تحقيقات وتقارير

العقوبات الأمريكية : سيناريوهات ما بعد «12» أكتوبر .بارود صندل : العقوبات سترفع لأن الحكومة أوفت بشروط واشنطن


مع اقتراب الموعد المضروب للنظر في أمر العقوبات الأمريكية المفروضة علي البلاد منذ العام 1993 ، والمحدد له الثاني عشر من اكتوبر المقبل ، انقسم الرأي العام السوداني ما بين الرفع الكامل للعقوبات والتمديد لها ، كل يسحب من خلفه جملة من المبررات يدعم بها موقفه وان اتفقوا علي انها جائرة واضرت بمصالح الشعب السوداني.
من رأوا ان العقوبات الي زوال ، اسندوا اراءهم علي تقارير مؤسسات الادارة الأمريكية الايجابية عن السودان بما فيها وزارة الخارجية ،وجهاز المخابرات الأمريكي «السي اي ايه » ومجلس الأمن القومي .
ومن توقعوا عدم رفع العقوبات ، استحضروا شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بما عرف عنه من مزاجية وتغلب في المواقف خشوا معها تأثيرها علي القرار المرتقب، فضلا عن نشاط مجموعة الضغط الأمريكي المعادية للسودان.
«الصحافة» وضعت حزمة من التساؤلات علي منضدة عدد من السياسيين والخبراء حول مابعد 12أكتوبر والسيناريوهات المحتملة والبدائل المتاحة امام الحكومة للتعامل مع الأمر ،ومستقبل تحالفاتها والاثر الاقتصادي.

ضبابية المشهد
القيادي بالمؤتمر الوطني اسماعيل الحاج موسى نبه الي ان هناك ضبابية وعدم وضوح الرؤية بشأن رفع العقوبات وعزا ذلك الي ما اسماها بـ « هوائية» قرارات الرئيس دونالد ترمب الذي قال ان شخصيته مزاجية يصعب الاعتماد عليها وان مصداقية قراراته غير مضمونة، لكنه اكد امتلاك السودان بدائل لتقليل التأثير الاقتصادي للفترة المقبلة ودلل بان الولايات المتحدة ظل تفرض عقوباتها علي السودان منذ فترة طويلة.
موسى حذر من مغبة التعويل علي التحالفات الجديدة بشكل كامل ، وقال : هي لن تغطي الفراغ الذي سيخلف استمرار العقوبات اذا لم ترفع ،واضاف : « اي محاولة مع التحالفات الجديدة بما فيها روسيا لن تسد الفجوة كاملاً في حال استمرت العقوبات».

تفاؤل واشادة
ولكن القيادي بحزب المؤتمر الشعبي المحامي بارود صندل سار في منحى مغاير هو يؤكد رفع العقوبات الأمريكية .
صندل في حديثه لـ «الصحافة» قال ان كافة التوقعات والشواهد تشير الي ان العقوبات سترفع لان الحكومة اوفت بالتزاماتها تجاه الشروط التي وضعتها واشنطن للخرطوم ، لكنه لم يجزم بتوقيت رفعها .
صندل مع تأكيده علي رفع العقوبات بشكل نهائي الا انه قال ان احتمال التأجيل سيكون واردا ومن المتوقع ان تضع الادارة الأمريكية اجندة جديدة ، فيما يتعلق بالحريات واعتقال الناشطين.
.. ومضي صندل الي انه لا يجب علي الحكومة والشعب ان يسجنوا انفسهم في دوائر ضيقة تحت مظلة العقوبات والجزم بان مشاكل البلاد مرتبطة بالحصار الاقتصادي وعدم السعي لحل قضايا العالقة ،وقال : هذا موقف محزن.
واتفق صندل واسماعيل الحاج موسى علي ان شخصية الرئيس الأمريكي تصعب من مسألة التكهن رغم وجود اشارات واضحة حول الخطوة المحتملة .

شماعة العقوبات
القيادي بالحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل علي نايل قال ان رفع العقوبات لن يحل مشاكل السودان وقطع بان البلاد ليست لها القدرة لمقارعة الولايات المتحدة لكنه عاد وقال ان الجميع مستبشرون برفعها في اكتوبر المقبل ، ودعا الحكومة الي عدم الدخول في تحالفات كيدية ،وقال ان السودان لديه الامكانيات التي تجعله اقوي من الولايات المتحدة.
ورفض نايل تعليق كافة مشكلات البلاد «بشماعة العقوبات» ، وطالب بضرورة معالجة قصور بعض السياسات ، واشار الي ان حل مشكلات البلاد يكمن في اصلاح السياسات واسترسل بان أمريكا فرضت العقوبات علي الحكومة بسبب سوء السياسات ،واضاف بالقول « اذا حسن النظام الحاكم من سياساته لن يتأثر بالعقوبات».

رفع مشروط
وعبر المحلل السياسي بروفيسر حسن الساعوري عن تفاؤله برفع العقوبات ، و اشار الي انه رفع مشروط بحزمة اجراءات وسياسات تتسق مع سياسات الادارة الأمريكية قال ان ابرزها ان يسوق خطه السياسي بالقرب من سياسات الولايات المتحدة أي ان واشنطن ستضع محاذير للخرطوم فيما يتعلق باتخاذ القرارات والسياسات التي ستكون محازية للخط الأمريكي وستكون هناك توجيهات بان لا يقترب من القضية «الفلانية « وان لا «تلتفت « يمني أو يسري ـ بحسب تعبيره.
الساعوري اشار الي ان هناك اتفاقا مبدئيا لعمل استراتيجي مع روسيا وصفه بالمؤشر الايجابي، قال انه حرك الاستثمارات الصينية بالسودان، وقال : الصين حينما شعرت بان هناك تقارب سوداني روسي سارعت الي تحريك استثماراتها .

بدائل الحكومة واختلاف الاراء
وحول البدائل المتاحة امام الحكومة في حالة عدم رفع العقوبات لفت الساعوري الي ان للحكومة بدائل حال عدم رفع العقوبات وان عليها استغلالها لتجاوز الجانب الأمريكي ، وتوقع سد الفجوة واسترسل بان الولايات المتحدة تخشي من المنافسة الصينية والروسية .
وشدد الساعوري في حديثه لـ« الصحافة»علي ضرورة الانفتاح علي دول الاتحاد الاوروبي وتفعيل العلاقة معه توطئة للاستغناء عن الدور الأمريكي.
، ولكن رؤية الساعوري كانت مخالفة لما ذهب اليه القيادي بالمؤتمر الوطني اسماعيل حاج موسى الذي قال ان التحالفات الجديدة للبلاد لن تغطي الفجوة بالكامل بما في ذلك روسيا التي سيزورها الرئيس في القريب العاجل ،بينما حذر القيادي بالمؤتمر الشعبي بارود صندل من مغبة التعويل علي تحالف دول الخليج.
ورهن القيادي بالاتحادي الاصل علي نايل عدم تأثر البلاد بالعقوبات بتحسين السياسات المتبعة من قبل الحكومة وقطع بان جدوي الرفع لن تحل اشكاليات وقضايا البلاد لجهة ان رفع العقوبات وحده لا يكفي اذا لم يتبعه اصلاح للسياسات المتبعة، وحذر من ان أي اتجاه لتحالفات جديدة لن ترضى عنها الولايات المتحدة .

محمد ادم
الصحافة