رأي ومقالات

تمر الأحداث والأخطاء وقضايا الرأي العام في السودان رغم قسوتها وفداحتها مرور الكرام


أكثر من غلطة!
لا أحد منكم، نسي الجدل الذي أثاره أبو بكر حمد، وزير العدل السابق، الذي قيل إنه زور شهاداته الجامعية وأوقف من أداء القسم لهذا السبب.. الرجل ظل إلى يوم تعيين إبراهيم جميل وزير العدل الحالي، يرسل رسائل “مدهشة” إلى قائمة من الصحفيين – أنا منهم – تحمل نشاطات غير معلنة كان يؤديها، مثل تشريفه إفطارات رمضانية ومخاطبته الحضور باعتباره وزيراً للعدل، وتقديمه وعود إلى “صغار المنتجين” بمساعدتهم في تحسين معاشهم، وأشياء أخرى لا تتسع المساحة لذكرها.

المهم، أن هذا الوزير المتهم بتزوير شهاداته الجامعية، لم يفتنا أحد في أمرِه، ولم نعرف إن كنا ظلمناه بالترويج لتهمة التزوير، أم أنه مزوراتي وتغاضت السلطة عنه.. كانت قضيتهُ قضية رأي عام، لم نسمع توضيحات حولها، كل ما هناك أن تم تعيين وزير جديد وانتهى الأمر، كأن شيئاً لم يكن!

وقبل أسابيع، أعفى رئيس الجمهورية مدير مكتبه الفريق طه عثمان، من جميع مناصبه، ولم نترك في الإعلام جوازاً سعودياً أو طموحاً شخصياً إلا وتحدثنا عنه، وحينما رأى الفريق طه أن يتحدث بعبارات قليلة، قال لصحيفة التيار إنه يتابع ما يُكتب عنه، إلا أن “خلافه مع الإسلاميين خلاف استراتيجي” ولا يستطيع أن يعمل معهم!

ورغم أننا لم نأتِ بذكر الإسلاميين، إلا أن طه خصهم بالتحديد، ومرت إقالته وأسبابها دون توضيح، وتوزعت التحليلات وتباينت الرؤى، وما زال غموض إقالته موجوداً.

ومنذ يومين، رفع الاتحاد الدولي لكرة القدم، التجميد عن السودان، بعد أن “تفشى الخبر وذاع وعم القرى والحضر”، رفع الفيفا التجميد، بعد إبعاد منتخب السودان وبعد إقصاء الأندية من البطولة الإفريقية، وإبعاد حكام السودان من المشاركة في البطولات الدولية.. رفع الفيفا التجميد بعد أن تشوهت صورة السودان الرياضية، وأصبحت سيرته في أي مكان، وأظهرنا للعالم “أن حكومتنا تتدخل في كرتنا”.

رُفع التجميد، بعد أن اتضح للجمهور الرياضي وجود عناصر لا علاقة لها بقوانين وتشريعات الكرة، أدخلت الرياضية في نفق مظلم ومع ذلك سيمر الأمر دون محاسبة ودون عقاب!

وأمس الأول، اتهم وزير الإعلام أحمد بلال قناة الجزيرة دون سائر القنوات، بالعمل على إسقاط النظام وإثارة الفوضى في مصر، ثم نفى أنه قال ذلك، فنشرت تلك القنوات مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي لتؤكد ما نُسب إليه، فعاد وحاول أن يوضح في تسجيل آخر أنه قصد أن لا تتدخل القنوات “جميعها” في شؤون الدول!

تمر الأحداث والأخطاء وقضايا الرأي العام هنا في السودان رغم قسوتها وفداحتها مرور الكرام.

في صحيفة (السوداني) أول ما يفعله رئيس التحرير لمن يتأخر عن اجتماعه 10 دقائق، أن يخصم يوماً من مرتبه، ثم بعد ذلك يفكر في العقوبة المناسبة، لكننا لا نسمع رأياً أو نشاهد محاسبة لقضايا كانت على سيرة كل لسان!

لينا يعقوب