تحقيقات وتقارير

سيرة لا تتوقف.. هجرة الأطباء.. نقاط سوداء في (البالطو) الأبيض


يقول جهاز شؤون السودانيين العاملين بالخارج (جهاز المغتربين) إن (20) ألف طبيب سوداني ينشطون خارج البلاد، منهم (5) آلاف في ايرلندا لوحدها.
بيد أن الناظر إلى هجرة الأطباء بالعين المجردة، ودون حاجة لإجراء مقارنة بعدد خريجي كليات الطب والممارسين للمهنة، يتوصل إلى أن أطباء السودان خارجه مما لا تحصره الأضابير الرسمية.
ويبدو أن الأطباء لا يتقيدون بكل ما هو رسمي، وليس أدل على ذلك من رفضهم التدريب أو التخصص على نفقة الدولة مخافة الاشتراطات التي تفرضها وزارة الصحة.
ويظهر أن الهوة شاسعة فى هذا الجانب باعتراف مجلس التخصصات الطبية القائم على أمر التدريب، إذ أكد أمينه العام د. الشيخ الصديق أن 80% من الأطباء يتدربون على النفقة الخاصة وأن (20%) فقط يتدربون على نفقة الحكومة مما يعد سبباً لانفراط العقد، ذلك أن الدولة لا تستطيع التحكم فى استقرار الطبيب.

حرية
في بلاد السوق الحر، قالت الحكومة إنها لن تمنع هجرة الأطباء إلى الخارج في محاولاتهم لتحسين أوضاعهم المادية على نحو رئيس. لاسيما أن كليات الطب تخرج (7) آلاف طبيب سنوياً وهذا الخط بالطبع مدعوم من وزارة الصحة الاتحادية بقيادة الوزير بحر إدريس أبو قردة الذي صرح في غير منبر بأن الدولة لن تمنع هجرة الأطباء.
ويبدو أن وزارة الصحة نست أو تناست أن تفريخ الأطباء الجدد يحتاج في المقابل لمعلمين من الاستشاريين، وهم أكثر الفئات الطبية طلباً للهجرة.

رواتب
رغم ذلك فإن هناك محاولات خجولة من وزارة الصحة بولاية الخرطوم ووزيرها بروفيسور مأمون حميدة لوقف نزيف الهجرة، والحديث ينحصر هنا فى تحسين الوضع الاقتصادي الذي يعتبر السبب الأول لهجرة الأطباء.
وهناك حديث من وزير الصحة بزيادة حوافز الأطباء، غير أن الحديث عن زيادة الرواتب يعتبر شأن الدولة والتي تعاني من أزمات اقتصادية، بفضلها لا يتعدى راتب طبيب الامتياز (800) جنيهاً. ووصف مدير الطب العلاجي الأسبق بوزارة الصحة الاتحادية د. عبد الحميد يوسف السيسي لـ(الصيحة) وضع الطبيب بغير الكريم، وقال إن معظم الأطباء في الصحة متعاونين وليس لديهم وظائف ثابتة، الأمر الذي يؤكد عدم حصولهم على معاشات. وأبدى السيسي ملاحظة بشأن تفشي ظاهرة جديدة وهي الهجرة وسط الطبيبات التي زادت بشكل كبير مقارنة بعهود سابقة كانت الهجرة محصورة وسط الأطباء.
عدد السيسي أسباب الهجرة في القضايا الاقتصادية والترقي والتخصص معتبراً أن السودان يعاني من قضية تدريب، والشاهد أن معظم الاختصاصيين في الآونة الأخيرة تركوا العمل في المستشفيات للعمل في المشافي والعيادات الخاصة.

لوجيستك
أكد عدد من الأطباء استطلعتهم (الصيحة) أن بيئة المستشفيات سيئة وأن الأجهزة الطبية والامكانيات التي يمكن أن تطور من قدراتهم غير متوفرة بالمشافي مقارنة بما يجدوه في الخارج من امكانيات.
بيد أن وزارة الصحة بولاية الخرطوم لها رأي مخالف، إذ تصر أن الصروح الطبية داخل السودان تتوافر فيها الامكانيات من كل النواحي معتبرة أن الأطباء يتخذون قرارات الهجرة لمسببات لا علاقة لها بالامكانات.

موقفون
علاوة على كل المسببات التي يسوقها الأطباء عن دواعي الهجرة تبرز قضية سوء التعامل من قبل المرضى والمرافقين والتي تصل إلى حالة الاعتداء، ولا يستثنى في ذلك الطبيب من الطبيبة، زد على ذلك الملاحقات القضائية ضد الأطباء من قبل ذوي المرضى، رغم ما يبذله الأطباء من جهود وفقاً للامكانيات المتاحة.

استراتيجية
سبق وأن طالب مأمون حميدة الحكومة المركزية بوضع استراتيجية واضحة لتوفير الكوادر الطبية والصحية وفقاً للاحتياجات الفعلية للولايات والمستشفيات منعاً لتخريج أعداد كبيرة من الأطباء مقارنة بالكوادر المساعدة، خاصة وأن تغييراً قد حدث في المسار الطبي يؤدي إلى زيادة دور المهن الصحية والكوادر المساعدة مقابل دور الأطباء في ظل التطور التكنولوجي مما يستدعي الاهتمام بهذه الكوادر ومنحها الأولوية. وأضاف حميدة بأن مجلس التخصصات الطبية يعمل بمعزل عن الجهات الأخرى المختصة.

إجراءات
في الصدد شددت وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي سمية أبو كشوة، على اتخاذ إجراءات صارمة تلزم الولايات باستيعاب الأطباء والكوادر الصحية المختلفة في العمل والوظائف بالولايات لسد النقص في هذه الكوادر وانعدامها بدلاً عن التكدس في ولاية الخرطوم، خاصة وأن الوزارة ملتزمة بتخصيص 50% من المقاعد بالجامعات الولائية في كل ولاية، مع الزام الخريجين بالعمل لمدة خمس سنوات على الأقل للعمل في ولاياتهم.
لافتة إلى أن هجرة الكوادر مرتبطة بعدم استيعاب الكوادر في الوظائف، مشيرة إلى أن الوزارة تخرِّج أعداداً كبيرة من التمريض في الدبلوم والبكلاريوس ممن يهاجروا قبل استلام شهادتهم حتى، الأمر الذي استدعى وضع خطة واضحة لتطويرهم مهنياً مع الالتزام بالمسار المهني والأخلاقي على أن يتبنى مجلس المهن الطبية والصحية منهجاً للتعليم المتواصل .

تأهيل
اعتبر مدير وزارة الصحة بولاية الخرطوم د. بابكر محمد علي فى تصريح لـ(الصيحة) أن وجود (20) ألف طبيب بالخارج عدد متوقع، معرباً عن اهتمامهم بسمعة الطبيب السوداني خارج البلاد لذا نادى بضرورة أن يكون الطبيب مؤهلاً تأهيلاً عالياً لعكس صورة طيبة عن وزارة الصحة. وطرق على ضرورة أن تضطلع وزارة التعليم العالي بدورها فى توفير الأستاذ المؤهل وتهيئة كليات الطب وتوفير المعامل والمشارح.
ورداً على سؤال الصحفية بشأن أن وزارة الصحة أحياناً تشجع الهجرة، قال د. بابكر إن وزارته لها طاقة استيعابية محددة من خلالها تستوعب الكوادر بالمستشفيات، فضلاً عن أن القطاع الخاص يستوعب كوادر أخرى.
مزيحاً النقاب عن خطة وزارته لضبط التدريب بالمستشفيات بأن لا يزيد عدد الأطباء المتدربين بالمستشفيات على 10 طلاب مقابل كل مريض مشيراً إلى أن مجلس التخصصات الطبية يستوعب سنوياً 4 آلاف طبيب للتدريب في عدد 36 تخصصاً.
منبهاً إلى أن وزارة الصحة خفضت عدد سنوات العمل بالسودان للأطباء المتدربين على نفقة الحكومة من 8 سنوات إلى 4 سنوات.

فرص حكومية
يقول د. بابكر إن الفرص الحكومية للتدريب بالسودان موجودة إذ توفر البلاد سنوياً 2 ألف فرصة، غير أن الأطباء يفضلون التدريب على النفقة الخاصة ليكون لهم حرية العمل داخل وخارج السودان. وقال إن وزارته تشجع هجرة الأطباء عند مدخل الخدمة والعموميين، مقراً بوجود مشكلة فى هجرة الاستشاريين. ويقول نحن فى الوزارة وضعنا لائحة الحوافز لابقاء الكوادر الطبية، ووضع كشف الاختصاصيين الموحد الذي سيطبق في العام 2018م كما أجازت الوزارة الاتحادية لائحة بوضع حوافر تتراوح ما بين 20 ألف جنيه للأطباء الذين يعملون في المناطق الطرفية و2 ألف للذين يعملون في المدن.

الصيحة.


تعليق واحد

  1. ويبدو أن الأطباء لا يتقيدون بكل ما هو رسمي، وليس أدل على ذلك من رفضهم التدريب أو التخصص على نفقة الدولة مخافة الاشتراطات التي تفرضها وزارة الصحة.
    هههههههههههههههه
    ما هو الشيء الرسمي الذي رفض الأطباء التقيد به ، و ما هو الشيء المنطقي في هذا الكلام!! ، إذا رفض الطبيب شروطاً لا تحقق له طموحه و لا تتماشى مع متطلباته فهل المشكلة في الطبيب أم في الشروط!! ، هل الطبيب هو الفئة الوحيدة المعنية بالتضحية و عدم الهجرة و قبول الوضع الإقتصادي السيء؟؟ ، لماذا يهاجر الأطباء و لماذا يهاجر السودانيون عموماً؟؟ ، لماذا يتم نقاش هجرة الأطباء بمعزل عن قضية الهجرة العامة و كأن هنالك مشكلة خاصة في الأطباء نفسهم؟؟ ، لماذا يتم التركيز على النقطة الأضعف في القضية أكثر من العوامل الأكثر تأثيراً؟؟ ، و أخيراً لماذا يكتب كلام غير موضوعي في الجرائد