رأي ومقالات

جهاز المخابرات المنزلي !


هل يمنحنا الزواج الحق للتدخل فى خصوصيات الشريك؟ وهل من الحكمة أن نعرف كل تفاصيله وحركاته وسكناته؟ وهل من شروط الزواج الصحيح الإطلاع على كل أسرار وخبايا وذكريات الطرف الثانى؟…ثم هل يبقى الأمر بيننا على ما هو عليه إذا ما قدر لنا وتمكنّا من الوقوف على كل الحكايا والأخبار ؟
معظم النساء لديهن فضول كبير لمعرفة كل شئ عن أزواجهن لا سيما خارج المنزل.. ليس لأنه يشكّن فيهن فحسب –ولكن لأن الفطرة النسائية لا تكتفى غير بأدق التفاصيل عن المشاعر والأفكار وخطوط السير والصداقات والمشاريع وحتى الأحلام. وتتمنى الواحدة منا أن تعرف كل ما يدور فى ذهن زوجها ، وتود لو كان باستطاعتها أن ترى حتى أحلامه وهو نائم!!

أحياناً…لا يتوقف هذا الفضول عند حدود الملاحظة أو التوقعات فحسب..ولكنه يتحول لبرنامج ثابت يشتمل على التفتيش الدورى للجيوب والحقائب وأدراج السيارة والجوالات والحواسيب…, بالأضافة للتنصت على المكالمات التلفونية والإلحاح فى السؤال والإستفسار عند الخروج والعودة عن كل ما قام به خلال يومه.
ورغم أن الغالبية منا لا يجدن ما يزعجهن بعد كل هذا البحث الدقيق الا أنهن لا يقبلن بتلك النتيجة وكأنما الواحدة لا تستريح أو يهدأ لها بال إلا إذا ما أثبتت على زوجها تهمة الخيانة العظمى على غير المفروض!!فأذا ما سئلت الواحدة عما تبحث عنه بكل تلك الدقة واليقظة قد لا تجد ربما إجابه منطقية
للسؤال !

فالحقيقه أنها لا تبحث عن شئ معين بالتحديد، ولكنها تعمد للبقاء متربصه وواعية لكل ما يمكن أن يحدث ويتطاول على مقامها الزوجى الرفيع فى حياة زوجها الذى قد لا يكون –حسب إعتقادها ومخاوفها- حريصاً عليه كما يجب.

ومهما إتسم – بعض – الأزواج بالتفانى والإخلاص والحرص على مشاعر وسعادة زوجاتهم وأبنائهم ..وبدأ فى جميع تصرفاتهم أنهم يضعون بيوتهم على رأس قائمة اولوياتهم ولا يعنيهم سوى ضمان الإستقرار والحياة الكريمة اللازمة لسعادة أسرهم , إلا أنهم يظلون فى دائرة إتهام زوجاتهم الفضوليات المتوجسات. وفى الغالب يكون الزوج على درايه بما تقوم به زوجته فيسلم أمره لله ويتعايش مع قلقها ووساوسها تلك على إعتبار أنها مغلوبه على أمرها ومدفوعه لكل ذلك بالحب والإهتمام والغيرة

ولكن بعضهم يكون منزعجاً من تلك الملاحقه وذلك التفتيش ولا يلبث أن يتحول إنزعاجه ذلك الى ضجر وضيق وإستياء…ثم لا يلبث صبره أن ينفد فتجده يتمرد على ذلك الحصار وقد تجده مدفوعاً برغمه للسير فى طريق الخيانة الذي هيأه له فضول زوجته ,،ثم يحلو له ممارسة لعبة الذكاء معها متحدياً فضولها وممارساتها العقيمة للإيقاع به منتصراً لقدراته الذكورية الفطرية فى الهروب من الفخ المنصوب له !!
وبهذا تكون تلك الزوجة البوليسية السبب المباشر فى إنحراف زوجها عن الخط الذى رسمته له دون أن يفيدها تسلطها شيئاً
فلماذا لا نترك لأزواجنا المجال ليمنحونا إخلاصهم الكامل بمحض إرادتهم؟…لماذا لا ندع الماضى للماضى والمستقبل للمستقبل ونحيا فى حدود الحاضر بكل الإحترام والثقة والمودة والسكن؟؟

أعتقد أن الزواج لا يمنحنا الحق فى الحجر على حريات ومشاعر وصداقات وهوايات وأحلام الشريك…ولكنه يلزمنا بمعاونته على التميز والنجاح والرضا
وربما لا يعود علينا ذلك الفضول المقيت الذى تنفر منه النفس البشريه السوية إلا بالنفور والجفوة والتعاسة…فبعض الفضول يكشف لنا ما كان الجهل به أرحم ،أو يدفعنا للدخول فى حرب زوجية لا حاجة لنا بها على الإطلاق.

# تلويح:
بعض الأسرار…معرفتها أقسى من الجهل بها!!

راي: داليا الياس
صحيفة آخر لحظة