تحقيقات وتقارير

غندور في واشنطن هل ستُرفع العقوبات؟


زيارة وزير الخارجية البروفيسور ابراهيم غندور للعاصمة الأمريكية التي من المنتظر أن يقوم بها على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي تنطلق أعمالها في التاسع عشر من الشهر الجاري، تعتبر من أهم الزيارات التي قام بها لواشنطن منذ أن كان مساعداً لرئيس الجمهورية، حيث أنها تأتي قبل أيام من إعلان الولايات المتحدة الأمريكية لقرارها الخاص برفع العقوبات الأمريكية على السودان، وستقود الزيارة- وفقاً لمراقبين- لتهيئة الأوضاع وتوضيح وجهات نظر الحكومة السودانية في نقاط الخلاف، ولتحسير عامل الثقة بين البلدين مما يهيئ المسرح السياسي للقرار الأمريكي سواء إبقاءه على العقوبات أو تمديدها أو إلغاءها بشكل نهائي في اكتوبر المقبل .

سياية النفس الطويل الأميركية:الشاهد أن السياسة الأمريكية الخارجية ترتكز على ثوابت، وذلك باعتمادها على المؤسسات التي تفصل في قضايا كثيرة، فقرار رفع العقوبات رغم سهولته إلا أنه صعباً في ظل احتكام السياسة الأمريكية على مصالحها في المقام الأول، ويقول أستاذ العلاقات الإستراتيجية بجامعة إفريقيا العالمية الدكتور محمد حسن أن السياسة الأمريكية تعتمد على النفس الطويل واللعب على عامل الزمن، بمعنى كلما نفذت الخرطوم أحد المطالب تبرز مطالب جديدة، فمنذ إيفاء الخرطوم باستفتاء جنوب السودان ثم الانفصال برزت مطالب أمريكية جديدة منها إنفاذ السلام في مناطق جنوب كردفان، والنيل الأزرق وغيرهما، وتحرص واشنطن على انفاذ سلام في دارفور رغم الخطوات التي تبذلها الحكومة وشركاؤها الإقليميون والدوليون لإعادة الوضع في الاقليم الى طابعه الأول، حيث بادرت مؤخراً بطرح مبادرة جديدة لإقناع حركات العدل والمساواة وحركة تحرير السودان للانضمام للعملية السلمية، فالسلام في السودان هدف أمريكي استراتيجي، وترى أن هناك مجموعات في السودان لابد من تضمينها داخل العملية السلمية والمشاركة في السلطة، وقد تعكس الزيارة- وفقاً لمراقبين- نوعاً من الانفراج وتقريب وجهات النظر بين البلدين والمسئولين، فالمسؤولون الأمريكيون حسب المحلل يرغبون في ضمانات لاسيما أن عامل الثقة على الصعيد السياسية مفقود الى حد ما على خلفية الأوضاع الداخلية والسلام في دارفور، وقد دفع الزيارة بتطمينات للمسؤولين الأمريكيين تحدث انفراجاً واسعاً في العلاقات، يقود الى رفع نهائي للعقوبات الشهر المقبل.أوراق في الحقيبة من المتوقع أن يلتقي غندور بعدد من الفاعلين الأساسيين في الإدارة الأمريكية، وهو يحمل العديد من الأوراق في حقيبته.

غير أن مصادر دبلوماسية استبعدت لقاء غندور بنظيره الأمريكي ريكس تيرلرسون، الذي بات يلوح باستقالته من المنصب على خلفية الصراعات الكثيفة داخل الإدارة الامريكية، حيث من المتوقع أن تخلفه في المنصب الدبلوماسي سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية نيكي هالي في واشنطن، مشيرة الى أن غندور سيعقد معها محادثات على هامش اجتماعات الأمم المتحدة بنيويورك، بجانب مدير المعونة الأمريكية ومسؤولين بمراكز الدراسات الاستراتيجية وعدد من الشخصيات الأمريكية الأخرى، فالمطلوب من غندور توضيح رؤية السودان ومطالبه بصورة واضحة دونما اي انتقاص من مكانته ووجوده الديمغرافي والسياسي، وهذا ليس صعباً عليه سيما في ظل تحقيق سياسته الخارجية نوعاً من الاستقرار السياسي والبراغماتي.عقبات وصعوباتغير أن هناك بعض الإرهاصات الواضحة لرفع العقوبات الأمريكية بعضها يحمل التفاؤل والبعض يعكس العقبات والصعوبات، فبحسب دبلوماسي لاتوجد جهة أمريكية بعينها ترغب في الابقاء على العقوبات على رأسها الكونغرس الأمريكي، ويقول لا يوجد اعتراض كبير على الإبقاء عليها..

لافتاً في ذات الوقت أن هنالك بعض العقبات التي قد تسهم في التردد برفعها ممثلاً في قضية الطلاب بجامعة بخت الرضا الأخيرة، ويشير الى أن العقوبات مرفوعة أصلاً ويتمثل ذلك في التحويلات البنكية بين المصارف في البلدين، إلا أنها تبقى ضغوطاً مفروضة على السودان، فهناك كثير من الدول والجماعات ذات المصلحة ترغب في إبقاء السودان في دائرة العقوبات والحظر، وليس الولايات المتحدة الأمريكية فحسب رغم التحولات الايجابية على المسرح السياسي بالبلاد، فقد شارك عدد غير قليل من الأحزاب السياسية في الحكومة بجانب إيفائها بالمسارات الخمسة المتفق عليها مع إدارة الرئيس رونالد ترمي..

ورغم الأهمية السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة كقوة إقليمية ودولية مهيمنة ودورها على كافة الأصعدة، بجانب احتضانها لأكبر ثلاث مؤسسات دولية فاعلية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بجانب مؤسسة الأمم المتحدة إلا أنه لا أحد ينكر دور السودان إقليمياً ودولياً، فالخرطوم تتمتع ببعد استراتيجي إقليمي مهم، بجانب وجود أكبر سفارة للولايات المتحدة الأمريكية في افريقيا بضاحية سوبا، ويرى حسن أن رفع العقوبات الأمريكية عن السودان عملية مقايضة سياسية تتطلب التنازل من الطرفين. وأياً كان هدف زيارة غندور لواشنطن سواء كانت للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة أو الإطار الثنائي فإنهما سوف تؤتي أكلها حول المصالح السياسية للسودان سواء في أكتوبر المقبل أو بعد حين.

تقرير: احلام الطيب
اخر لحظة