مقالات متنوعة

في بيتنا رجل


قصة الكاتب الراحل (إحسان عبدالقدوس) الشهيرة.. التي تحكي عن تلك الأسرة البسيطة العايشة في حالها.. أو كما يقولون (ماشية جنب الحيط).. لا تدري ما الذي يحدث في الخارج.. ولا يهمها كثيراً طالما لا يؤثر على سير يومها العادي.. تلك الأسرة. أتاها زائر فجأة.. ناشط سياسي.. مطلوب للعدالة.. طلب الاختباء عندهم.. فكانت الحيرة.. والارتباك.. ومن ثم تغير كل تفكير الأسرة.. ونشاطها…الرواية جديرة بالقراءة.. لكن تلك قصة أخرى.
زارنا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.. وقبل كل شيء.. وجب علينا أن نرفع القبعة له تحية.. زيارته أثلجت صدورنا.. وأعادت إلينا ذكرى أيام جميلة.. كان يزورنا فيها رؤساء دول كثر.. ويقضون أياماً معنا.. وتذخز وسائل الإعلام عندنا بتقارير تجوالهم بين ربوع بلادنا.. وهناك أيام خلت.. كان رؤساء بعض الدول يأتون إلينا مجبرين.. ينظرون الى ساعاتهم.. وبعضهم يترك طائرته على أهبة الاستعداد.. اذ هي إلا ساعات.. .ويقفل عائداً الى بلاده.. وإياك أعني فاسمعي يا جارة.. .لكن تلك أيضاً قصة أخرى.
زارنا أردوغان.. وغنينا (ما بعيد الدنيا تبسم لينا من أول جديد).. لكننا كما تلك الأسرة المصرية في رواية (في بيتنا رجل).. ارتبكنا وتسيدت الحيرة شوارعنا.. فما عرفنا أيها نغلقه في وجوه السائرين.. وأيها نفتحه لهم.. ارتبكت الحركة.. وتكدس الناس في المواصلات التي آثر أغلب أصحابها السلامة.. وطبعاً لابد أن تحدث شوية شتارة.. فقد أصدرت ولاية الخرطوم تعليمات بإجازة نصف يوم لمنسوبيها لاستقبال أردوغان.. فازدحمت الطرقات أكثر.. فقلت لنفسي دي الحالة (رئيس واحد).. ترى لو كان عدة رؤساء.. ربما منحنا إجازة سنوية لإخلاء الطرقات.. أو يمكن يسفرونا الى مناطق أخرى.. حتى يتسنى للزائر التجوال بحرية في العاصمة.
تلك الأسرة المصرية في الرواية.. لم تكن تدري بمجئ بطل القصة.. فما بال حكومة ولاية الخرطوم التي كانت تعلم بالزيارة.. وكان الممكن أن ترتب لإجازة منسوبيها.. وتنظم حركة شوارعها بحيث لا تتأثر بحركة الضيف وحاشيته!!.. وربما ننتهز الفرصة لنطالب بالاهتمام أكثر بالشوارع من ناحية الترميم وإغلاق الحفر والفتحات.. وانتظام عربات النفايات (دا ما عشانا نحن عشان الضيوف وكدا).. ذلك أن زيارة الرئيس التركي ستكون هي البداية وستعقبها زيارات رؤساء بلدان أخر.. فتح لهم أردوغان الطريق الى الخرطوم.
وطبعاً في الختام.. كان لابد أن يتم منح الزائر (الدكتوراة الفخرية من جامعة سودانية) خطوة أصبحت بدهية (ليست بديهية وهي خطأ شائع) مدرجة في منظومة الإحتفاء بالضيف.. وأغلب الظن.. أن مانحيها يعتقدون أن رجب أردوغان سيضيف الى اسمه (الدال الشهيرة) التي تتقدم أسماء الغالبية العظمى من السودانيين.. حتى قاربنا أن نلقب باسم بلد المليار دكتور.
كسرة مستعارة من الفاتح جبرا:
مطار الخرطوم الجديد.. وبعد أن تبناه السيد أردوغان.. الافتتاح متين؟؟
كسرة حقتي أنا:
الدكتوراة الفخرية عقب كل زيارة شخص مهم للسودان.. أصبحت مثل (صحن المرارة) لابد من وضعه في المائدة حتى يتأكد الضيف أن هناك ذبيحة نحرت له خصيصاً.

صباحكم خير – د ناهد قرناص
صحيفة الجريدة