تحقيقات وتقارير

أم هزاع: دم ابني ليس للبيع .. والشعب السوداني أدار ظهره عن قضية الشهداء


*أم هزاع: دم ابني ليس للبيع
*الشعب السوداني أدار ظهره عن قضية الشهداء
* الوقفة مع أسر الشهداء ليست بالندوات والكلام الكاذب والمتاجرة بقضية أبنائها
* لو عندي عشرة أبناء سأقدمهم من أجل القضية الوطنية لأصبح أم الشهداء وليس أم هزاع فقط
* عاهدت هزاع قبل دفنه بأن أحمل قضيته حتى الموت

أم الشهيد هزاع امرأة أقل ما يمكن أن يقال عنها قول شاعر الشعب محجوب شريف (لو كان أعز من النساوين الرجال أنثى ولا دستة رجال).. نعم هي كذلك قدمت هزاع شهيدا في أحداث سبتمبر ولا زالت تتمنى لو أن لها عشرات الأبناء لتقدمهم شهداء حتى تصبح أم الشهداء بدلاً عن أم الشهيد هزاع فحسب.. في حوار (الجريدة) معها بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد ابنها دفعت بصوت لوم لكل الشعب السوداني الذي أدار ظهره لأسر الشهداء وحذرت من موت القضية وشددت على أنها لن تتخذ أي إجراءات قانونية للمطالبة بحق هي تعرف أنها لن تتحقق لها رغبتها فاكتفت بتدوين بلاغ جنائي لدى الشرطة. أم هزاع تأسفت لبعض الجهات التي تحاول المتاجرة بقضية شهداء سبتمبر لتخدم أجندتها الشخصية وذكرت أنها تصدت لهذه الجهات كثيرا في صفحتها على فيسبوك. ثم إنها ترفض التعويض المالي عن دم ابنها وتنتظر القصاص.

*في الذكرى الرابعة لأحداث سبتمبر أين وصل ملف قضية الشهداء؟
بالنسبة لي أنا لم أتقدم بشكوى ومتيقنة من أنني لن أجد ما أريده، فقط دونت بلاغاً في الشرطة لحظة مقتل ابني الشهيد هزاع ولم أتخذ أي إجراءات أخرى. نعم كان لدي أمل أن اقتص لولدي ولكن تصريحات بعض المسؤولين بوصف الشهداء بالمرتزقة وأنهم ماتوا نتيجة قتال مع بعضهم حملني على أن اتخذ خط رجعة ورفض المضي قدما في قضيتي بالطرق القانونية.

وماذا ستفعلين تجاه قضية مقتل ابنك؟
لو أتيحت لي أي فرصة تحقق لي رغبتي في القصاص من القاتل فلن أتوانى.. إلى الآن منتظرة هذه اللحظة وسأعيش بحثا عنها أو أموت دونها ويحمل إخوتي الراية من بعدي.
نعلم أن بعض أسر الشهداء تابعت قضاياها أمام القضاء؟
مقاطعة.. نعم ولكن أيضا هناك بعض القضايا تمت (فرمطتها) ومعظم الأسر سلمت أمرها لله.
وهناك من استلم تعويضاً وديات؟
كثيرون قبلوا بالتعويض والدية ولكن حتى الذين قبلوا بها بعضهم أخذ حقوقه والبعض الآخر لم يتحصل عليها.

وهل عُرض عليك التعويض؟
نعم ولكنني رفضت لأنهم عرضوا علي قيمة مالية ولأني لا أعرف كم تساوي قيمة ابني ماليا رفضت.. دم ابني ليس للبيع ونقطة الدم الواحدة منه تساوي عشرة ممن قتلوه لذلك لن أقبل بغير القصاص وإن لم أجده في الدنيا فعند الله لن يضيع.
هنالك اتهامات موجهة لأسر الشهداء على خلفية تسليم قضيتها للمعارضة؟
أنا شخصيا ولو كنت متابعاً لكتاباتي على فيسبوك حذرت جهات كثيرة حاولت أن تجعل من ملف شهداء سبتمبر محل للمتاجرة وكنت كثيرا ما أقول لهم لا تقولوا شهداء سبتمبر بل قولوا بعض الأسر لأنني لم أفوض أي شخص للحديث باسمي أو تبني قضية ابني ولم أوكل حتى محاميا بذلك أنا أم الشهيد هزاع كنت وما زلت حضورا في أي مناسبة أو محفل وطني لأنني حاملة قضيتي وأتابعها بنفسي.

ربما كان حضورك في مناسبات المعارضة من أجل رد جميل لتعاطفها معك؟
كون المعارضة تتعاطف مع قضيتي شيء وكونها تتاجر بها شيء آخر.
كيف؟
أنا أبحث عن أي طريق يوصلني لخدمة قضيتي والمثل يقول (القرقان يتعلق في قشة). ولو أوصلتني المعارضة لما أريد لا مانع ولكن لن أسمح لأي جهة المتاجرة بدم ابني.

وتريدين خدمة قضيتك بمفردك؟
(إلا ما ألاقي درب) أنا عاهدت هزاع قبل دفنه بأني لن أترك دمه ما دمت حية وسافعل.
ربما عرض عليك شيء غير التعويض المالي؟
أنا طبعا قضية ابني خط أحمر وغير قابلة للمساومة وما عرض علي أريد أن أحتفظ به وأعفني الآن لسبب واحد لأنني لا أحب أن أشعر الناس بأن هزاع أعظم من بقية شهداء سبتمبر الآخرين ولا أريد أن يتولد لدي إحساس بذلك. ومهما يكون لن أقبل بالتعويض.

هناك جسم تكون باسم شهداء سبتمبر وكان يتحدث عن قضية الشهداء مكون من قوى كبيرة من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وأسر الشهداء لكن لن نسمع عن أي نشاط له في الفترة الأخيرة؟
للأسف تدخل فيه أشخاص مندسون لا نعرف عنهم شيئا وعصفوا به نشكوهم لله. كنا نعد لقيام رابطة تجمع أسر الشهداء وتوحد قضيتهم وتقوي الرابط الاجتماعي بينهم ولكن كل شي انتهى بسبب المندسين.
ومن أين أتى هؤلاء المندسون؟ هل أفلحت بعض الجهات في زراعتهم داخل الجسم؟
أبدا هم معروفون طبعا. المهم أنهم تدخلوا وشتتوا الأسر وقطعوا كل تواصل ورابط وتراحم بينهم.

أتعني أنه لا يوجد أيُّ جسم يجمع أسر الشهداء؟
حاولت كثيرا أن أجمع الأسر في جسم واحد ولكن معظمهم فقدوا الثقة في أي جسم وبعضهم وصل إلى قناعة أن بعض الجهات تسعى لخدمة أجندتها عبر قضية شهداء سبتمبر.
معظم حديثك تركز على المتاجرة بقضية الشهداء؟
نعم المتاجرة بالقضية حاضرة والأسرة مكلومة فقدت فلذات كبدها وعائلها. ويجب على الشعب السوداني الوقوف مع هذه الأسر ومواساتها حتى لا يتنامى داخلها الإحساس بالفقد. هذا الأمر طبعا لا يتحقق بالشعارات والندوات والكلام الكاذب. هذه الأسر محتاجة للوقفات الإنسانية لأن للشهداء دفعوا ضريبة وطنية فعلى الشعب أن يرد الجميل لأسرهم.

كأنك تلومين الشعب السوداني؟
من حق كل أسر الشهداء أن تلومه. أنا شخصيا طرقت كل الأبواب حتى لا تموت القضية ويتنكر الشعب للأسر أو يدير ظهره لها إن كان يرى أن الشهداء ضحوا من أجل قضيته استغرب لموقف الشعب الآن شعب الرجولة والشهامة والكرامة.
لكن لا زال البعض يقف إلى جانب هذه الأسر ويتحدث عن قضية شهداء سبتمبر؟
الوقوف كما قلت لك لا ينبغي أن يكون بالشعارات والندوات من يقف ابنه يشتاق إلى من يواسيه ويمسح دمعته ليس بالنفاق والكذب والمتاجرة والبحث عن الشهرة. أنا ابني مات ولو عندي عشرات الأبناء فلن أتوانى عن تقديمهم للموت من أجل القضية الوطنية لأصبح أم الشهداء وليس أم الشهيد هزاع فقط.

حوار: علي الدالي
صحيفة الجريدة