صلاح حبيب

إلغاء حج المؤسسات جاء متأخراً!!


في جلسة وصفت بالعاصفة عقدت بالبرلمان أمس الأول تم بموجبها إلغاء حج المؤسسات، وطلب من الأمراء بإعادة الأموال المستلفة والتي قدرت بأكثر من اثنين مليون ريال سعودي، أن القرار ورغم أهميته ولكن جاء متأخراً، فقد عرف أهل السودان إلى بيت الله الحرام منذ زمن طويل والجميع يمني النفس أن يتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم في حجه، ولكن أهل السودان جاءوا ببدعة اسمها حج المؤسسات وكأنما أولئك الحجاج لم يكونوا في سودان الغبش ابتدعوها بل حاولوا أن يميزوا أنفسهم عن سائر الحجاج، فالحاج الذي حباه الله بهذه النعمة ينبغي أن يكون مثله وكل خلق الله في تلك الشعيرة المهمة، والتي لا تتوفر لدى الكثيرين ليس في السودان ولكن في سائر بلاد الله وكم شهدنا أهلنا بني شنقيط الذين قدموا إلى السودان من أجل أداء شعيرة الحج، وكذلك أهلنا في غرب أفريقيا أما دول شرق آسيا فمن أراد الحج عليه أن يقتطع جزءاً من ماله شهرياً أو يومياً حتى يتمكن من أداء تلك الشعيرة مرة واحدة في حياته ولكن أهل السودان ربما استسهلوا الحج وجعلوا له أكثر من طريقة بخلاف ما هو متعارف عليه في الماضي، فالكل سواسية فيه، فالرب واحد والبيت واحد والوقوف يوم عرفة واحد، الكل يرتدي اللباس المتعارف عليه ولا يوجد زي يميز هذا الحاج عن ذاك، فالمشقة في الحج لابد منها حتى يشعر الحاج كيف قاسى الصحابة رضوان الله عليهم في أداء الشعيرة فلم تكن هناك طائرات ولا سيارات دفع رباعي غير تلك الدواب التي يستقلها الكل كوسيلة لأداء الحج، ولكن الآن بدأت الظواهر الاجتماعية والفروقات الطبقية التي تريد أن يكون في الحج طبقات كما هو في المجتمع، فالحاج السوداني ورغم ما ينفق على حجه من مال ولكن تجده أكثر حجاج العالم تعاسة ومعاناة فلا سكن مريح يجده ولا مواصلات سهلة تقله إلى الشعائر أو إلى أماكن العبادة بمسجد رسول الله، ولا أمير يتفقد أولئك الرعايا الذين أؤتمن عليهم فالأمير أحياناً من مطار الخرطوم لا يعرف الحجاج المكلف بهم، وإذا ما أكمل المهمة بالداخل فلن يستطيع أن يكملها بالأراضي المقدسة فكم من حاج فقد مجموعته بعدم متابعة هذا الأمير حتى الوجبات أحياناً لا تكون مكتملة، رغم أن الحاج السوداني اقل شعوب العالم تناولاً للطعام أن كان في الحج أو غيره، وحتى تلك الوجبة التي دفع الحاج مبلغها مقدماً أحياناً لا يجدها، وإن وجدها تكون اقل من الطموح، فعفة الحاج السوداني أحياناً تمنعه من مد يده للطعام الذي يتبرع به أهل الخير في تلك المناطق، ولذلك يجب أن يعود الحج كما كان في السابق يذهب الحاج بطريقته الخاصة يسكن كيفما شاء ويتنقل إلى المشاعر كيفما شاء لا يرتبط بأي شخص إلا بالرفقة المأمونة، ولكن أن تخرج من الحج أي جهة تريد أن تستغل الحجاج إلى مصالحها الشخصية حتى الجهات المسؤولة عن الحج تكون مهمتها في استخراج الوثيقة والتأشيرة من سفارة المملكة العربية السعودية بالخرطوم، أما بقية الإجراءات يقوم بها الحاج بنفسه لمنع السماسرة ومستغليهم، فقد شهدنا طوال الفترات الماضية عدم تعرض الحجاج السودانيين إلى أي مضايقات أو فقد حاج بالأراضي المقدسة، يمكن أن يموت الحاج قبل أو بعد ولكن أن نفقد حاجاً نهائياً لم نسمع بذلك إلا في تلك الفترة، ولا ندري ما هم موقف المسؤول عن هؤلاء الحجاج، فالخطوة التي بدأت بالبرلمان نتمنى أن تتواصل حتى يتعافى حجنا من تلك الظواهر.

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي