تحقيقات وتقارير

دعا إلى إقامة حوار ثان .. موسى محمد أحمد .. (المساعد) ينهي شوط الحوار الأول


لسنوات ظلت قاعة الصداقة مسرحاً لأعمال الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس عمر البشير وانتهى بتكوين حكومة الوفاق أخيراً، ولكن مساعد رئيس الجمهورية، موسى محمد أحمد، ألقى عصاه، فالتقفت ذلك كله، من خلال دعواه في منبر صحافي إلى إقامة حوار ثانٍ.
وساق موسى لدعوته مبرراً يراه موضوعياً ويتمثل في مرور البلاد بحالة ضعف سياسي تمثل أساس الأزمة الوطنية، وفي الصدد شدد على ضرورة أن تضطلع الدولة بمسؤولياتها تجاه الأحزاب السياسية، من خلال تقويتها لتفادي تكرار أزمات البلاد.
واعتبر موسى أن إحداث تغيير يحسه المواطن من أبرز التحديات التي تواجه الدولة في إنفاذ مخرجات الحوار الوطني، مؤكداً في اللقاء التنويري بولاية البحر الأحمر معقل ثقله الجماهيري، أن ترسيخ قيم الحوار لإحداث تطور في كافة الأصعدة، إلى جانب زيادة الإنتاجية، أمراً يتطلب تفكيراً جماعياً في إشارة قد تنطوي على عدم رضا من تقسيمات الجهاز التنفيذي في الحكومة الأخيرة.
رسالة مبطنة
يمكن القول إن موسى دس في مطالبته بقيادة الدولة عبر مواعين الفكري الجمعي رسالة إلى حزب المؤتمر الوطني الحاكم مفادها أن الأخير ممسك بمفاصل الدولة باستحواذه على النصيب الأكبر في حكومة الوفاق، في مقابل الضعف البائن الذي يعترى القوى السياسية المشاركة والمعارضة على حدٍّ سواء.
وكان موسى أشار علانية إلى أن أزمة البلاد تكمن في الضعف السياسي الذي تعاني منه الأحزاب وبالتالي طالب الحكومة بالعمل على تقوية القوى السياسية لكن دون أن يوضح الدور المطلوب من الدولة تفصيلاً لإحداث التوازن السياسي.
دعومات مالية
أول ما يتبادر للذهن بالحديث عن تقوية الأحزاب السياسية بواسطة الدولة، هو الدعم المالي، حتى أن بعض القوى السياسية أعلنت ذلك صراحة لا سيما في موسم الانتخابات.
وبالرغم من حالة الرفض الشديدة للمال الحكومي من قبل جل القوى السياسية، اعترف الأمين العام المكلف للحزب الاتحادي المسجل، د. أحمد بلال عثمان، بتلقي حزبهم لدعم مالي من المؤتمر الوطني لمقابلة تكاليف الإنفاق على حملاته في آخر انتخابات عامة جرت في 2015م.
لكنه في الغالب الأعم، يمكن القول إن موسى لم يرد تدخل الدولة مالياً وإنما عنى توفير مساحة الحرية للأنشطة السياسية.
وسبق لموسى أن اتخذ موقفاً شبيهاً بمقاطعته الشخصية للترشح في الانتخابات العامة 2015 وظهور ممثلي حزبه في البرلمان بصورة أقرب لكتلة المعارضة منها إلى كتلة المؤتمر الوطني الحاكم.
موقف مغاير
يرى النائب البرلماني، والأمين السياسي للمؤتمر الشعبي السابق، كمال عمر المحامي، في موقف موسى محمد أحمد، أنه موقف متوقع بناءً على مواقف المساعد السابقات كما جرى في رفضه للمشاركة بشخصه في الانتخابات الأخيرة، ضف إلى ذلك اتخاذ نواب حزبه في البرلمان لمواقف مغايرة لكتلة المؤتمر الوطني.
وأكد كمال في حديثه لـ “الصيحة” موافقته لما ذهب إليه موسى في ملف الحوار، مضيفاً بأن مخرجات الحوار في حالة احتضار، بل هي في غرفة الانعاش، بعد تركيز المؤتمر الوطني إنفاذ مخرجات الحوار في شقها الشكلي بتكوين حكومة الوفاق وإضافة أعضاء للبرلمان فيما لا يزال الوطني محتفظاً بآليات تنفيذ مخرجات الحوار بالأغلبية وليس بالبرنامج وذلك عبر الاستحواذ على اللجان المهمة في البرلمان، وإجهاض التعديلات الدستورية، قائلاً إن ذلك قد وضع آليات تنفيذ مخرجات الحوار بكلياتها في يد المؤتمر الوطني.
تدجين
وافق كمال على ما ذهب إليه مساعد الرئيس في مطالبته بإجراء حوار جديد لإنقاذ مخرجات الحوار بحوار آخر يعيد النصاب الحقيقي للقوى السياسية مضيفاً بأنه لا يقصد القوى السياسية المشاركة في الحوار ولجنة (7+7) التي تم تدجينها وأصبحت تابعة للمؤتمر الوطني (حد تعبيره)، منوهاً بتولية أعضاء من اللجنة مناصب وزارية بينما تحول آخرون صوب المؤتمر الوطني، مردفاً بأن اللجنة العليا لتنفيذ مخرجات الحوار باتت غير فاعلة في المشاركة في السلطة التنفيذية وقضى عليها تمامًا الآن، وزاد: لا توجد جهة تنفذ مخرجات الحوار الا المؤتمر الوطني، مشدداً على ضرورة التفكير والعمل الجماعي لتنفيذ المخرجات، بمشاركة الجميع وليس المؤتمر الوطني وحده متابعاً: موسى أصاب كبد الحقيقة، ولا بد من حوار سياسي جديد.
أحزاب مرتشية
بشأن دعوة الإصلاح السياسي، قال عمر إنه يشمل كل الساحة السياسية من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حتى تتعافى من الضعف الذي تعاني منه حالياً، واستبان بوضوح في المشاركين بالحوار من حيث الفكر والنضج والبناء السياسي، وقال إن الاحزاب المعارضة بعد فشلها في إسقاط النظام تعاني الضعف بفعل متعمد نتيجة الحصار الذي ضربه المؤتمر الوطني على حريتها ومواردها وحظر نشاطها، علاوة على استنساخ المؤتمر الوطني لأحزاب موالية له من الأحزاب الكبيرة، قائلاً إن المؤتمر الوطني حزب سلطوي مستفيد من وجوده في السلطة وتتطلب ازالة هذه التشوهات اتاحة الحريات، واستباق الإصلاح السياسي بإصلاح دستوري وقانوني، ومضيفاً بأن ذلك لن يأتي إلا بحوار جديد.
وعن رؤيته لتقوية الأحزاب التي طالب بها موسي قال انه يفهمها ان هذه التقوية ليس بدعمها ماليا وانما بتعديل الدستور والقوانيين واتاحة الحريات معتبراً الدعم المالي يخلق احزاباً (مرتشية) ليس لها قيمة ديمقراطية ولا تسعى للحرية.
انتظار
من جانبه اعتبر النائب البرلماني، القيادي بالمؤتمر الوطني، محمد الحسن الامين حديث موسي بانه غير موفق من نأحية التوقيت والمضمون، ونوه الى أنه ليس من مسؤولية حزب او أي جهة التصدي لتقويم الاحزاب التي يتوقف نجاحها وفشلها على برامجها وجماهيرها، مضيفاً في حديثه مع “الصيحة” بأن الدولة كتلة صماء ليس لها قيم وأهداف تتمثل في توجه سياسي معين، ولذلك خلص إلى أن الدولة غير معنية بتقويم وتهذيب وتربية الأحزاب.
وفسر الأمين حديث موسي بأنه يشي بـ (وزنة) بين وجوده في السلطة وترضية الجهات الغاضبة والمعارضة مشيراً الى أن هذا مسار خاص به وليس للدولة ولا الحوار الوطني علاقة به، وذلك بحسبان أن مخرجات الحوار تنزلت على أرض الواقع بتشكيل حكومة الوفاق وإدخال الإضافات التي أوصت بها على البرلمان وتعديل الدستور، داعياً إلى إمهال الحكومة وقتاً قبيل الحكم عليها وصولاً لكتابة الدستور الدائم وانتخابات 2020م.

الصيحة