منوعات

في شهر الصيام .. لا تكونوا مسرفين


على مائدة الإفطار تتجمع الاسرة في كل يوم من أيام رمضان، عشرات من أصناف الطعام في انتظارهم، قليل منها يكفيهم أما الكثير المتبقي فمصيره سلة المهملات، هكذا اصبح الإسراف والتبذير من العادات والتقاليد التي تحرص عليها الاسر في شهر العبادة والطاعة ناسين ان هذه العادات والتقاليد تتنافى مع حكمة الصوم فلماذا الإسراف في شهر الرحمة والصيام؟.

الداعية د.ناظم المسباح يضع الحدود الضابطة للانفاق حتى تتحقق الغاية وهي القبول من الله تعالى فيقول: بذل المال وإقامة المآدب بغية التوسعة على الفقراء وادخال السرور على المحرومين وتوثيق العلاقات بين الناس لهو أمر محمود حث عليه الله سبحانه وتعالى بقوله: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) ولكن هذه الأعمال تحكمها نية القائم ، فاذا كانت النية صادقة لوجه الله واستجابة لأمر رسول الله حيث قال: «تصدقوا ولو بشق تمرة» فقد تبرر انفاقه ويدخل في ميزان حسناته باذن الله، أما اذا كان القصد هو المفاخرة وحب الظهور فقد اسرف وآثم، ومهما كانت النية صادقة فيجب عدم الإسراف، كما يجب ضبط الاستهلاك بعدم التنويع المفرط والاكتفاء بأنواع محددة من الطعام واللحوم قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) فإن المتأمل من بعد لأكياس المهملات أمام المنازل يدرك الخطأ الذي وقع فيه الناس والذي يتطلب منهم اعادة النظر في طريقة تصريفهم للفائض من الطعام حتى لا يكون لسلة المهملات الحظ الاوفر فيه، واكد المسباح ان الإسلام نهى عن التبذير والإسراف كما نهى عن البخل والتقتير في رمضان وغير رمضان وجعل المبذرين من اخوان الشياطين وعلمنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ان نستعيذ بالله من البخل والعجز وغلبة الدين، وعندما كان بيت النبوة الكريم يطعم الطعام على حبه «أي الحاجة اليه» مسكينا ويتيما وأسيرا كان يقدم صورة اخرى من صور السمو الإنساني والايثار الكريم، وطالب المسباح المسلم بألا يستجيب لشهوات نفسه من طعام أو شراب لان القصد من الصوم كشر شهوة النفس وتعويدها الاكتفاء باليسير من الطعام والشراب.

تطرف سلوكي

ويرى الاخصائي النفسي د.مروان المطوع ان الإسراف مظهر من مظاهر التطرف السلوكي تجاه اشباع حاجة من الحاجات وهذا المظهر يبدو جليا في بعض المناسبات منها شهر رمضان المبارك، فهناك تطرف في شراء الطعام وتخزين المواد التموينية، وهذا التطرف يعود الى عوامل نفسية عديدة، فدافع الجوع من الدوافع القوية في شهر الصيام وهو ما يدفع البعض الى التوهم بان المخزون من الطعام قليل وانه سينفذ قبل ان يصل حد الشبع وبعض علماء النفس درسوا الإسراف بطريقة معرفة مخزونات اللاشعور فاكتشفوا ان بعض الصائمين يشعرون بالغضب والتوتر الى درجة الإسراف بحجة ان هذا ناتج عن الصيام او سوء الحالة الجوية وهنا كما يطلق عليه في علم النفس رد الفعل العكسي اي ان يقوم الصائم بأسلوب مضاد لحالة الغضب التي تعتريه وهناك من يلجأ الى وسيلة تعويضية لاطفاء مشاعر الغضب والحرمان والتوتر ويكون ذلك بالإسراف في شراء السلع الاستهلاكية بطريقة مبالغ فيها، ويشير د.المطوع الى ان الإسراف ينشأ منذ الطفولة، والتربية في البيت هي المسؤولة عن كون الابن يصبح مسرفا في الكبر فيصبح الإسراف عادة سلوكية اعتاد عليها منذ الطفولة وربما يعود الى انه كان يعيش في بيئة استهلاكية، فاذا كان يرى اباه يشتري ما هو زائد على الحاجة في شهر رمضان عندما يكبر يفعل مثله ويسرف ايضا، واذا كان الانسان تطبع منذ طفولته بالحكم الإسلامي الرائع وهو خير الامور الوسط لما وصل الى حد الشره في الإسراف .

صحيفة الأنباء