اقتصاد وأعمال

الدستور من يكتبه


باغت رئيس الجمهورية القوى السياسية سواء المشاركة في حكومة الوفاق الوطني والمعارضة للحوار ومخرجاته ايضاً بدعوته للمشاركة في كتابة الدستور المرتجى أنه دائم, في خطاب له أمام عضوية حزبه في العيد،

بينما تنص مخرجات الحوار على مهمة كتابة وإعداد الدستور من صلب مهام البرلمان المنتخب عبر الانتخابات المقبلة في 2020 . ومن قبل سبق للبرلمان أن أجهض مشروع وثيقة الحريات التي أودعت من قبل رئاسة الجمهورية بإجراء تعديلات جوهرية عليها غيرت من مضمونها الرئيس، كما عادت مصادرة الصحف تطل برأسها من جديد . فهل هذه ردة عن مجمل مشروع الحوار لا سيما بعد انضمام كل القوى السياسية المؤثرة في حكومة الوفاق الوطني باستثناء الأمة القومي، وتلاشي الحركات المسلحة في دارفور وتشرذم الحركة الشعبية قطاع الشمال بانشقاقها واقتتالها فيما بينها.
يعتبر المؤتمر الشعبي أبرز القوى السياسية المشاركة في الحوار فقط بل ينسب إليه الدعوة للحوار منذ البداية ، وكان له دور كبير في المشاركة في صياغة مخرجاته ، وقد لجأ للحوار مع الحكومة عقب معارضة شرسة للغاية استمرت زهاء الخمسة عشر عاماً عقب مفاصلة الرابع من رمضان 1999، وقد راهن الشعبي على الحوار مراراً وتكراراً وان بدأت قناعاته تهتز مؤخرًا بمدى جدية الحكومة في الالتزام بنص مخرجات الحوار الوطني .
في رده على سؤال (الإنتباهة) أمس حول دعوة الرئيس لكتابة الدستور, قال الأمين السياسي للمؤتمر الشعبي الأمين عبد الرازق, قال إن رأي الحزب يتمثل في ان الدستور الثابت يعده المجلس النيابي المنتخب عام 2020 عبر انتخابات حرة ونزيهة، ومن ثم يطرح لاستفتاء شعبي ، مضيفاً بأن مخرجات الحوار نفسها تنص على ذلك ، مشيرا إلى أن حكومة الوفاق الوفاق الوطني بقيادة رئيس مجلس الوزراء بكري حسن صالح, معنية بتنفيذ مخرجات الحوار ، ورفض الأمين التعليق على الدعوة لكتابة الدستور, كما رفض الحديث عن ما وراء الخطوة. واكتفى بتوضيح موقف حزبه من قضية الدستور. بدوره ذهب رئيس المكتب السياسي لحزب الأمة القومي محمد المهدي حسن إلى تأكيد حقيقة حاجة البلاد لدستور دائم يجمع عليه أهل السودان كافة ، ويضع حداً لحالة اللا دستور التي مضت على البلاد منذ فترة طويلة ، وقال متعجبا كيف لمن خرق الدستور والنظام الدستوري ان يدعو لكتابة الدستور، وذهب في حديثه لـ(الإنتباهة) أمس إلى ان المناخ العام بالبلاد ليس مناسباً لكتابة الدستور في ظل حالة الانقسام الموجودة على مستوى الشعب السوداني والنخب السياسية ، وخلص إلى ان هذه الدعوة لن تجد الاستجابة من القوى السياسية لأنها صدرت من جهة لا تحترم دستوراً ولا قانوناً . ولفت المهدي إلى مشروع حزبه بعقد مؤتمر دستوري يخاطب كل القضايا الوطنية ويضع اساساً متيناً لوضع ديمقراطي ينقل البلاد مما هي عليه الآن إلى وضع مغاير بمشاركة جميع أهل السودان وقواه السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يتم من خلاله التأسيس لمستقبل البلاد ، بالاتفاق على شكل الدستور المطلوب ، ومن ثم يحظى باحترام الجميع ، وتوقع المهدي ألا تجد الدعوة لكتابة الدستور استجابة كالدعوات السابقة لنظام الإنقاذ.
المحلل السياسي والكاتب الصحفي عوض فلسطيني قال إن الاتفاق الذي تم بين القوى المشاركة في الحوار تأسس على ان تلتزم حكومة الوفاق الوطني بإنفاذ مخرجات الحوار الوطني وصولاً للانتخابات في 2020 ، بحيث تتنزل جميع مخرجات الحوار على أرض الواقع، بما في ذلك تشكيل مفوضية مستقلة للانتخابات تتولى مهام الإعداد للانتخابات من حيث الدوائر الجغرافية والتعداد السكاني وضبط العملية الانتخابية على نحو يتسم بالنزاهة والشفافية، وأضاف فلسطيني في حديثه للصحيفة وبانعقاد البرلمان المنتخب من الشعب يتم إعداد الدستور من قبل البرلمان المنتخب، لان الدساتير لا تضعها الحكومات او النواب بالتعيين ، وبعد كتابة الدستور لابد من عرضه على الشعب عبر استفتاء حر ، يقضي فيه الشعب بقبول وثيقة الدستور أو رفضها .
وفي تعليقه على الدعوة لكتابة الدستور وصفها فلسطيني بالقفز عبر الظلام، بحسبان أنها مخالفة لما اتفق عليه في وثيقة مخرجات الحوار الوطني ، وبشأن موقف القوى المحاورة من هذه الدعوة توقع ان لا تعترض عليها قوى الحوار باستثناء المؤتمر الشعبي ، مشيرا إلى أنه بالرغم من ان للشعبي تفاهمات مع الحكومة تقضي بعدم عرضها لأية مشاريع في البرلمان إلا بعد التشاور معه، إلا انه استبعد ان يكون الشعبي كان على علم بالدعوة لكتابة الدستور .
هل تغري الحكومة, مشاركة أحزاب الحوار الوطني دون استثناء في حكومة الوفاق وانهيار الحركات المسلحة عسكريا وسياسيا بالمضي قدما في العمل على إعداد الدستور دون مراعاة لنصوص وثيقة الحوار في هذا الصدد؟ وهب أنها فعلت, ماهو موقف أحزاب الحوار من ذلك؟ وما هو موقف القوى المعارضة ايضاً؟
الأيام المقبلة ستفصح عن مراد الحكومة من هذه, وما يتبع ذلك من خطوات على المشهد السياسي.

النتباهة