تحقيقات وتقارير

دوافعها سياسية أكثر منها اقتصادية مكافحة غسيل الأموال.. نهج لإصلاح اقتصادي


اعتمدت مجموعة وحدات المعلومات المالية “أغمونت” عضوية السودان عقب استيفائه معايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وسبق أن وضع اسم السودان ضمن قائمة الدول التي لديها قصور في مكافحة غسيل الأموال ليس بسبب غسيل الأموال وإنما لوجود ثغرات في قانون مكافحة غسيل الأموال الذي كان غير مواكب ومحكم إلا أن الدولة عملت على تدارك الثغرات وتعديل القانون بإجازته من قبل المجلس الوطني، ولاشك أن هنالك تأثيرات اقتصادية مهمة قد تصيب اقتصاد البلد التي يتم فيها غسيل الأموال من أهمها تدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية الناتج عن زيادة السيولة وبالتالي ازدياد الطلب الذي يعمل على زيادة نسبة التضخم وبالتالي رفع المستوى العام للأسعار، ويعتبر مكافحتها نوعاً من التحكم في الجرائم وإيقاف العمليات غير القانونية مثل المخدرات والدعارة والإرهاب والقمار، ويرى اقتصاديون أن أثر غسيل الأموال اجتماعي أكثر منه اقتصادي باعتبار أنها ضارة بالأمن والمجتمع، وتعاظم الاهتمام في السودان بقضية غسيل الأموال في منتصف التسعينيات عقب ارتباط السودان برعاية الإرهاب الأمر الذي قاد الدولة الى اتخاذ عدة إجراءات لمكافحة الظاهرة بإنشاء اللجنة الإدارية لمكافحة جرائم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وحددت اختصاصاتها وسلطاتها بأنها السلطة الإدارية العليا في مكافحة جرائم غسيل الأموال وتختص بوضع السياسة العامة والخطط والبرامج وغيرها من المهام ذات الصلة بما فيها التحري الإداري فيما يشتبه في أنها عمليات غسيل أموال.

خلو البلاد منها
ويرى رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني علي محمود لـ(الصيحة) أن الانضمام للمجموعة مفيد للبلاد لجهة أن قضية غسيل الأموال جرائم يعاقب عليها القانون في جميع الدول التي يحكمها القانون الدولي وهي سلوك غير مقبول بأي حال من الأحوال وأي دولة تمارس غسيل الأموال تعمل ضد مصالح شعبها والشعوب الأخرى، واعتبر التزام الدولة بمحاربة غسيل الأموال بالإيجابي، جازما بأن السودان خالٍ من غسيل الأموال بطبيعة الحصار الاقتصادي المفروض على البلاد يتعذر دخول أموال إليه سوى بعض الأموال التي تأتي عن طريق المصارف والبنوك وهي أموال مخدرات وتجارة السلاح، مؤكدًا أن النظام المالي الخاص بالبلاد لا يسمح بهذه الظاهرة خاصة وأن غسيل الأموال تحتاج الى اقتصاد واسع ومتنوع وفيه فرص تساعد على عملية غسيل الأموال، وأضاف أن نشاط غسيل الأموال في السودان غير ظاهر، مشيراً إلى وجود لجنة برئاسة وكيل وزارة المالية وعضوية وزارة العدل ومحافظ بنك السودان المركزي وعدد من المسوؤلين من جهاز الأمن والشرطة والأجهزة المختصة مهمتها مكافحة الظاهر منذ فترة طويلة، مؤكدًا صدور أي حديث إيجابي في صالح السودان يصب في نفس الخانة التي تساعد في رفع العقوبات الأمريكية عن السودان، واصفاً وجود غسيل أموال بالسودان بالمزاعم وليس حقائق.

ضرورة ملحة
ويرى مراقبون أن مكافحة غسيل الأموال تحتاج إلى التنسيق بين الأجهزة العدلية والأمنية المحلية والإقليمية والدولية والتعاون في مجال تبادل المعلومات والتحقيقات المشتركة وإنفاذ القرارات القضائية لمكافحة جرائم غسيل الأموال وحماية الاقتصاد القومي ومكافحة دخول أموال مشبوهة للاقتصاد وحركة النظام المصرفي بالبلاد سيما أن غسيل الأموال يدخل في التشريعات، وإن مكافحتها تعتبر نوعاً من التحكم في الجرائم وإيقاف العمليات غير القانونية مثل المخدرات والدعارة والإرهاب والقمار، أن أثر غسيل الأموال اجتماعي أكثر منه اقتصادي باعتبار أنها ضارة بالأمن والمجتمع، خاصة وأن غسيل الأموال نابع من نشاط غير قانوني يتمثل في المخدرات وعمليات الإرهاب والاختطاف الأمر الذي يوفر أموالاً كثيرة تجعلهم يرغبون في إدخالها في النظام المصرفي وتحويلها من بلد الى آخر عبر النظام المصرفي العالمي، فيما يرى البعض عدم حدوث ضرر من عملية غسيل الأموال على الاقتصاد الكلي للبلاد وخروج الاقتصاد منها تماماً.

مؤشر إيجابي
ويشير الخبير الاقتصادي دكتور عبد الله الرمادي لـ(الصيحة) أن استيفاء السودان معايير مكافحة غسيل الأمول وتمويل الإرهاب يعمل على تأهيله للدخول ضمن المجتمع الاقتصادي الدولي بشفافية ونزاهة، واعتبرها مؤشرات إيجابية جاءت متعاقبة عقب رفع الحظر الأمريكي الجزئي، مبينا ًأنها في الأساس تهم تلصق بالدول بدوافع سياسية أكثر من كونها اقتصادية، وأضاف أن الحظر الجائر غير المبرر الذي حدث للسودان لم يكن يجرم السودان اقتصادياً وإنما لاختلاف الرأي السياسي، وهذا أسلوب غير جائز للتعامل مع الدول، وأوضح أن عالم اليوم لا يتعامل مع الموضوعات بحيادية ومهنية وموضوعية وإنما يسير حسب الأهواء السياسية للدول الكبرى وتتبعها للأسف كثير من الدول، واستدل في حديثه على ظهور بين الحين والأخر خطوة إيجابية من إحدى المنظمات ليس لأن السودان كان يتبع خطاً معوجاً وحالياً استقام وإنما بات ينظر إلى السودان بمنظار خلاف الذي كان بالماضي الأسود، داعيًا المجتمع الدولي لمزيد من التعامل والشفافية والنزاهة في التعامل بين الدول وأن يترك أسلوب الغاب، داعياً الدولة لدعم مثل هذه الخطوات الإيجابية بضبط التعامل والقطاع الخاص العام مع الجهات الأخرى وعرض الوجه السليم والصحيح والمشرف للسودان، مؤكدا أن ما ينشده السودان في الآونة الأخيرة من نهج لإصلاح الاقتصاد في البلاد وإصلاح الدولة بوابة هذا الإصلاح تمر عبر محاربة الفساد والقضاء عليه.

الخرطوم: مروة كمال
صحيفة الصيحة