منوعات

تسريب أملاك الأرثوذكس بالقدس.. قديم جديد


تخلص أوراق بحثية عرضت في ندوة بجامعة القدس إلى أن بيع الأملاك الوقفية التابعة للبطريركية الأرثوذكسية ليس وليد اللحظة، وإنما بدأ بتشجيع من الانتداب البريطاني واستغلال وتخطيط إسرائيلي لاحق، وتآمر من اليونان.

وطرحت في الندوة التي عقدتها كلية الحقوق في جامعة القدس مساء أمس تحت عنوان “الأملاك الوقفية الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس”، ثلاث أوراق رئيسية ناقشت أيضا التأثير السياسي على بيع هذه الممتلكات.
واستهل عضو المجلس المركزي الأرثوذكسي عن الشباب في الأردن وفلسطين جلال برهم حديثه بتصويب بعض المعتقدات عن الكنيسة، والدعوة إلى التفريق بين مفهوم الكنيسة والبطريركية كي لا يظلم أبناء الكنيسة العربية الذين يؤكد أنهم يقفون ضد البيع والتسريب ويناضلون من أجل حماية الوقف الأرثوذكسي العربي، والبطريركية التي تتبع إدارتها لليونان ولا علاقة لها بالهوية الفلسطينية والعربية، هي التي تبيع وتسرّب وتتآمر ومنخرطة في العمل السياسي منذ عام 1534 ولا يقتصر عملها على الشؤون الدينية.

وشدد في ورقته التي تحدثت عن التسريبات، على ضرورة عدم اعتبار القضية العربية الأرثوذكسية قضية كنسية داخلية، بل قضية وطنية فلسطينية من الدرجة الأولى تمسّ كافة مكونات الشعب الفلسطيني.

الديون والانتداب
وفي لمحة تاريخية بشأن طريقة تعامل البطريركية الأرثوذكسية مع القوى المهيمنة على مرّ العصور، تحدث برهم عن التقاء مصالح اليونان مع الدولة العثمانية أثناء مدة حكمها بلاد الشام وما قال إنه وقوف الأخيرة ضد العرب الأرثوذكس في كل انتفاضاتهم ونضالاتهم التي كانت تطالب باستعادة الحقوق والهوية العربية لهذه الكنيسة.

الانتداب البريطاني مع قدومه لفلسطين شجع البطريركية على بيع مساحات واسعة من أراضيها للخلاص من الأزمة المالية الخانقة التي كانت تمر بها، وهكذا بدأت تتوالى صفقات البيع والتسريب في أغلبها للحركة الصهيونية، أو اتباع طريقة تأجير الأملاك لشركات أجنبية -في جزر الكاريبي- التي تتملكها لاحقا ثم تبيعها لجمعيات استيطانية.

المشكلة تكمن -حسب برهم- في أن اليونان تعتبر كافة ممتلكات الكنيسة الأرثوذكسية في فلسطين ملكا خالصا للأمة اليونانية، “الأمر الذي يحتم حراكا رسميا وشعبيا فلسطينيا متينا ضد الصفقات المستمرة التي لا يتم الكشف عنها إلا بعد مرور سنوات ومن خلال الصحافة الإسرائيلية في أغلب الأحيان”.

وقدم المجلس المركزي الأرثوذكسي للمجلس المركزي لمنظمة التحرير في اجتماعه في يناير/كانون الثاني المنصرم قائمة بتفاصيل صفقات البيع والتسريب بالقدس التي تمت في عهد البطريرك ثيوفيلوس الثالث، وتضمنت القائمة ثماني عشرة صفقة.

مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي تطرّق للتأثير السياسي على بيع الممتلكات في مدينة القدس، وبدأ حديثه من السياسة التي اتبعها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون بالامتداد نحو الحيين الإسلامي والمسيحي بالبلدة القديمة عام 1991 والاستيلاء حينها على فندق مار يوحنا وبيوت أخرى في حي الحبشة وتراسنطة ضمن مخطط مرسوم للجمعيات الاستيطانية بإقامة ممرات آمنة لليهود إلى حائط البراق، وتمهيدا لإحداث تغيرات جغرافية وديمغرافية لصالح اليهود بالبلدة القديمة.

مسح وشراء
وحسب التفكجي فإن الاحتلال بدأ في ثمانينيات القرن الماضي التركيز على شراء الأملاك بعد عمليات مسح قام بها للملكيات الوقفية والأملاك الخاصة بالبلدة القديمة، ووفقا لهذا المسح تبين أن الكنائس المسيحية تملك 22.8%، وتشمل هذه الملكيات 920 قطعة تعود جميعها للكنائس دون الأملاك الخاصة للمسيحيين، وتتوزع حسب التصنيف إلى 524 بناية، تعود ملكية 56.2% منها للكنيسة الأرثوذكسية.

وتتوزع أملاك البطريركية الأرثوذكسية في جميع أنحاء البلدة القديمة، وتتركز في باب الخليل والجديد والعامود والساهرة والأسباط، الأمر الذي لفت انتباه سلطات الاحتلال، مما أدى لاستغلال النفوس الضعيفة في البطريركية لعقد صفقات علنية وسرية، ومن بينها الصفقة الأخيرة في بابي الخليل والساهرة.

وعن صفقات القدس الغربية، أكد التفكجي أن البطريركية تملك 11% من الأملاك باعتبارها البطريركية الأقدم في البلاد، وبيع أملاكها يعني حسم وضعية القدس الغربية لصالح إسرائيل في واحدة من أدق المراحل الوطنية التي يخوضها الشعب الفلسطيني مع الاحتلال حاليا باعتبار القدس عاصمة فلسطينية.

وقد أكد أستاذ القانون الدولي العام في جامعة القدس موسى دويك أن اليونان تضاف لقائمة الدول التي على منظمة التحرير والشعب الفلسطيني محاكمتهاغرد النص عبر تويتر باعتبارها عدوّا ساهم في ضرر كبير للفلسطينيين، مشيرا إلى أن القانون الدولي اعتبر منذ عقود أن كل صفقات البيع التي تتم تحت الاحتلال باطلة وتنتهي بانتهائه.

المصدر : الجزيرة