على وقف العدائيات وتوصيل المساعدات الإنسانية والحوار السياسي الحقيقي، مشيرًا إلى أنه في حال عدم توفر هذه الأمور فإن انسداد آفاق الحل السياسي يضاعف معاناة الضحايا والنازحين كما أن عدم التوصل لاتفاق حول المساعدات ووقف العدائيات ألقى بظلال قاتمة على الأوضاع الإنسانية للمنطقتين ودارفور.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة