تحقيقات وتقارير

حسـبــو.. الضــرب في المليــان


في مدينة الديبيات والشمس تخبئ نفسها وراء كتل من السحب الماطرة إيذاناً بنهاية يوم في تلك المدينة وبداية يوم آخر في مكان ما، جلست مع الزملاء نزار من (المجهر) وابوبكر من (الاهرام اليوم) وبهاء الدين من صحيفة(التيار) بمعية السائق الودود محمد صالح،

جلسنا لنتقهى في راكوبة فعل بها الدهر ما فعل. بائعة الشاي سألتها عن الأوضاع المعيشية والأمنية في المدينة، ردت عليَّ بالحمد لله وسكتت!! قالت لي أبو الأولاد حينما كان موجوداً لم نكن نحتاج للخروج للعمل. وحينما سألتها عنه، ردت بأسى إنه قُتل في نزاع قبلي قبل أكثر من عامين. من هنا أدركت أهمية القرار الذي أصدرته الرئاسة بجمع السلاح حقناً للدماء وحماية للأرواح، حيث تم إسناد تلك المهمة لنائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن والذي طاف ولايات دارفور الخمس الأسبوع الماضي وشمال وغرب كردفان أمس وأمس الأول. في كل تلك الولايات كانت رسائل حسبو واضحة وصريحة وهو نهج جديد في التعامل مع القضايا، حيث كان في السابق هناك لين ومرونة في التعامل خاصة مع رجالات الإدارة الأهلية، إلا أن زياراته تلك، وخاصة زيارة الأمس لمدينة الفولة بغرب كرفان، كانت زيارة خير، حيث تغيرت اللهجة، وبدأ الحضور في قاعة المجلس التشريعي مشدوهين وفاغري أفواههم يتساءلون في سرهم عن ما الذي يجري. استهل حسبو حديثه بعد سماعه لرجال الإدارة الأهلية بالولاية وما أن بدأ حديثه، كان هناك من يهمهم بالقاعة فجاءت عبارة(أي زول كلامي دا ما عاجبو يطلع برا)، فدخل الحضور في صمت رهيب لم يشقه إلا ضحكات خفيفات جراء حديثه وبعض الأمثال والعبارات التي استخدمها والتي كانت تتسم بالقوة والصرامة لإنجاز المهمة.
بداية فك الارتباط
قسم غليظ
وأقسم نائب رئيس الجمهورية رئيس لجنة جمع السلاح حسبو محمد عبد الرحمن بعدم التراجع عن قرار جمع السلاح والعربات غير المقننة ‘ ورفض أي تحفظ على القرار من قبل قبائل غرب كردفان، وأشار الى أن (التحنيس) و(المباراة) أفقدت الدولة هيبتها، لافتاً الى أنها كشرت الآن.
هوي يا المسيرية
وقال حسبو في لقائه قيادات الإدارة الأهلية بغرب كردفان أمس (هوي المسيرية لا الله إلا الله.. هلا هلا على الجد). ووجه والي الولاية بالقبض على نظار او أمراء القبائل الذين لم يلتزموا بدفع الديات وترحيلهم الى سواكن فوراً، مؤكداً أن عدم دفع الدية يُعد استهتاراً بالدولة. وأضاف إن قضية جمع السلاح ليست مجاملة، وحث الوالي لمحاصرة مدينة الفولة اليوم ومن بعدها النهود وبقية المحليات لجمع السلاح. وقال (عصا نايمة وعصا واقفة تاني مافي) ، ووصف قرار جمع السلاح بأنه من أخطر القرارات في السودان، وأشار الى القبض على (481) من العمد والمتفلتين بشرق دارفور وترحيلهم. وأوضح أن السلاح عطل التنمية طيلة السنوات الماضية. ووجه رسالة لمن يروِّجون للشائعات ويتحدثون عن رفض قرار جمع السلاح في وسائل التواصل الاجتماعي سنقبص عليهم ولو كانوا في أمريكا.
نماذج مؤسفة
واستشهد حسبو وقدم نماذج كثيرة لأضرار السلاح مستغرباً أن يقتل أحد ابن عمه ويذهب ويفاخر بذلك، ورد على النظار وأمراء القبائل الذين طالبوا باستثناء بعض المناطق كأبيي ولقاوة وكيلك من جمع السلاح، بأن حفظ الأمن لم يعد مسؤوليتهم وإنما مسؤولية القوات النظامية. وزاد بقوله إن السلاح الذي بأيديكم ليتكم تقاتلون به الأعداء، مشيراً الى أنهم يستخدمونه ضد بعضهم. ووجه حسبو الوالي بعدم الالتفات الى أي مسؤول او ناظر لديه حصانة، وقال لا توجد حصانة لأي شخص تم ضبط سلاح بحوزته سواء أكان وزيراً أم معتمداً.
مافي مجاملة
وفي السياق قال والي غرب كرفان أبو القاسم بركة، إن السلاح في السودان هو الذي حصد الأرواح وباعد النفوس ويتَّم الأطفال ورمَّل النساء، وأشار الى أن الرئاسة كانت حريصة على جمع السلاح لأنه السبب الأساسي في كل الدمار. وأكد الوالي دعم كافة مكونات الولاية للقرار، وحيا الرئاسة وقال إن اليوم يعد عهداً جديداً، وأضاف لن نجامل أحداً ولن نتراجع ولن نمسك العصا من النص. وقال من اليوم سنبدأ بداية جادة لكي يستطيع أي شخص الحركة بحرية، وقال إن هناك مناطق حدودية تحتاج لمعالجات كالميرم وأبيي ولقاوة، لكنه أوضح أن تلك المناطق إن تم تأمينها فإن أهلها على أهبة الاستعداد لتسليم سلاحهم.
مجتمع مفكك
من جانبه قال وزير الداخلية حامد منان إن إحدى مهام اللجنة أيلولة أمن المواطن لوزارة الداخلية مشيرا الي ضرورة التصدي للجرائم، ولفت الى تأثير الأمن القومي على الأمن البيئي. وعبَّر منان عن تقديره لدور أهل كرفان في السابق، لكنه وصف انتشار السلاح بأنه أصبح مهدداً للأمن، وأضاف إن مجتمع غرب كردفان أصبح مفككاً بسبب السلاح، وقال هناك 32 ألف يتيم جراء الاقتتال في الولاية و14355 معاق, و19 ألف أرملة و9 الف أمرأة مطلقة جراء المشاكل التي تسبب فيها السلاح.
وكشف منان عن أن غرب كردفان الولاية الوحيدة التي تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة نهاراً جهاراً، ووجه تحذيراً لمواطني الولاية بضرورة جمع السلاح مشيراً الى أن هناك أجهزة حديثة تكشف عن أي سلاح في باطن الأرض او خارجها، وأردف الأمن سينضبط وافق الناس ام لم يوافقوا، ‘قال لذا من الأفصل بـ(أخوي وأخوك) نسلم كل الأسلحة.
إجماع على القرار
رجال الإدارة الأهلية بغرب كردفان أجمعوا على أن الولاية تضررت من انتشار السلاح لكنهم طالبوا بضرورة التأمين التام لكل المواطنين. وتعهد ناظر الفلايتة عبد المنعم الشوين بالعمل لإنجاح حملة جمع السلاح ولفت الى أن السلاح سلاح ذو حدين لم يترك طفلاً او امرأة ولفت الى أنه في الأيام الماضية تم نهب 165 رأساً من الماشية حينما سمع المتفلتون قرار جمع السلاح. ببنما قال الناظر الصادق الحريكة عز الدين إنه حينما حمل المسيرية السلاح قاتلوا مع القوات المسلحة من أجل الأمن والاستقرار والسلام. وأضاف اليوم سنجمع السلاح من أجل السلام والأمن.
من كل طرف
وكيل أمير إمارة النوبة توتو عبد الله قال إنه منذ زمن بعيد نادينا بالسلام وقلنا لا للحرب وطالب بجمع السلاح من كل طرف. قريب . حماد أحد قادة الإدارة الأهلية أكد دعمهم للقرار، مطالباً باستثناء أبنائهم المغتربين ممن لديهم سيارات بتقنينها. ممثل نظارة حمر مستور بخيت قال إن منطقة دار حمر آمنة، وأوضح أن مناطقهم تسمى بالنوامة – ثعبان مسالم ما لم يتم الاعتداء عليه – لافتاً الى أنه تم الاعتداء عليها لذا تحركت. وأوضح أن الشريط الحدودي مع دارفور يعد معبراً للحركات المسلحة، داعياً لضرورة تأمينه.

ابوعبيدة عبد الله

الانتباهة


‫2 تعليقات

  1. كل الشعب مع حملة جمع السلاح و إنشاء الله القائمين بهذا الأمر أجرهم عند الله عظيم ،ونسأل الله أن يتمم هذا المشروع الذي يستفيد منه السودان وتشاد وليبيا ومصر وافريقيبا الوسطي وجنوب السودان وكل جيران السودان ودول اوربا المتضررة من الهجرة غير الشرعية ‘ولكن علي الدولة أن تلفت نظر الدول والمنظمات الدولية أنها ستستخدم القوة مع الرافضين. وأن السلاح أصبح أكبر مهدد للأمن القومي ومعطل للتنمية وعطل المجتمع المسلم من النهضة والتطور فسيروا وعين الله ترعاكم.