تحقيقات وتقارير

العنف الطلابي.. قلق مستمر وحلول غائبة


ماتزال الممارسة السياسية بالجامعات مصدراً لإزهاق أرواح طلاب العلم، وفي الوقت الذي تتباطأ فيه الأحزاب للتوصل لصيغة تحد من ظاهرة العنف يلفظ الطالبان بالجامعة الإسلامية (جعفر عبد البارئ ومحمد علي عبد الله) أنفاسهما قبيل وأثناء عيد الأضحى، وأقر أمين قطاع الطلاب بالمؤتمر الوطني مأمون حسن بأخطاء ممارساتهم السياسية، وأشار إلى تضررهم من العنف لفظياً وجسدياً، وبين التبرير والاتهام تتكون العديد من الأسئلة في كيفية دخول الأسلحة للحرم الجامعي، في ظل وجود الحرس والسلطات؟ وماهي الاجراءات والقرارات التي ظلت تتخذها الجامعات للحيلولة دون وقوع مصادمات بين الطلاب، ومن ثم مدى مسؤولية الأحزاب السياسية التي تعد اللاعب الرئيسي في التنظيمات داخل الجامعات، وهل ما يحدث أزمة أحزاب عجزت عن تأهيل كوادرها أم تفلت طلاب؟ والى متى سيستمر سقوط القتلى في منارات العلم والمعرفة؟

قلة وعي:قال الأستاذ بكلية شرق النيل والباحث في العلوم السياسية د. عبد اللطيف محمد سعيد: إن مشكلة العنف ترجع لسن القبول باعتبار أن الطالب في فترة دخوله للجامعة يكون صغيراً مقارنة بالأجيال السابقة، وبالتالي يكون وعيه ونضجه غير مكتمل، ولا يملك اية خلفية عن السياسة وليس له رأي، والمعلوم أن السياسة تحتاج لتربية وطنية واحترام الرأي الآخر، وهذا يتطلب الديموقراطية ونبذ العنف، وإقناع الآخرين بوسائل سلمية، كالفكر والحوار، وتساءل الدكتور عن كيفية تعامل الطالب الذي من المفترض أن يكون قيادياً في المستقبل، إذا لم يستطع إقناع شريحة معينة وهي الطلاب؟ وقطعاً ممارسة العنف في إيصال الفكر تنم عن الخواء الفكري والسياسي، باعتبار أن السياسة إقناع ولا تحتاج لاتخاذ سبل أخرى للتعبير، ومايحدث الآن هو عجز في طريقة التعبير عن السياسة والدفاع عن رؤى معينة، ووصف سعيد ما نمر به الآن بأزمة قيادة الأحزاب السياسية، التي لا تدرب كوادرها على فن الخطابة والإقناع وإيصال منهج الحزب، وذلك يعني فشلها وعجزها عن إنزال برامجها على أرض الواقع، كما تدعي (الديموقراطية، وحرية التعبير، احترام الرأي الآخر)..

وأضاف هي شعارات فقط، ورهن الخروج من النفق بإيقاف الأنشطة السياسية داخل الجامعات، وقال إن السياسة لها دورها الخاص، بتأهيل الكوادر الحزبية بالجامعات على مختلف الفنون.وعن عدم تطبيق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لقرار منع إقامة الأنشطة السياسية بالجامعات.. أجاب: يوجد تقصير من قبل الوزارة في متابعة قراراتها، وترحم على الطالبين اللذين وافتهما المنية أثر الأحداث الأخيرة بالجامعة الإسلامية، ودعا الطلاب للإلتفات إلى الدراسة والابتعاد عن العنف.

مصدر قلق:قال أستاذ الأديان بكلية الآداب جامعة بحري د.إسماعيل صديق عثمان: إن الظاهرة أصبحت مؤرقة لإدارات الجامعات، ومصدر قلق لنا كأساتذة، فلا يكاد يمر عام دراسي في أية جامعة دون أن تحدث أعمال شغب وصِدام بين الطلاب مع بعضهم، أو بين الطلاب وإدارات الجامعات، والمعلوم أن الأضرار الناتجة عنه لا تقف عند حد إلحاق الأذى بالآخرين جسدياً أو نفسياً أو تجميد الدراسة، وإنما تعدت ذلك وصارت سبباً في موت عشرات الطلاب بالسيخ أوالأسلحة النارية، وأجزم أن ذلك نتيجة للتطرف الحزبي أو السياسي أو الديني من قبل بعض الطلاب، الذين يتبنون أفكاراً ويفترضون أنها الحقيقة المطلقة، وهؤلاء يسعون لإسكات صوت الآخر، كما أصبح هذا الأمر مطية لأصحاب الأجندة الشخصية والحزبية للوصول لأغراضهم باستغلال الطلاب، وردد صديق: لسنا ضد ممارسة النشاط السياسي شريطة الالتزام باحترام الآخر والتقيد بآداب الحوار، ولكن أن يطغى على النشاط الأكاديمي، ويصبح مهدداً وسبباً لإزهاق الأرواح وإسالة دماء الطلاب لمجرد اختلاف آرائهم السياسية فلا، وهنا لابد من فصل العمل السياسي عن الأكاديمي بمؤسسات التعليم العالي، من خلال سن قوانين لحماية الطلاب، وتهيئة الجو الأكاديمي ومنع إشاعة الفوضى وإثارة العنف وسط الطلاب والاعتداء على العزل في الجامعات، وأماكن سكنهم بالداخليات، وتكثيف برامج الإرشاد النفسي والاجتماعي، إلى جانب تفعيل الإجراءات التأديبية وتطبيقها دون تهاون، ووضع الاستراتيجيات الكفيلة بالحد من هذه الظواهر، وفي تقديري أن الوضع الحالي هو مهدد لاستقرار مسيرة التعليم العالي، فالعنف هو وسيلة المتخلف عقلاً وبصيرة، وهو سلوك مخالف للقانون، وجريمة تستوجب العقوبة الرادعة، ومرفوض أخلاقياً.

متغيرات عديدة:أرجع القيادي بالمؤتمر الوطني ربيع عبد العاطي العنف إلى عدة عوامل من بينها عدم تأهيل الأحزاب لكوادرها من الطلاب، بجانب التشظي الذي تعاني منه، خلاف الأوضاع السياسية الراهنة، وقال إن بها متغيرات اجتماعية وثقافية، وقطعاً أثر ذلك على الحركة الطلابية، كما أن قلة الوعي الطلابي لعب دوراً محورياً، ولا شك أن ما نراه الآن يتطلب جلوس القوى السياسية لوضع حد لهذا الأمر من جذوره، وعن اتهام طلاب الوطني قال ربيع: إن ما يحدث اتهام واتهام مضاد، فليس هناك توجيهات من الأحزاب باستخدام العنف.

تقرير: معاوية عبد الرازق
الصيحة