تحقيقات وتقارير

الدعم المصري للحركات .. خروج الرئيس عن صمته


ظلت العلاقات السودانية المصرية موخرا ذات طبيعة متوترة، برزت فيها تصعيدات سياسية خطيرة، واستفزازات إعلامية مصرية عنيفة، بدأت بحلايب وشلاتين ومن ثم سد النهضة، والآن دعم مصر للمتمردين بالمدرعات كما جاء على لسان رئيس الجمهورية المشير عمر البشير خلال مخاطبته لتكريم قدامى المحاربين من القوات المسلحة .

ذخائر فاسدة
وصوب البشيراتهام مباشر ورسمي لدولة مصر بالتورط في دعم الهجوم الأخير الذي شنته حركات متمردة على مناطق في ولايتي شمال وشرق إقليم دارفور، وتم دحرها من قبل قوات الجيش والدعم السريع، وأشار إلى إن القوات المهاجمة انطلقت من دولتي جنوب السودان وليبيا وشاركت فيها مدرعات وعربات مصرية، وعبر عن أسفه الشديد للتدخل المصري في الشأن الداخلي السوداني من خلال دعم التمرد، قائلاً : “نقولها بالصوت العالي وبكل أسف المدرعات اتضح أنها مصرية” ، وأضاف “حاربنا في الجنوب سبعة عشر عاماً ولم تدعمنا مصر بطلقة واحدة بحجة أن مايجري في السودان وقتها شأن داخلي”، ونوه البشير إلى أن بلاده اشترت اثناء قيادته لأحد المناطق ذخائر من مصر وكانت فاسدة، مشيراً إلى الدعم الذي قدمته القوات المسلحة السودانية لمصر منذ حرب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر، وأكد البشير على قدرة القوات المسلحة السودانية على حسم أي هجوم أو اعتداء على السودان داخلياً أو خارجياً .
نسف القرار
حديث رئيس الجمهورية حول دعم مصر سبقه عليه مفوضه التفاوض مع حركات دارفور د. أمين حسن عمر، بتلميحه لتورط مصر في دعم الحركات المسلحة الدارفورية عن طريق القائد الليبي اللواء خليفة حفتر، وذلك عن طريق حكومة جنوب السودان لإسقاط نظام الخرطوم، وقال أمين “إن مصر ربما تقول إنها دعمت حفتر أو دعمت جنوب السودان، وأن السلاح ربما ضل طريقه إلى الحركات المتمردة من هناك، وهذا حديث لا غبار عليه، ولكن صاحب العقل يميز”، وأكد أن الغرض الأساسي من هجوم الحركات المسلحة على ولايتي شرق وشمال دارفور من دولتي ليبيا وجنوب السودان، هو نسف قرار رفع العقوبات الأمريكية المنتظر.
وكانت مصر قد طالبت عبر نائب مندوبها في مجلس الأمن بالإبقاء على العقوبات المفروضة على السودان بموجب القرار 1591.
معارضون سودانيون
اتهام البشير لمصر بدعم مناهضي النظام في السودان لم يكن وليد اللحظة، وفي مقابلة سابقة مع فضائية “العربية الإخبارية”، إتهم الرئيس المخابرات المصرية بدعم المعارضة السودانية، في وقت أكد فيه عدم إيواء السودان لأي من “قيادات الإخوان”، وقال إن علاقتهم مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مميزة، وهو رجل صادق في علاقاته، ولكن المخابرات المصرية تدعم (معارضين سودانيين)، وأضاف “عندما نطرح عليهم الأمر يحاولون الإنكار، لكننا نعطيهم الأسماء والعناوين، ونحن لن نرد بالمثل وندعم المعارضة المصرية” .
الخروج من الصمت
والشاهد أن السودان ظل دائماً ينتقد فتح القاهرة لمكاتب رسمية ودعمها للحركات الانفصالية المسلحة عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، بجانب فتح قنوات استخبارية لها، وأن المعارضة هناك تجد ترحيباً كاملاً وتسهيلات رسمية، غير أن الرئيس ظل صامتاً طيلة الفترة الماضية، وكان يرد بكل دبلوماسية في سبيل المهادنة مع الشقيقة مصر، ولكن يبدو أن الأمر اشتدت خطورته ووصلت حد الحرب، مما دعا البشير إلى أن يخرج من صمته ويصوب اتهامات مباشرة لمصر، في وقت تزامنت فيه هذه الأحداث القمة الأمريكية الإسلامية الدولية بالمملكة العربية السعودية، والتي يشارك فيها البلدان .
منحنى عسكري
أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري محمد الشقيلة أكد أن مصر بدعمها للمتمردين قررت تصعد الأزمة مع السودان لتأخذ منحنى عسكري، واستنكر مساندة مصر لمعارضة الحكومة بعد دعمها لهم معنوياً، وشدد الشقيلة على ضرورة أن تراجع مصر نفسها لتجد حلولاً للأزمة، بدلا من تعميقها لهذه الدرجة، واعرب عن امله في أن تكون الأزمة هي سحابة صيف عابرة بين البلدين، وأن تعبر سريعاً، بيد أن السودان ومصر في حوجة لبعضهما البعض، وأن المرحلة المقبلة تتطلب ضبط النفس، وأن تكون العلاقة تعاونية، لأن هذا هو وضعها الطبيعي

اخر لحظة


تعليق واحد