تحقيقات وتقارير

البرلمان على الخط فرض سياسات التقشف.. العقدة أمام المنشار


دخلت قيادة المجلس الوطني أمس السبت برئاسة البروفيسر إبراهيم أحمد عمر في اجتماعات مغلقة لمناقشة دراسة حول إجراءات تقشف الجهاز الحكومي الذي أكدته وزارة المالية حينما أصدرت منشورها الخاص بإعداد موازنة العام 2018 قالت إنها تراعي فيه تحقيق شعار البرنامج الخماسي للإنتاج من أجل التصدير وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين، وشدَّدت على تطبيق نصوص وقانون ولوائح الشراء والتعاقد لوثائق العطاءات النموذجية مع برمجة خطة الشراء السنوية، بجانب الالتزام بقرارات مجلس الوزراء فيما يلي سفر الوفود الرسمية من حيث العدد والفترة الزمنية، لذا يتجه الجهاز التشريعي للعمل من أجل إنزال إجراءات التقشف على أرض الواقع.

ترهّل مستمر

الشاهد في الأمر أن الإنفاق العام لم يشهد أي تخفيض خلال السنوات الماضية بالرغم من أن تعهدات وزراء المالية السابقين والوزير الحالي بتخفيض الإنفاق العام في الموازنة الحالية، مما يؤكد الزيادة المعلنة في الموازنة الحالية في الإنفاق الحكومي التي تصل إلى 80%، تبين أن الوزير ليست لديه القدرة على تخفيض الأرقام التي تنفق في الصرف العام حتى بات الإنفاق كبيراً وبصورة واسعة ساهمت بشكل واضح في إرهاق ميزانية الدولة.

عدم جدية

حول فشل الحكومة في فرض سياسات التقشف يقول عضو البرلمان حسن رزق إن الدولة غير جادة في قضية التقشف الحكومي، وأضاف لـ(الصيحة): إذا كانت الدولة تريد ذلك يجب عليها تقليل المنصرفات التي وردت في الميزانية العامة، إضافة إلى المنصرفات في إقامة الاحتفالات والمؤتمرات والسفر، وزاد”28 عاماً ولم نتوقف عن الاستقبالات والسفر والنثريات التي تصرف بالدولار على سفر قيادة الدولة ومن حولهم “، لافتاً إلى أن ميزانية الأجهرة الأمنية تذهب لمناشط هامشية، واصفاً نواب المجلس بنواب الإشارة تقودهم الدولة، وتساءل كيف يكون هنالك تقشف ونواب البرلمان يبلغ عددهم 600 نائب بجانب وجود 18 مجلساً تشريعياً ولائياً وترهلاً حكومياً يحتاج إلى تقشف، وقال يجب أن يكون العمل بالبرلمان طوعياً يرشح فيه أي حزب أحد منسوبيه.

أمر عسير

حديث رزق يبدو غير مهضوم للخبير الاقتصادي دكتور عز الدين إبراهيم الذي أشار لـ(الصيحة) أن التقشف صعب جداً، ويجب بقدر الإمكان تفاديه، معللاً في حديثه أن الإنفاق العام يشمل رواتب الموظفين ولا يمكن خفضها لجهة أنها متدنية في الأصل، بجانب أن ثلث الإيرادات تذهب للولايات التي تخصصها للصرف على الصحة والتعليم والخدمات، وقلل من أهمية التقليل من نثريات السفر وإقامة المؤتمرات باعتبار أن النسبة المحققة من ذلك هامشية وغير مؤثرة، مطالباً بضرورة الحديث عن خفض نسبة نمو المصروفات وليس خفض المصروفات نفسها بتحديد نسبة الزيادة في الميزانية قبل إجازتها من قبل نواب البرلمان والتركيز على زيادة نمو الإيرادات مما يساهم في تحسين الوضع الاقتصادي عاماً بعد عام، قاطعاً بأن الدولة جادة في التقشف، أن الإجراءات التي أصدرتها الدولة تؤكد جدية انتهاجها، بيد أنه عاب على نواب البرلمان إجازتهم الموازنة العامة دون فهم تفاصيلها، فضلاً عن فقدانهم الخبرة في ذلك.

وحول سعي رئاسة البرلمان لفرض التقشف، قال: أتوقع أن يخرج الاجتماع البرلماني بالضغط على وزارة المالية لتعديل الإنفاق، متسائلاً: هل الوزارة ستستجيب لذلك، وأوضح أن هنالك ميزانية تقديرية وهي التي يجيزها البرلمان ميزانية أخرى عند التنفيذ تظهر بها الحقائق ويحدث فيها الانحراف نتيجة التيارات المختلفة بالحكومة المتنازعة الذين يصلون في خاتمة المطاف إلى حل متوسط غير جيد، لافتاً إلى وجود تقاطعات وتضارب نتيجة للسياسات المتبعة تظهر في التنفيذ وليس مسألة صدق أو نوايا والتي لا تتحقق في الواقع بنسبة 100%، واعتبر الدعوات بالتخلص من الترهل الحكومي بالسير في حلقة مفرغة.

أقل من المطلوب

ويرى خبراء اقتصاديون أن الحل يكمن في خفض الإنفاق العام والتعديل في السياسات التي اتخذت باعتبار أن السياسات حزمة متكاملة حتى لا تتكرر المشاكل ويحدث تضخم. وأكدوا أن هنالك إجراءات اتخذتها الدولة لتخفيض الإنفاق فى الآونة الأخيرة كانت أقل من المطلوب. أما فيما يتعلق بالدولار أكدوا أن حوالي 70% من الطلب عليه يأتي من القطاع العام، ولابد من تخفيض الإنفاق العام والنظر في مكونات القطاع العام “الفصل الأول” وتخفيضه، فكثير من الأموال التي تدخل إلى السوق من حجم التضخم في الفصل الأول ومن مؤسسات بعينها في وقت تحجب مؤسسات معينة مواردها وتدخل بها إلى السوق، ولذا فالمطلوب هو خفض الصرف الجاري في الدولة “قومية وولائية” ولكن العكس الآن لا زال هنالك توسع في الصرف على الإنفاق العام، وهذا التحدي يتطلب إجراءات استثنائية لخفض الإنفاق العام.

عدم التزام

أما الأستاذ المشارك بجامعة المغتربين والمحلل الاقتصادي دكتور محمد الناير فإنه يرى أن الدولة حتى الآن لم تلتزم بقضية ترشيد الإنفاق الحكومي بصورة فعلية، وقال لـ(الصيحة) إن الدولة ظلت تنادي بالترشيد الحكومي منذ العام 2012 عبر حزمة من الإجراءات يدفع ثمنها المواطن ولا تدفع الدولة معه شيئاً، جازماً بأن جميع الإجراءات التقشفية التي انتهجتها الدولة رمزية ولم تحقق أي تخفيض في الإنفاق العام، مستدلاً بما أسماه بالقفزة الكبيرة التي شهدها الإنفاق الحكومي في موازنة العام الحالي بواقع 173 مليار جنيه مقارنة بـ96 مليار جنيه للعام الماضي، أي زيادة بنسبة 80%، وتساءل كيف ترشيد الإنفاق العام مع هذه القفزة الكبيرة، داعياً الدولة لضرورة ترشيد الإنفاق العام عبر مراجعة بنود السلع والخدمات غير الضرورية، وأضاف أن ترشيد الإنفاق من الأولويات حسب أهمية بنود الإنفاق، وقال إن ذلك يتطلب تركيزاً من قبل أعضاء البرلمان في البنود المقترحة في الإنفاق العام، وأوضح أن هياكل الدولة تنجح بعد إعادة هيكلتها بالصورة المطلوبة مما أصاب جسم الدولة بمستويات مختلفة، وطالب المركز والولايات والمحليات في الجهاز التشريعي والتنفيذي بتقييم وتقويم تجربة الحكم الاتحادي في المرحلة القادمة لإزالة التشوهات التي صاحبت تنفيذ هذه التجرية.

الصيحة.