الطيب مصطفى

(قل موتوا بغيظكم)


كانت تلك هي العبارة التي ردّ بها وزير الخارجية غندور على سفهاء الإعلام المصري وهم يُعبِّرون عن غضبهم لزيارة الرئيس التركي أردوغان وهي ذات الحملة التي شنها أولئك السفهاء عقب زيارة الشيخة موزا والدة الشيخ تميم أمير دولة قطر والتي زارت فيها بعض المناطق السياحية في شمال السودان الأمر الذي أشعل غضب بعض الفضائيات المصرية التي ساءها أن ينازع (أم الدنيا) بلد ظلت تنظر إليه من عل باعتباره كائناً متخلفاً تلعب الوحوش والقردة في شوارع عاصمته.

إعلاميو مصر للأسف لم يستوعبوا حتى الآن أن السودان دولة مستقلة ذات سيادة وأن قرارها لا ينبغي أن يمر عبر وزارة الخارجية المصرية أو جهاز الأمن والمخابرات المصري، وليس من مصلحة مصر استراتيجياً نقل المعركة إلى الشارع السوداني، فمصر بسكانها الذين تجاوزا المائة مليون تحتاج إلى السودان طال الزمن أم قصر.

لم أبال كثيراً لغضب سفهاء إعلام مصر سيما وأن بلادهم ظلت تجني سنوياً أكثر من عشرة مليارات من الدولارات من السياحة التي شعروا بأن أي حديث عن وجود حضارة في السودان أقدم من حضارتهم الفرعونية ستخصم من ذلك الريع الضخم.

لكن أكثر ما آلمني تطاول بعض المغردين السعوديين الذين أرجو أن يكفوا عن النيل من السودان ومن شعبه وقيادته، ومن المن والأذى الذي يهرفون به في بعض مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام بل وفي الصحف السياسية، وليعلموا أننا نستطيع أن نقول الكثير، فمن كان بيته من زجاج لا ينبغي أن يقذف الناس بالحجارة.

بين حاج ماجد سوار وعمار حامد سليمان

مثلما غادر د. عمار حامد سليمان ذلك البلدوزر الذي ينطبق عليه مقولة: (المؤمن كالغيث أينما وقع نفع)،

تردّد أن السفير حاج ماجد سوار يحزم حقائبه ليُغادر أرض الوطن بعد أن أعملت فيه (الإنقاذ) سيفها البتّار كما فعلت مع كثير من المخلصين الذين يتعذّر عليّ حصر عشر معشارهم.

أذكر أنه عندما أُطِيح بدكتور إبراهيم حسن الحاج في سنوات الإنقاذ الأولى – رغم علمه الغزير وقدراته الفذة – من منصب مدير المناطق والأسواق الحرة وأُتي بخلف له أوشكوا، وهم يقدّمونه للمنصب، أن يقدّسوه تبجيلاً وتعظيماً، كتبتُ في إحدى الصحف (رسالة إلى أعداء النجاح)، وأثبتت الأيام خطل ذلك القرار الكارثي بعد أن علموا حقيقة (الخلف) مقارنة بذلك الهرم الذي جنت عليه استقامته وكفاءته!

د. عمار حامد سليمان ذلك الرجل الذي أجزم أنه من أكفأ من رأيت من المسؤولين السودانيين في همّته وفاعليته وديناميكيته وإخلاصه، ضاقوا به ذرعاً بسبب الغيرة التي تسود حياتنا السياسية مع غيرها من أمراض النفوس الأمارة بالسوء، والتي تسلّل الشيطان من خلالها ليعبث ببلادنا ويرمي بها في مهاوي الفشل الإداري الشنيع فغادر عمار أرض الوطن – بسبب (الحفر) والحسد والغيرة – ليمنح الحياة في مناطق مُقفرة من أرض الله الواسعة خارج وطنه .. لولا ضيق المجال لكتبتُ عن عمار الكثير فقد كان المرشح الأول لمنصب والي الخرطوم من قبل جماهير المؤتمر الوطني قبل أن يعصف به قرار تعيين الولاة ويكفي أنه الوحيد بين كل المعتمدين في السودان الذي أنجز حكومة إلكترونية كاملة الدسم رأيت مخرجاتها بعيني رأسي قبل نحو سنتين وشهدت عليها وزيرة الاتصالات د. تهاني عبد الله بل إنها حصلت على جوائز وشهادات تقدير في أوروبا وآسيا.

الآن جاء الدور على السفير حاج ماجد سوار الذي لا أزال أذكر مناظرته المدهشة التي بُثت من خلال برنامج (الاتجاه المعاكس) بقناة الجزيرة الفضائية والتي أخرس بها علي محمود حسنين المحامي المخضرم الذي يكبر والد حاج ماجد عمراً وخبرة وألجأه إلى الحائط رغم فقر البضاعة التي أفلح حاج ماجد في تسويقها في ذلك البرنامج الخطير !

صمت حاج ماجد ولم ينبس ببنت شفة منذ أن غادر موقعه الأخير كما غادر قبل ذلك منصب السفير لأنه اعتاد على أن يجهر بما يراه حقاً في مهنة تلزم صاحبها أن ينصر دولته ظالمة أو مظلومة ويعبر بلسانها لا بلسانه ورأيه!

إلى الله المشتكى من دولة لا يشتد بأسُها إلا على مُخلِصيها بعد أن بات النفاقُ سلعةً رائجة.

الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. افضل من في الانقاذ هو شيطان اخرس … هذا اذا كان في اولئك شيئ من الفضل … من من ذوي الدين و الاخلاق يرضى بان يعيش وسط هذا المستنقع الآسن من الفساد و الفشل و الخيبة و الجريمة و يسكت عن كل ذلك؟
    يا سيدي كلهم فاسدون فاشلون مجرمون

    1. دعني قبل أن أتناول بعض النقاط الواردة في المقال

      دعني أبكي على ” حاج ماجد ” بدموع الدم

      الرجل الذي كان يسير نهاره كله في ممرات الجهاز ، وتناقشنا معه في واحد من تلك الممرات عن سلبيات الجهاز

      في الممر وليس في مكتبه !!

      أما مصر …فذلك موضوع لن ننته منه إلى أن يرث الله الأرض

      أوقعنا الحظ ” … ” بعد خيارات بين بعض الدول لبعثة علمية ، فكان حظنا مصر حين كان بعضهم يسألنا : هي

      والله لن أبخس الناس أشياءهم

      ولكن ما أفجعنا “نحن أفراد تلك البعثة ” حين كان بعضهم يسألنا : هي الأفيال بتمشي عندكم عادي في الشوارع ؟ !

      ونفس الشيء كان يحدث مع زملاء لنا من دول أخرى !

      وإن أنسى لن أنسى زميلنا النيجيري ” عبد الحميد ” وتعليقاته الساخرة