الصادق الرزيقي

صـناعة الوهم


يظن البعض أن مجرد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية، ستكون العلاقات (سمن على عسل) بين الخرطوم وواشنطون، وهو اعتقاد تدحضه طبيعة العلاقات نفسها، التي لم تصل بعد إلى مرحلة تعليق الآمال على التطبيع الكامل بين البلدين،

فقد تكون سياسة الاحتواء هي ما ستتعامل بموجبه الولايات المتحدة مع السودان في المرحلة المقلة، وهي في الغالب تقديم الجزرة، وليس لدى الخرطوم في هذه المرحلة ما تخسره، بل استفادتها من رفع الحصار سيؤهلها لالتقاط أنفاسها واستعادة توازنها، ولن تكون مضطرة للغوص عميقاً في البراثن والشراك الأمريكية .

> لا يعني رفع العقوبات أن واشنطن وضعت الخرطوم في جيبها، وشطبت وكشطت كل تحفظاتها السابقة حيالها، فدولة مثل السودان ونظام حكمها سيظل مثيراً للأسئلة وعلامات الاستفهام باستمرار لدى الجانب الأمريكي باعتبار أن وجوده هو خيار الضرورة ، كما قال محمد حسنين هيكل عند ترشيح عبد الفتاح السيسي لرئاسة مصر بعد عام من الانقلاب على الديمقراطية الموءودة في أرض الكنانة .
> اذا كانت السلطة الحالية في السودان ليست خيار الولايات المتحدة المرغوب، فإنها اضطرت للتعامل معها لعدة عوامل وحقائق واضحة للإدارة الأمريكية الحالية والسابقة.

> فالسودان بلد مهم ومحوري في الحرب على الإرهاب، وواحة آمنة في محيط مضطرب يسوده التوتر والاحتراب، فضلاً عن دوره وامتلاكه بعض مفاتيح الحل لبعض الأزمات في المنطقة، بجانب فرص متاحة لاستغلال واستثمار موارده الطبيعية التي تجتذب اهتمام شركات أمريكية وأوروبية.
> وغير بعيد من هذا القلق الأمريكي من تنامي واتساع دائرة الاستثمارات الصينية في إفريقيا.
> من الضروري الإقرار أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تحرر شهادة حسن سير وسلوك للسودان بسهولة ويُسْر، وإن اضطرت لرفع العقوبات لإدراكها أنها وسيلة فاشلة في تحقيق أغراضها، فالسلطة القائمة في الخرطوم ستظل محل اشتباه وقلق دائم لدى واشنطن، وإن تعاملت معها، ومخطئ او ربما ساذج من يظن أن الإدارة الأمريكية ومؤسسات الحكم في واشنطن يمكنها أن تنعطف بهذه السرعة وتتعامل مع السودان وتعتبره حليفاً، فهذا غير وارد الآن من الناحية الموضوعية استناداً الى منطق الأشياء، مقابل ذلك لن يغمض السودان كلتا، عينيه وينام مطمئناً بأنه مرضيٌ عنه وفِي مأمن من لدغات الأفاعي ذات الأجراس .

> لذا من الصعب التصديق أن الرضى الأمريكي قد تحقق وستكون علاقاتنا بلا توترات، قد تكون هناك بعض الانفراجات، لكن الركون الى صداقة أمريكية دائمة فذاك ضرب من الخيال، فكيف نعاهدها وأثر فأسها باقٍ في مكانه، وكيف نأمنها وكَلِمُنا يدمي من أنيابها المغروسة فينا، فمن الضروري أن نتوقف من صناعة الوهم، ونتعامل مع الأمور بقدرها وحجمها، ولا نسرف في الأماني والتوقعات، كما يفعل البعض هذه الأيام في الندوات واللقاءات والمنتديات.

الصادق الرزيقي
صحيفة الإنتباهة


تعليق واحد

  1. شوف ياعمي وبالمختصر المفيد الصفقه السريه تقول لاضرر ولاضرار عليه حتي ٢٠٢٠كفي!!! يعني تصفير النظام الا صولي يعني زيرو كيزان خليناواضحين~تصفيه بنظام الانتخابات!!! وماذا بعد التصفيه؟ هذا ما يجري بين الطرفين !اي كلام غير كده خره سمك لامؤاخذه