مقالات متنوعة

سعدية النكدية.. والعقوبات الأمريكية


عاتبني أحد الأصدقاء الأسفيريين.. على استراحة الجمعة التي كانت بعنوان (إنهم يفضلونها هكذا).. كتب قائلاً انه أحبط لمقالي فقد كان يتوقع مقالاً مواكباً لتأجيل رفع العقوبات الأمريكية عن السودان.. والحقيقة انه ليس الأول الذي يتهمني بالتغريد خارج السرب.. فنحن الشعب السوداني نرى الكتابة عن أمور السياسة هي الأولى.. ولاشيء يعلو فوق صوت المعركة السياسية.

قررت أن أكتب رأيي.. على مسؤوليتي الشخصية.. فاحترت واحتار دليلي.. هل أكتب تعبيراً عن حال الحكومة السودانية مقالاً ابدأه بأغنية ود الأمين (شال النوار.. ظلل بيتنا من بهجة وعدك وما جيتنا).. واختمه بـ(أغالط نفسي في أصرار.. وأقول يمكن أنا الماجيت).. ولا أكتب مخاطبة الإدارة الأمريكية التي ظلت تعاملنا رافعة شعار (بعيونك تقول لي تعال وتعال.. بي قليبك تقول لي.. لا ما في مجال).. هب أنني وجدت البداية والختام.. ما الذي ساكتبه في المتن؟؟
الحقيقة أنني كنت أنتظر الموعد كما الكثيرين.. وأردد (ها أنا الآن الترقب وانتظار المستحيل ). ولكن ماذا أفعل لسعدية النكدية التي ظلت تنغص علي.. فقد ظلت تهمس لي (يعني الحيحصل شنو؟؟.. مثلا كدي قولي لي).. فأرد بحماس (كيف ياخ.. التصدير يشتغل.. والاستثمارات تزيد.. والعملة الصعبة تدخل البلد.. والأسعار ترخص.. والرخاء يعم.. وووو).. ألتقط أنفاسي.. وهي تنظر إلي بابتسامة ساخرة.. .وتسألني (كدي قولي لي.. دا ما الكلام ذاتو.. بتاع البترول؟؟ وينو خير البترول؟؟ دا ما ياها نفس الشعارات بتاعة اكتشاف الدهب؟؟ وينو خير الدهب؟؟.. خلي دا كلو.. دا ما كلام سد مروي؟؟ وين السد الرد؟؟).. لعنة الله عليها هذه النكدية.. في داعي هسه لبعث الذكريات المؤلمة هذه؟؟

واستطردت النكدية حتى قلت ليتها سكتت.. (الخير يخص في بلدنا دي.. لو إنتي فاكرة الضائقة الحاصلة دي سببها الحصار الأمريكي.. تبقي تبالغي.. إنت عارفة إنو السبب الأساسي هو سياسة رزق اليوم باليوم وعدم التخطيط.. حتى رفع العقوبات دا.. مافي زول وضع احتمال ولو 1 % إنو ما يترفع أو يتأجل.. مافي أصلاً بلان بي)..ضحكت أنا في تلك اللحظة وقلت لها (بلان بي نحن عايشين بيها من زمان.. ما هو اقتصاد الحصار دا.. بلان بي.. أكتر من كدا كان حيحصل شنو.. على رأي المثل قالوا للقرد حنسخطك.. قال بختي.. يمكن يقلبوني غزال).. على هذا الأساس.. لن تسوء الأمور أكثر مما هي سيئة.. وتأجيل رفع العقوبات استغرب تضجر الحكومة منه.. فلو تم رفعها.. ما هو العذر الذي كانت ستسوقه سبباً لتردي الاقتصاد وسوء أحوال المعيشة؟؟.. هاهي أمريكا تمنحكم ثلاثة أشهر لتدبر العذر المناسب.. ذلك إنو سعدية النكدية.. عارفة.. إنو إنتوا عارفين إنها عارفة..

يا صديق الأسافير.. مش كان تخليني ساكتة أحسن؟؟ هاهو مقالي.. عبر عن حالي وحال الحكومة السودانية.. التي صارت كالمنبت لا أرضاً قطع.. ولا ظهراً أبقى.. وبعد داك.. رجعنا بخفي حنين.. والخلفية موسيقى تنبعث من مسجل عم آدم.. (يخاصم يوم.. ويرجع يوم.. ويعذبنا في ريدو.. ويتحدانا يوم يزعل.. تقول أقدارنا في إيدو).

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة