تحقيقات وتقارير

د. علي الحاج.. خلوها مستورة


يستقبل الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي، د. علي الحاج، هواتف الصحفيين كافة، وهذه محمدة كبرى، ولكنه في النصف الفارغ من الكوب يرفض التعليق على تساؤلاتهم عمّا يجري في حزبه، فهو رجل (خلوها مستورة) بامتياز.
وعادة ما ينتقي الحاج التساؤلات التي تروق له، فيما يتعامل مع البقية بعدم التعليق، والتقليل، وفي مرات نادرة بالتهكم، وكثيراً بالإحالة إلى مثيري القضايا والشغب في حزبه، وهذا نهج إن كان أثبت جدوى في زمانات سابقة، فإنه لا يجدي فتيلاً في عصر تداول المعلومات.
وما يفسر هذا المنهاج من قبل الحاج، أنه ينطلق من منصة طبية، ترى أن شؤون المريض حالة سرية، فما بالك لو أضفنا لذلك أنه أحد أعمدة التنظيم في صفوف الحركة الإسلامية بمسمياتها المختلفة، وهؤلاء (التنظيميون) رجال عتمة لا يمقتون شيئاً بمقدار إدارة ملفاتهم في العلن.
ورغم محاولاته لإدارة خلافات الشعبي بمنأى عن أجهزة الإعلام، تصل المعلومات إلى الصحف النهمة للتفاصيل، ولمَّا لا تجدها عند الحاج، تجدها في مظان أخرى، وهذا ما يزيد التعقيدات، وما يظنه أمين الشعبي استهدافاً وبحثاً عن زيادة أرقام التوزيع.
ومع أنه في المقدور، أن يوقف الحاج كثيراً من كرات الثلج المتدحرجة تجاه المنشية؛ نجده يشيح بوجهه عنها فتكبر وتكبر، وذلك يعرضه للابتلاع، لا سيما وأن عدداً من قيادات وشباب الشعبي يودون لو يحل بدلاء عنه، قريبين من فكر الشيخ الترابي، هذا ولو كانوا أقل قدرة على التنظيم.
ولذا على الرجل القادم من بون، أن ينتبه للبون الشاسع في طريقة إدارة الأحزاب اليوم، وهي طريقة تفرض أن تسبق الجميع بخطوة، ومن لك بخلاف أجهزة الإعلام.
ليس هيناً وجود خلاف بين الحاج ورئيس شورى الشعبي الشيخ إبراهيم السنوسي، وبين الحاج ونائبه أحمد إبراهيم الترابي، وبين الحاج ومجموعات شابة ضد المشاركة في السلطة، وأي محاولة للتقليل من شأن هذه الخلافات واللعب على المصطلحات كالحديث عن مذكرة بدلاً من استقالة، لا يبدل من الأوضاع القائمة أو قل القاتمة شيئاً.
وفي خروجه الكثير لأجهزة الإعلام، ينبغي على الحاج بأكثر من رده على كل الصحافيين، أن يفتح صدره برحابة أمام تساؤلاتهم القاسية، فليس الإعلام ما يطلبه المسؤولون وإنما هو ما يتحاشونه. كما وينبغي عليه عدم التقليل من أزمات الشعبي فهي بائنة ولا تحتاج لاستخدام عدسة مكبرة.
حدث الأسبوع ..
رفع العقوبات.. عند (غندور) الخبر اليقين
وصل حارس مرمى بري السابق، وحارس بوابة السودان (الخارجية) حالياً، بروفيسور إبراهيم غندور إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فيما الفاصل الزماني بينه وبين قرار تاريخي لإدارة الرئيس دونالد ترامب، بشأن العقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، ثلاثون يوماً بالضبط.
ومن المؤكد أن برنامج الزيارة يشمل لقاء وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون وقيل دونالد ترامب شخصياً، وبالتالي لا مكانة لأنصاف الحلول، فإما رفع تام وإما إبقاء.
وذهبت غالبية الآراء الحكومية قبيل قرارات شهر يوليو الماضي بشأن العقوبات إلى أن مسألة رفع العقوبات محسومة، وليس قدام واشنطن سوى طريق واحد، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي سفن الجميع.
وساء الأمر جداً بحسبان أن السقوف الحكومية قد وصلت مداها، حتى ليخيل للمرء أن قرار التمديد نبت شيطاني وليس أمراً متوقعاً في نتيجة من خيارين فقط، وبالتالي لم ترضَ الخرطوم بالنتيجة، ولم يرتضِ التجار إلا أن يعاجلوا الناس برفع أسعار بضائعهم، مع عدم حدوث أي متغيرات تستدعي ذلك.
بالتأكيد أن الأمل معقود على قرار أمريكي تاريخي، ولكن في المقابل لا يجوز إهمال الخيار الثاني ولو كانت نسبته مثقال حبة من خردل، ومع مجيء غندور ننتظر معرفة اتجاهات المستقبل، وخلال هذا الشهر نتكفل بحسم تفلتات السوق والتهيؤ لما هو آتٍ.
فقط على غندور في زيارته هاتيك لعب جميع الكروت ببراعة، وأخذ العبرة من دروس الماضي، فلا أحد يريد له أن يكون محل سلفه علي كرتي في تباكيه على تسليم الخرطوم قوائم بأسماء المطلوبين في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ومن ثم انتظار تقييم ذلك بالموازين القسط، وفي الصدد علينا تذكير غندور بما ذكر به كرتي، من أن الدبلوماسية لعبة مصالح، ولا تعرف حسن النوايا، وعليه لا تقدم فيها سبتاً إن لم تكن تنتظر (أحداً).
تملك الخرطوم كروتاً كثيرة لمضاغظة واشنطن، ولكن ما لم تضعْ الأولى أشراطها ومطلوباتها، فستلتهم واشنطن ما قدم لها بنهم، ثم ستنظر إلى ما في يدك، فهذه الدبلوماسية، تحقيق أكبر قدر من المصالح.
وليس مقبولاً بالمرة بعد عودة غندور أن تكون خياراتنا متأرجحة بين التمديد والرفع، فإما أن يأتي بالكأس الأمريكية أو فلنلعب في دوريات أخرى، بعد إحكام خياراتنا المحلية، وأقصد هنا السوق المنفلت بلا ضابط أو رابط.
خبر الأسبوع
حين تكون المدرسة (أمية)
رقم مفزع تمت الإشارة إليه الأسبوع الماضي ويقول إن نصف الأميين بالبلاد، من شريحة النساء.
جميعنا نحفظ البيت القائل (الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعددت شعباً طيب الأعراق)، نقوله بكثرة في كل المناسبات، ولكن لما يأتي وقت الجد نترك نصف مجتمعنا غارقاً في الأمية.
صحيح، إن جودة التعليم في البلاد قد تدنت بشكل لافت، ولكن هذا لا يعني أن ما تردى قليله فكثيره حرام، وهنا نتحدث عن علوم ومعارف، لا الخمور والمعازف، والعياذ بالله.
ومع أن السودان عرف تعليم البنات باكراً جداً، وحقق للمرأة ريادة في المجتمع، إلا أن الأرقام الحالية تؤكد حدوث نكسة كبيرة، وبات على المنادين بفرص متساوية بين الرجل والمرأة، القتال في هذه الجبهة دون إغفال لمعرفة دواعي تفشي الأمية في الأوساط النسائية.
وللأسف حين يتحدث العالم عن الأمية بأنها جهالة التقانات الحديثة، ما نزال نتحدث عن الأمية بمفهومها المتخلف المرتبط بـ (فك الخط)، ومع ذلك لأن العافية درجات، فلنتجاوز هذه المحطة ابتداءً، فهي بداية للطريق.
نحن لا نريد للنسوة فقط، أن يأخذن من العلوم ما يمكنهن من القراءة والكتابة، ولكن مع خروجهن إلى المجتمع، وتحقيق ذواتهن في العمل والترقي والمنافسة على جميع المناصب.
عموماً، ما زلت على يقين، أن النساء في السلطة خير من الرجال، فعادة ما نتخذ نحن قرارات الحرب، ليدفع ثمنها النسوة والأطفال، وعليه فإن وصول النسوة إلى الدرجات العلى في الحكم كفيل بأن (يؤنسن) السياسة، أو لم يُقَل إن الشطرنج لو احتوى على قطعة مؤنثة لمات الملك عشقاً.
ولذا لنقاتل في الجبهتين، لنمحو أمية النساء ــــــ والرجال كذلك ـــــــ ثم لنمكن للمرأة أدوارها في المجتمع، فليس كافياً أن نصفها بنصف المجتمع ثم حين نتخذ السبيل نجعل من نصف الأميين نسوة.

الصيحة