تحقيقات وتقارير

(سياسيون) في مجالات أخرى .. الابتعاد عن بريق المناصب


النائب الأول لرئيس الجمهورية السابق الأستاذ علي عثمان محمد طه، مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني السابق الفريق أول ركن صلاح قوش، وزير الكهرباء والسدود أسامة عبد الله، وزير الزراعة الأسبق عبد الحليم المتعافي،

القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي طه علي البشير ، وزير التجارة الأسبق عثمان عمر الشريف وغيرهم كثر من الذين أسهموا في رسم معالم المشهد السياسي في حقبة من الأزمان. انزوت معظم هذه الأسماء عن المشهد العام واتجهت تنشد ذات النجاح ولكن عبر طريق آخر وهو سوح العمل الخاص والاجتماعي وغيرها من دروب الحياة. وفي الآونة الأخيرة ومع اتساع رقعة الحكومات بالمركز والولايات التي تطرح قيادات سياسية وتنفيذية في فترات متقاربة ويغادرها آخرون جعلت من قضية انتهاء أعمار جزء كبير من الشخصيات القيادية سياسياً عقب تركهم للمناصب التنفيذية, ظاهرة اختلف المعقبون عليها ما بين من ينظرون اليها على أنها سنة الحياة, وآخرون انتقدوها. (الإنتباهة) وعبر هذا التقرير تستعرض بعض النماذج التي تركت منابر السياسة واتجهت للعمل الخاص.
علي عثمان .. عمل طوعي وإنساني
لا شك أن النائب الأول السابق علي عثمان محمد طه, يبرز على أنه أحد أشهر القيادات الإسلامية بحكم الإنقاذ. فالرجل خط مسيرة سياسية يصعب تجاوزها وتكرارها, واستطاع التنقل ما بين المناصب إلى أن وصل منصب النائب الأول لفترة ليست بالقصيرة رسم خلالها محطات لا تنسى. ولكن وبصورة مفاجئة تنحى الرجل عقب احتجاجات سبتمبر وعلل حينها السبب بأنه (إفساح للقيادات الشبابية) ومنذ ذلك الحين يتذبذب حضور الرجل سياسياً رغم ظهوره من وقت لآخر ببعض الفعاليات، غير أنه ينشط في الأعمال الإنسانية بصورة ملفتة عبر ترؤسه لعدد من المنظمات كبنك الطعام والأطفال ذوي الإعاقة وغيرها, ليشكل الرجل ذات النجاح الذي ساقه في العمل السياسي, ولكن بوجه اجتماعي عبر حضور دائم وملفت في الأنشطة الاجتماعية.
قوش .. أعمال تجارية
في حقبة التسعينات وحتي نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة، ما أن يذكر اسم صلاح قوش مدير جهاز الأمن والمخابرات , حتى تشعر بأن ثمة ما سيكون مثيراً. فهو شخصية امتلكت الكاريزما الأمنية والقدرة السياسية على أن يكون من أشهر قادة الإنقاذ، غير أنه لا ضمان للسياسة, حيث لا ثبات في موقع، فكان أن دفع قوش ثمناً لذلك بأن أعفي من منصبه في العام 2009م، ليتقلد بعدها هيئة استشارية الأمن ليتم إعفاؤه لاحقاً في العام 2011م، ثم يغيب عن واجهة الأحداث لعامين, قبل أن يتم اعتقاله لأشهر بتهمة انقلاب عسكري تم إطلاق سراحه بعد ذلك. عاد صلاح إلى سوق السياسة بشكل مختلف وأكثر انتشاراً عبر بوابة الهيئة التشريعية حينما انتخب عضواً عن دائرة مروي في 2015م غير أن تعاطيه للسياسة بصورتها الطبيعية قلت وبات بعيداً عن الساحة يظهر من وقت لآخر عبر تصريحات تحت قبة البرلمان, ولكنه بالمقابل نشط بصورة كثيفة في أعماله التجارية الخاصة , وصار كثير التسفار ما بين دبي والخرطوم.
قيادات تتجه للاستثمار
قيادات كثيرة بدورها اتجهت للاستثمار الخاص, ومنهم وزير الكهرباء السابق أسامة عبد الله, ووالي الخرطوم ووزير الزراعة الأسبق المتعافي, ووزير الخارجية السابق علي كرتي, وكذلك والي الخرطوم السابق عبد الرحمن الخضر, وكثير من قيادات الإسلاميين. وعلى صعيد الحزب الاتحادي الديمقراطي تجد الكثير منهم هجر السياسة وفضل التركيز على استثماراته وأعماله الخاصة. ويأتي في مقدمتهم وزير التجارة السابق عثمان الشريف الذي يعمل بمكتبه للاستشارات القانونية بشارع البلدية ، فيما انزوى (الحكيم) طه علي البشير عن ساحة السياسة وكذلك الرياضة, وفضل التركيز على وظيفته التجارية الخاصة متنقلاً بين الخليج والخرطوم من جهة وتارة أوربا وآسيا وبحسب مقربين منه, فان الرجل اعتزل السياسة بصورة مباشرة ، فيما ينشط ايضا رئيس حزب المؤتمر السوداني السابق إبراهيم الشيخ بالعمل الخاص عبر أنشطته التجارية, وان كان الرجل الأكثر من ناحية الظهور عبر الفعاليات مقارنة بأغلب الأسماء المذكورة بالتقرير.
الوعي السياسي
الخبير السياسي د. صلاح الدومة, يرى في افادته لـ(الإنتباهة) أن انتقال السياسيين إلى الأعمال الخاصة هي سنة الحياة ,وتحدث حتى في دول العالم الأول المتقدم. ولكنه عاد وقال إنه ينبغي على من يهجرون العمل العام ان يواصلوا النشاط السياسي. مشيراً إلى ان اغلب القيادات في بلادنا بمجرد هجرهم للمواقع القيادية يختفون. وهذا في نظري ظاهرة سلبية يشارك فيها المجتمع بالمقام الأول ثم السياسي نفسه. ويقول د. الدومة إن ممارسة السودانيين للسياسة مشوهة بعض الشيء وأن الوعي السياسي يختلف من مجتمع لآخر. الدومة يرى ان الحالة مكان الطرح ليست عامة حيث ان هنالك من فارقوا العمل وما زالوا يمارسون العمل السياسي, ومنهم وزير المالية د. عبد الرحيم حمدي.
ظاهرة سلبية
القيادي بالوطني د. ربيع عبد العاطي له رأي آخر حيث قال لــ(الإنتباهة) ان من يتركوا العمل السياسي بمجرد تركهم للمواقع التنفيذية, هم فقط من كانوا يسعون للسلطة ولا يركزون على الرسالة السياسية, وإنما هدف محدد وهو كيف يصلون إلى المنصب. ويعترف د. ربيع بانتشار هذا الأمر كظاهرة سلبية بدأت تسيطر على المشهد السياسي, وهي في تقدير د. ربيع خلل وممارسة خاطئة للسياسة.

محمد جمال قندول
الانتباهة