تحقيقات وتقارير

دعتها الحكومة لشراكات جادة .. المنظمات الأجنبية بالسودان .. زيارات متكررة وأداء دون الطموح


لاتزال العلاقة بين المنظمات الدولية «الأجنبية» والحكومة السودانية تشهد حالة من الشد والجذب خاصة فيما يتعلق بالانشطة والأدوار الإنسانية التي تقدمها هذه المنظمات في مناطق النزاعات ولكن الحكومة شكت كثيراً من الادوار الخفية التي تلعبها المنظمات تحت مظلة العمل الانساني مما جعل الحكومة تعيد النظر في ماهية المنظمات الاجنبية سرعان ما اتجهت لسودنة العمل الطوعي كخطوة لتفادي الوقوع في فخ الاجندة الدولية وخير مثال لذلك ماقامت به منظمة «اوتش دي ذي» الفرنسية التي تاجرت باطفال دارفور وهربتهم إلي أوروبا بحجة إخراجهم من الإقليم الذي اسمته بالمنكوب إلي أوضاع معيشية أفضل في أوربا، فضلا عن قيام بعض المنظمات الأجنبية علي نشر التبشير والتنصير في مخيمات النازحين كالقضية الخاصة بضبط منظمة « لا مزيد من العطش» الامريكية وبحوزتها كميات من نسخ الإنجيل في مقرها بولاية شمال دارفور مما وصفته الحكومة بالامر المخالف للأسس التي دخلت من أجله المنظمة للسودان ،بينما أكد خبراء وباحثون في الشأن الإنساني والسياسي بالبلاد أن المنظمات الطوعية الأجنبية العاملة في الشأن الإنساني بالسودان تمثل واجهات تقف خلفها جهات إستخباراتية تهدف إلي زعزعة أمن وإستقرار السودان.

متاريس علي الطريق
بالمقابل تشكو بعض المنظمات أحياناً من العراقيل التي قد تمثلها بعض الإجراءات الحكومية في مناطق النزاعات ،خاصة فيما يتعلق بالتأشيرات أو السماح بالتدخلات العاجلة في مناطق النزاعات ،و لكن السلطات الحكومية تحاجج بأنها تقوم بإعطاء تأشيرات دخول لهذه المنظمات، وهذه التأشيرات لا تستغرق أكثر من 4 ساعات ، إضافة إلي التسهيلات الأخري من إعفاء واردات المنظمات من مواد غذائية وصحية وأدوية ووسائل مواصلات وإتصال وأجهزة ومعدات لمدة ثلاثة أشهر من الرسوم الجمركية.
شراكات جادة
بالرغم من حالة الشد والجذب الذي يميز عمل ونشاط المنظمات الأجنبية بالسودان ،إلأ أنه لا ينكر دورها إلا ذو رمد أومكابر، حيث أن هذه المنظمات الخارجية مرتبط وجودها في السودان بحاجة بعض المناطق إليها ،فقد إضطلعت منظمات الأمم المتحدة والمنظمات العربية والغربية بأدوار عظيمة وأنجزت أعمالا جليلة ساعدت المواطنين السودانيين علي تجاوز الكثير من الظروف الصعبة أثناء الأزمات، وفي لقاء لوالي جنوب كردفان اللواء أمن د.عيسي ادم أبكرمع نائب رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان فير تراند بيرن،« الإسبوع الماضي» ثمن الوالي دور المنظمات العاملة بالولاية وجهودها في دعم خطة حكومة الولاية في الاستجابة لحاجيات النازحين والمتأثرين بالحرب واللاجئين من دولة جنوب السودان ،ودعا الوالي المنظمات لشراكات جادة وتدخلات ملموسة في ملف المتأثرين بالحرب واللاجئين من دولة الجنوب ،مؤكداً حاجة الولاية لتدخلات ملموسة الاثر والفائدة والانعكاس علي حياة النازحين والمتأثرين بالحرب واللاجئين من دولة جنوب السودان والمجتمعات المضيفة.
وأشار الوالي إلي أكثر من 60 ألف لاجئ بمحليات الليري وابوجبيهة بحاجة الي المساعدات وجهود الانعاش والخدمات مؤكدا ان المجتمعات المستضيفة لللاجئين تأثرت بضغط هؤلاء علي الخدمات الأساسية المتمثلة في «الصحة والتعليم والمياه والخدمات الاخري» .
شكوى الوالي
رغم الإعتراف الحكومي بالدور الإيجابي للمنظمات الأجنية بالسودان إلا أن التواجد الكثيف لللاجئين الفارين من الأوضاع المضطربة بدولة جنوب السودان ،وسماح الحكومة السودانية لهم بالدخول للحدود السودانية ومعاملتهم مثل المواطن السوداني في الحصول علي خدمات الصحة والتعليم والغذاء والمأوي ، يمثل ضغطا ًكثيفاً علي الموارد الشحيحة لدي المواطنين السودانيين بالولايات الحدودية المتاخمة لدولة جنوب السودان، وكذلك الأعداد الكبيرة من العائدين من مناطق التمرد في المحليات المختلفة بولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق ،ويجعل الحاجة ماسة إلي الخدمات والمساعدات من منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخري وقد سبق واعترف المفوض السامي للاجئين بالامم المتحدة بان البلاد تتحمل اعباءً كبيرة تجاه الوافدين من الجنوب ،بينما اشتكى والي جنوب كردفان لدي لقائه الأخير مع الصليب الأحمر من ضعف التدخلات من قبل المنظمات الدولية والأجنبية رغم زياراتها المتكررة للولاية ووقوفها علي الاوضاع وإمتلاكها للمعلومات عن حقيقة الأوضاع والإحتياجات المطلوبة في المسارات الإنسانية والتنموية، وزاد الوالي بالقول :« نحن نريد منظمات جادة وليس زيارات وعلاقات عامة نحتاج لشراكات حقيقية ليري ويحس المواطن بأثر التدخلات في واقع الحياة للمتأثرين بالولاية ». داعيا اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلي إحكام التنسيق مع الوزارات ذات الصلة كالصحة والتربية والتعليم ووزارة الرعاية الاجتماعية للحصول علي قاعدة بيانات ومعلومات تعين المنظمات في التخطيط السليم لمشروعات تعود بالفائدة والأثر الإيجابي علي المستهدفين، والمتأثرين خاصة اللاجئين من دولة جنوب السودان ،والمواطنين السودانيين العائدين من مناطق التمرد.
الاستعداد لمرحلة السلام
ويترقب المواطنون السودانيون إستئناف المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قطاع الشمال في القريب العاجل ،ويتطلعون لنهاية الحرب والمعاناة بولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق ،وأبدت الحكومة السودانية استعدادها التام لمرحلة السلام الدائم والتسوية الشاملة لملف الحرب بالمنطقتين ،وقد أشار عيسى آدم أبكر والي جنوب كردفان إلي حاجة المنطقتين لجهود الحكومة والشركاء من المنظمات الوطنية والأجنبية والوكالات الاممية لمقابلة إحتياجات بناء وإستدامة السلام والإستقرار بالمنطقتين ،وأن الأوضاع الحرجة في مناطق الحركة ستحتم عليها تسريع الخطي لاستئناف العملية السلمية والوصول للسلام المنشود.
عودة بعد توقف
وفي زيارته الأخيرة لولاية جنوب كردفان « الاسبوع الماضي» أكد فير تراند بيرن نائب رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالسودان في تصريحات صحفية عقب لقائه بالسلطات الحكومية بالولاية ، ان زيارتهم للولاية جاءت بغرض التنسيق والحصول علي المعلومات بعد التوقف عن العمل بالسودان لسنوات من اجل بداية جادة لتصميم مشروعات تستوعب الاحتياجات في المسارات الإنسانية والتنموية لصالح المتأثرين بالحرب والنازحين واللاجئين من دولة جنوب السودان .مؤكدا جديتهم في العمل والشراكة مع حكومة الولاية واحكام التنسيق مع المجتمعات والوزارات ذات الصلة وجمعية الهلال الاحمر السوداني فرع جنوب كردفان نحو شراكة مثمرة لتقديم المساعدات الإنسانية والتنموية لضحايا الحرب من اللاجئين والنازحين والمتأثرين بولاية جنوب كردفان .

الخرطوم : محمد عمر الحاج
الصحافة