طبيب: المؤسف أن كثير من السودانيين تحولوا فجأة إلى خبراء في تطابق الأنسجة وبروفيسرات في زراعة الأعضاء

الإنتشار الواسع لأكاذيب الخطف لأجل تجارة الأعضاء – لا أتحدث عن الإختفاء لأسباب أخرى- تنم عن ضعف الأمن المعلوماتي لمجتمعنا وأنه غير محصن ضد الغزو الثقافي أو الحرب المعلوماتية، وبإمكان أي جهة أجنبية تود غزونا إعلامياً أن تفعل ذلك بكل سهولة، ونحن في عصر رقمي الغزو فيه بالكلمات والقنوات أخطر من الغزو بالدبابات والطائرات.

الأمر الثاني هو الإصرار على الجهل ، والجهل في حد ذاته ليس عيباً فأنا كطبيب أجهل في الهندسة والفيزياء والجيولوجيا والحياكة والتطريز والميكانيكا وغيرها من علوم الإختصاص، وحين يستشكل علىّ أمرٌ أسأل المختصين وأنهل من علومهم بأدب التلميذ مع الأستاذ دونما إستكبار أو أنَفه، فمن تواضع للعلم علِم ومن تكبر جهِل ومن جادل بغير علم جهّل نفسه وغيره.

المؤسف أن كثير من السودانيين تحولوا فجأة إلى خبراء في تطابق الأنسجة وبروفيسرات في زراعة الأعضاء ويجادلونك “بقوة عين” والواحد منهم لم يزرع في حياته ولو “بصلة مكادة”..!

كمختص في زراعة الأنسجة البشرية أقول : أن زراعة الأعضاء لا تتم بهذه الصورة الخيالية التي يُروج لها في وسائل التواصل الاجتماعي بواسطة مرضى النفوس وناشري الذعر بين الناس، وأن بعض الأعضاء يحدث بها ضرر كبير إذا لم تنقل خلال ساعة ناهيك عن أساطير التصدير للخارج -كأنها كاتشاب- وبقية الهرطقات الساذجة.

أما تطابق الأنسجة HLA Typing فهو عملية معقدة وتأخذ أحيانا أيام لعملها، وأي خطأ فيها كارثي قد يؤدي إلى رفض العضو المزروع أو Graft Versus Host Disease فوراً وقد تؤدي للوفاة، كما أن عملية الزراعة تتطلب وجود أجهزة ومعدات دقيقة لا توجد في المستشفيات العادية بل في المتخصصة فقط وبالتالي سيناريو وجود غرفة عمليات في منزل سري يقوم فيها أطباء بإجراء هذه الجرائم هو مهزلة تصلح لفيلم خرافي جميل يعرض على إم بي سي آكشن وأوافق على لعب دور البطولة فيه مناصفة مع فتاة ذات جمال حاد شرير ?

الخلاصة : ليس كل ما يلمع ذهباً وليس كل ما يدهش في الواتساب حقيقة، تثبتوا، لا تصدقوا كل ما تقرأوه، إسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

لؤي المستشار
طبيب أمراض وأورام الدم وزراعة الخلايا الجذعية