مقالات متنوعة

ميزانية الأخطاء والتناقضات


السمة البارزة لهذه الميزانية هو اتساع الجبايات وفرض مزيد من الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة وزيادة الانفاق الحكومي ، وتجاهل البرنامج الخماسي ، والتزام الحكومة بتحقيق أهداف الألفية ومكافحة الفقر ، فضلاً عن إيداع الميزانية قبل أيام قلائل في تجاهل تام للدستور ولائحة تنظيم أعمال المجلس الوطني، هذا طبعاً فوت فرص عرض الميزانية ومناقشتها بترو .

الأرقام الواردة في الميزانية عبارة عن دعاية سياسية ، ولا زالت الحكومة تتحدث عن دعم النفط في وقت تهاوت فيه الأسعار من 120 دولار للبرميل الى 38 دولار والآن حوالي 50 دولار ، وتراجعت فيه أسعار القمح من 400 دولار الى 230 دولار ..
سبق وعرضت الحكومة ميزانياتها للسنوات المنصرفة بطريقة حاولت من خلالها اخفاء السلبيات و حصر التناقضات في مؤشرات الأداء الاقتصادي تحت بنود شائعة تعطي قدراً من الاستنتاج ولكنها لا تعطي صورة كاملة عن الميزانية ومنها العجز في الموازنة ، والعجز في الميزان التجاري , التضخم ، وعرض النقود .
عدا ميزانية 2016م والتي ورد في بند ايراداتها مبلغ 11 مليار ج ( اجمالاً) ولم يوجد أي بند ايرادي ، وقد فهم حينها أن تعلية الايرادات مقصود منه تحسين صورة الميزانية لجهة العجز، و تهميش أهمية بند المصروفات الحكومية لدرجة أنه تناقص أو على الأقل لا يتسبب في تضخم والعجز .

ميزانية 2018م تتميز بتناقصات وأخطاء جوهرية لا يمكن بحال اعتبارها ميزانية حكومة لها رؤية اقتصادية ورشد سياسي ، بقليل من المراجعة يتضح حجم الأخطاء القاتلة ، وتحديداً كيفية تحديد العجز الكلي للموازنة في مرحلة عرضها وتوقعات الناتج الفعلي في نفس خطاب الموازنة .
كذلك يلاحظ الفروقات بين جداول الميزانية وعرض هذه الجداول من خلال الخطاب وعليه يمكن استنتاج أن المراجعة للخطاب عدلت في الأرقام بصورة عشوائية دون الأخذ في الاعتبار الجداول المصاحبة .

حددت الميزانية العجز في حدود 28 مليار في بداية العام عند وضع الميزانية مع توقع أن تكون الايرادات لذات العجز بحوالي 92% ، وبذلك يتضح أن العجز الايرادي 30.24 مليار ، وعليه فلم يكن مستغرباً نسبة العجز الى الناتج المحلي … والصحيح أن ينسب الى الايرادات ، كما أن عدم إدراج بند تخصيص حصة الولايات ، وبهذا فإن العجز يتخطى 55 مليار ج.

جاء ايراد رقمين للعجز في الميزان التجاري وأن الموازنة تستهدف تخفيض العجز من 2.5 مليار دولار الى 2.2 مليار ، في حين ان الوزير ذكر أن العجز في ديسمبر 2016م انخفض الي 4.2 مليار دولار، أما أكثر الأرقام اثارة للحيرة، فجاء في توقعات الوزير للآداء في نهاية 2018 ، فهو توقع أن يكون العجز في الموازنة حوالي 14% من الناتج المحلي، في حين أن هذا العجز كان في البداية 2.4 من الناتج الاجمالي .
كيف يمكن لميزانية تفصل في حدود الألف جنيه في البنود أن تورد رقماً ضخماً (33.7) مليار ج كايرادات أخرى ، وهو مبلغ يعادل 20% من الايرادات المتوقعة .
اما لا يمكن استيعابه فهو تجاهل الميزانية لايرادات النفط والذهب والمعادن الأخرى وعائد العمليات الاستثمارية ، هذه ميزانية الأخطاء و التناقضات. نواصل غداً

ماوراء الخبر – محمد وداعة
صحيفة الجريدة