تحقيقات وتقارير

تأجيل اجتماعات اللجنة السياسة الأمنية .. مباراة حاسمة .. الخرطوم تضع جوبا تحت الضغط (الإفريقي)


في خطوة يتوقع أن يكون لها ما بعدها، أرجأت جوبا اجتماعات للجنة السياسية الأمنية المشتركة مع الخرطوم، وكان مقرراً لها الأسبوع المقبل، وذلك بسبب تباطؤ الأولى في إيداع أسماء الوفد المشارك لدى اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى.

وتنظر الولايات المتحدة في الشهر الجاري ما إذا كانت سترفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان بصورة نهائية، عقب مهلة امتدت (180) يوماً لاغراض مراقبة سلوك الخرطوم في خمسة مسارات تشمل مسار الاستقرار في دولة جنوب السودان.

وينظر كثير من اللصيقين بشأن دولتي السودان، إلى جوبا باعتبارها تشتري الزمن، انتظاراً لقرارات واشنطون، ومن ثم بناء إستراتيجيتها مع الجارة الشمالية وفقاً لما تصدره إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تزامن
وبالعودة إلى الوراء قليلاً، تزامنت رسالة بعث بها تعبان دينق نائب رئيس الدولة بجنوب السودان التى إلى الفريق أول بكري حسن صالح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء القومي، لزيارة جوبا الشهر المقبل، مع تجديد الخرطوم اتهاماتها لجوبا بدعم الحركات المتمردة خلال قمة الـ”إيقاد التى عقدت مؤخراً بأديس أبابا لبحث الأوضاع في جنوب السودان وقاد وفد السودان خلالها الرئيس عمر البشير شخصياً.

اللافت في الأمر أن دعوة النائب الأول للرئيس السوداني، أتت متزامنة مع قمة الاتحاد الأفريقي التاسعة والعشرين مما يشير إلى توجس جوبا من أن يتم إصدار قرار إفريقي خلال أعمال قمة الاتحاد الإفريقي بسبب دعمها للحركات المتمردة طبقاً لما ذكره أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين بروفيسور حسن الساعوري لـ(الصيحة) خاصة وأن الاتحاد الإفريقي أعلن من قبل مناقشة الأوضاع الأمنية في دارفور والهجمات الأخيرة أثناء القمة .

ويضيف الساعوري بأن جوبا ستلجأ الى المسارعة بطلب عقد اجتماع اللجنة الأمنية في محاولة على مايبدو للالتفاف على قرارات الاتحاد الإفريقي وسط توقعات قاطعه بعرض السودان لجميع الوثائق التى تثبت تورط جوبا في الهجوم الأخير على دارفور ومحاولاتها المتكررة لزعزعة الأمن والاستقرار في السودان.

ويحدث ذلك في وقت تجتاح الخلافات الحركة الشعبية (شمال)، وسط أنباء عن فرار رئيس الحركة مالك عقار بقوات تتبع له من ولايه النيل الازرق التي يتخذ منها مقراً إلى منطقة أعالي النيل بجنوب السودان مايضع جوبا في اختبار جديد ومواجهات قبالة الخرطوم.

مسار دبلوماسي
اختار السودان في معالجة مشكلاته مع جوبا الطريقة “الدبلوماسية”، وبذلك يكون تجنب وضع العثرات في مسار السلام الذي تريده الولايات المتحدة الأمريكية.

وبالفعل لعبت الدبلوماسية السودانية دوراً مقدراً في تحول شكل العلاقة بين الجانبين ، وظلت الحكومة السودانية تطالب المجتمع الدولي بمساندة جهود الوساطة الإفريقية لإقناع جوبا بالكف عن دعم الحركات المسلحة مما يسهم في استقرار البلدين وتحقيق المنفعة المشتركة.

يقول عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني ،د. ربيع عبدالعاطي، لـ(الصيحة) إن صبر الخرطوم حيال ممارسات جوبا خلال الفترة الماضية يكاد يكون عجل بدعوة لعقد باجتماع طارئ من الوساطة الأفريقية في مايو الماضي تمت خلاله مناقشة القضايا العلاقة بين الجانبين حيث تم اتفاق مشترك حول كيفية إدارة ملف الحدود والمنطقة الآمنة منزوعة السلاح والخط الصفري وآليات المراقبة ، لكن قبل أن يجف حبر ذلك الاتفاق الأخير بين الجانبين، عادت جوبا إلى دعم الحركات المتمردة وساعدت في هجومها الأخير على شمال وشرق دارفور بمساندة قوات مناوي القادمة من ليبيا.

مشيراً إلى أنه لاشك أن جنوب السودان جهزت حركات دارفور المتمردة وقطاع الشمال للاستفادة منهما إن لم تستطيعا تغيير النظام في السودان، يبقي واجبهما حماية النظام في جوبا ويظهر ذلك بوضوح من خلال مشاركة الحركات السودانية المتمردة في الحرب في جنوب السودان والوقوف إلى جانب الجيش الشعبي ، فقد ظلت جوبا تقدم لها الدعم المالي والعسكري والتدريب والإيواء في خرق واضح لجميع القوانين والمواثيق والدولية.

ونوه ربيع إلى أن رسالة تعبان دينق حاملة في ظاهرها سبل تعزيز العلاقات مع السودان وإنفاذ الاتفاقيات الموقعة بين الطرفين منذ العام 2012م ، والتى لم تنفذ جوبا منها سوى الاتفاقية الخاصة بالنفط ، فضلاً عن أن تعهدات تعبان دينق اتسمت بعدم المصداقية للشارع السوداني إذ سبق له أن تعهد بطرد الحركات السودانية عن أراضي جوبا ومالبث أن تم دعمها بالسلاح والعتاد لزعزعة الأمن في دارفور.

شد وجذب
يوضح الساعوري أنه بالنظر إلى العلاقات بين السودان وجنوب السودان ندرك أنها مرت بكثير من حالات الشد والجذب منذ الانفصال إثر احتضان جوبا لحركات التمرد الدرافورية وقطاع الشمال، لكن التطورات الأخيرة التي حدثت في جنوب السودان ألقت بظلالها الإيجابية على العلاقات السياسية والأمنية بين الدولتين ، وكان لاستعداد السودان التغاضي عن دعم وإيواء جوبا للتمرد دور كبير في تجاوز العقبات والوصول إلى سقف من الاتفاقيات لتحقيق مطلوبات الجوار الآمن بين الدولتين. وشمل ذلك استقبال السودان للأعداد الهائلة من النازحين الجنوبيين وتسيير قوافل المساعدات الإنسانية الرسمية والشعبية لإغاثة المتضررين ، غير أن جوبا لم تستطع كف أذاها عن السودان.

ويبدو أن جوبا أدركت أن الخرطوم ستضع على منضدة قمة الاتحاد الإفريقي سجل جوبا في دعمها وإيوائها للحركات السودانية المتمردة وتهديدها للأمن القومي السوداني من خلال دعمها للحركات ومخالفتها لاتفاقية عدم الدعم والإيواء الموقعة بينها والخرطوم من قبل الاتحاد الأفريقي ، وأغلب الظن أن جوبا ساعية لكسب الوقت والحيلولة دون خروج قرار إفريقي بإدانتها جراء إيوائها للحركات المتمردة.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة