تحقيقات وتقارير

السفير السعودي “علي بن حسن جعفر” في مؤتمر صحفي ساخن بالخرطوم


في أوج الأزمة الخليجية التي اشتد رحاها بين المملكة العربية السعودية وحلفائها في مواجهة دولة قطر، وفي ظل الاصطفاف الذي أفرزته تلك الأزمة بين الدول العربية وما صاحبه من حراك دبلوماسي كبير وتدخلات ودعوات من دول العلم بضرورة حلها، عقدت سفارة المملكة العربية السعودية بالخرطوم لقاءً إعلامياً كبيراً عدّته هي لقاءً تعريفياً بين سفيرها “علي بن حسن جعفر” والإعلاميين السودانيين، لكنه تحول إلى مؤتمر صحفي ساخن طاف بكل القضايا منها الثنائية بين السودان والمملكة وما هو متعلق بالأزمة الخليجية وغيرها من القضايا التي جرى الحديث عنها من قبل سفير المملكة بصراحة تارة وباستخدام اللغة الدبلوماسية تارة أخرى، وفي كلٍ لم تخل إجابات السفير من الإثارة والهجوم الكاسح على دولة قطر، ورغم ذلك كان في كل مرة يعود السفير متمنياً لتلك الأزمة نهاية سعيدة تحافظ على اللحمة الخليجية، سيما وأن المهلة التي منحتها دول المقاطعة لقطر انتهت وبات الجميع في انتظار الموقف النهائي.
{ لقاء صادف الأزمة
بدأ السفير السعودي حديثه بالتأكيد على أن لقاءه بالإعلاميين لم يكن مرتباً له أن يكون متزامناً مع الأزمة الخليجية، لكن الظروف هي التي قادت لأن ينعقد في ظل الأزمة الناشبة الآن بين الدول الخليجية، ومضى السفير ليقول إنه عني من اللقاء أن يكون تعارفياً من أجل التواصل بينه ووسائل الإعلام السودانية التي قال إنها مثال للرصانة والموضوعية والاهتمام بقضايا البلد والمنطقة ككل.
{ احترام السعوديين للسودانيين
أحد المحاور المهمة التي ارتكز عليها السفير السعودي وهو يبدأ حديثة هو محور العلاقات السودانية السعودية، التي وصفها بالممتازة في ظل قيادة البلدين، وقال إنهم حريصون كل الحرص على تطويرها والمضي بها إلى رحاب أفضل مما هي عليه الآن وفي شتى المجالات، ولم ينس أن يشير إلى ما يحفظه السعوديون للشعب السوداني من مواقف قوية مع بلادهم وفي شتى المجالات، ليس آخرها بالطبع وقفة السودان ومشاركته في “عاصفة الحزم” لإعادة الشرعية في اليمن ولحماية الحرمين الشريفين، فضلاً عن مشاركته في تمريني “درع الشمال” و”الدرع الأزرق”، وكشف عن انعقاد اللجنة السياسية المشتركة بين البلدين أمس في مدينة جدة لمناقشة الكثير من القضايا والملفات، من بينها ما أثير بخصوص الرسوم التي فرضتها المملكة على الأجانب والتي تأثر بها السودانيون المقيمون هناك، مبدياً أمله في أن ترتقي اللجنة المشتركة بين البلدين إلى مستويات أفضل مما هي عليه الآن.
{ جوانب مضيئة
السفير السعودي أكد أن هناك كثيراً من الجوانب التي وصفها بالمضيئة بين البلدين في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية، وكشف عن مؤتمر عربي كبير يقام في شهر نوفمبر المقبل ينعقد بالسعودية لدعم التنمية والإعمار في السودان.. وبشأن الاستثمارات السعودية في السودان ونظرة البعض لها بأنها لا ترقى لمستوى العلاقة بين البلدين، عدّ السفير الاستثمارات السعودية في السودان جيدة ومستمرة وهي في تطور نوعي، مشيراً إلى أن هناك تطلعاً بين الدولتين لأن تكون تلك الاستثمارات أفضل مما هي عليه الآن، لافتاً إلى وجود آليات تقوم بجهود كبيرة.. وقطع السفير بأن استثمارات بلاده القائمة الآن بلغت (11) مليار دولار، وفي مجملها بما في ذلك تلك التي تحت التشييد تبلغ (26) مليار دولار، ومضى ليقول إنه حضر لقاءات كثيرة بين قيادة البلدين جرت وسط حميمية كبيرة تؤكد صدقهما في المضي قدماً بالعلاقات إلى مستوى أفضل.
وبشأن زيارات رئيس الجمهورية المتكررة إلى السعودية وعدم حضور أي مسؤول رفيع من جانب المملكة إلى السودان وعد السفير بزيارات في القريب العاجل على مستوى رفيع من قيادات المملكة إلى السودان.
{ الفريق “طه” حاضر في اللقاء
لم يخلُ المؤتمر الصحفي أو اللقاء التعارفي كما سماه السفير السعودي من الإثارة، حيث كانت قضية الفريق “طه عثمان الحسين” مدير مكاتب رئيس الجهورية السابق حاضرة ومكان استفسارات الصحفيين، خاصة بعد أن تواترت أنباء عن وصول “طه عثمان” إلى أديس أبابا التي تشهد هذه الأيام انعقاد قمة الاتحاد الأفريقي ضمن وفد مقدمة وزير الخارجية السعودي كمستشار له، لكن السفير “علي بن حسن جعفر” نفى علمه بما إذا كان الفريق “طه” تم تعيينه فعلاً مستشاراً لوزير الخارجية أم لا، لكنه عاد ليقول إن بالسودان كفاءات علمية وإدارية مشهود لها بالمقدرة والخبرة، مشيراً إلى أن تلك الكفاءات استفادت منها دول كثيرة ومنظمات ومن بينها بطبيعة الحال المملكة العربية السعودية، وعاد السفير ليقول إن قرار إقالة الفريق “طه عثمان” من منصبه قرار سوداني ولا علاقة للمملكة العربية السعودية به، وقال: (سياستنا عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول)، ومضى ليقول: (الأمر عادي، أن نستقل كفاءات سودانية ذات علم وخبرة).
{ موقف السودان من أزمة الخليج
بعد أن نسب للسفير السعودي خبر طالب من خلاله السودان باتخاذ موقف واضح حيال الأزمة الخليجية، كان لابد من التطرق إلى هذه القضية حيث كان رد السفير بالقول إنه لم يطلب من السودان تحديد موقف من الأزمة مع أو ضد السعودية، مبيناً أنه تمنى أن يكون للسودان رأي إذا ما كان رد دولة قطر سلبياً بشأن المطالب التي دفعت بها السعودية وحلفاؤها، وتابع بالقول: (نحن دولة تحترم الشؤون الداخلية ولا نفرض شروطاً على الدول)، وأضاف: (لم نطلب من أي دولة اتخاذ موقف حيال الأزمة الخليجية).
{ العقوبات الأمريكية على السودان
بحكم ما أشيع بأن للمملكة العربية السعودية أدواراً كبيرة لعبتها وما زالت بشأن العقوبات الأمريكية المفروضة على السودان، كان لابد من إثارة القضية في المؤتمر الصحفي، حيث أكد السفير السعودي دور بلاده الكبير في رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان عادّاً ذلك الدور من صميم مبادئ بلاده التي درجت على نصرة البلدان العربية والوقوف معها في أزماتها، وتابع السفير قائلاً: (هناك مؤشرات تحمل تفاؤلاً برفع العقوبات الأمريكية عن السودان).
{ الأزمة الخليجية
عندما حانت الفرصة للسفير السعودي للحديث عن الأزمة الخليجية وما أسفر عنها من مقاطعة لدولة قطر، قال إن صبر بلاده قد نفد في ظل تمادي قطر في ممارساتها ودعمها لما وصفه بالإرهاب والجماعات الإرهابية حتى بات الأمر مهدداً لأمن بلاده، رافضاً بشكل قاطع ربط الأزمة واندلاعها بزيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية “دونالد ترمب” إلى السعودية، منوهاً إلى أن ممارسات قطر ظلت قائمة منذ العام 1995م إلا أنها تزايدت وصارت مهددة لبلاده في العام 2014م ما حدا ببلاده إلى اتخاذ موقف المقاطعة الذي سبقته وعود قطرية كثيرة بالكف عن نهجها في دعم النشاطات والجماعات الإرهابية، فضلاً عن دعم جماعة “الحوثي” باليمن، ومضى ليقول إن المملكة لم تتعامل مع قطر كعدو، داعياً القطريين إلى العودة إلى رشدهم، حسب قوله، لافتاً إلى تطلعهم لحل الأزمة بما يحقق الوحدة والتكامل الخليجي، وتابع بالقول: (نسأل الله أن نسمع خبراً مفرحاً بأن الأزمة قد أسدل الستار عليها بما نتمناه جميعاً)

المجهر السياسي