مقالات متنوعة

ظروف قاهرة


زارتني في منزلي الجميلة (هناء إبراهيم).. مهنئة باصدار روايتي (أنا الأخرى) ومعتذرة عن عدم تمكنها من الحضور ليلة التدشين.. قلت لها مشاكسة (أها إنتي كمان قولي منعتك ظروف قاهرة من الحضور).. إذ أن معظم من أعتذر لي استخدم هذه العبارة (ظروف قاهرة منعتني من الحضور).. فما كان من هناء إلا أن تجيب بمرحها المعهود (لا.. أنا منعتني ظروف بيروت).

حظي (التعيس الهردبيس) هو الذي جعلني اختار ليلة التدشين في ذات اليوم الذي كان من المقرر أن تعلن فيه أسماء المشاركين في الحكومة.. حتى إنني مازحت أصدقائي قائلة (هسه يعني أمشي التدشين.. ولا أمشي لأداء القسم؟).. ذلك أنه في بلادي يمكن لأي شخص أن يصير وزيراً.. أو مسؤولاً تنفيذياً.. وعادي يمكن تسمع خبر تعيينك من التلفزيون.. أو يتصل بك أحد الأقارب للمباركة.. المشكلة ليست هنا.. يمكن الحكومة عايزة تعملها مفاجاة زي مسابقة الحلم كدا.. المشكلة أنه كانت هناك فرصة كافية لفحص وتمحيص كل أسم على حدة.. رغم ذلك حدثت ربكة.. ولا يزال بعضهم معلقاً.. واقفاً في البرزخ فلا هو وزير بكامل مستحقاته ولا هو متحاور له مكأفأة نهاية الحوار…أكيد هناك ظروف قاهرة منعت اكتمال عملية التمحيص.

لكن ذلك أيضاً لم يثير استغرابي.. عادي يعني (31 وزير اتحادي و42 وزير دولة ) عدد كبير للبحث وراء كل شخص.. لكن الذي أثار دهشتي.. هو الظروف القاهرة التي استدعت تعيينات البرلمان.. يعني ناس تتم اضافتهم لي برلمان أصلاً العدد فيهو مكتمل.. هل توجد بالبرلمان (كراسي نص؟؟)..ولا يا ربي سيتم وضع كراسي بلاستيك في الخلفية؟؟.. أها الكلام كيف؟؟ بهذا العدد الضخم أعتقد أن كل نائب سيمنح فرصة واحدة للتحدث.. و(هوب) تلقى الانتخابات جات.. هل سيتم مشاركة الميكروفون زي مشاركة الكتب في المدرسة؟؟.. هذه قضية لا بد تحسم.. طيب برضو الرواتب والامتيازات على حسابنا نحن؟؟ ولا كيف ؟؟ لأننا نريد التنويه بأن الظروف القاهرة هذه.. هي أصلاً (قاهرانا نحن).. عشان كدا حبينا نقول (كدا أووووفر) صراحة.

الظروف القاهرة لا زالت تمارس مكائدها.. حتى الآن لم يكتمل عقد الوزراء.. ولم تعلن أسماء الحكومات الولائية.. ونحن في هذا (الفيلم).. فرنسا عملت انتخابات وفاز فيها الشاب ماكرون.. وهاهو يعلن أسماء الوزراء الـ(18).. أيوة 18.. مافي داعي للمقارنة.. .أساساً ديل كفار ما علينا بيهم.. لكن عايزين نقول الظروف القاهرة دي ما شايفة الناس الفي أوربا ديل؟ مالها ما بتمشي عليهم؟؟.. ليه أموروهم كلها مرتبة ومنظمة وما في حاجة بتحصل (تلخبت الصف؟؟)..يبدو أن الظروف القاهرة قد صنعت خصيصاً للسودان.. لذلك ليس مستغرباً أن نختم المقال بـ(ما تهتموا للأيام ظروف وتعدي).

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة