رأي ومقالات

يبدو أن محمد الأمين اعتقد أن جمهوره من “علماء الفيزياء” أو أنهم خريجون من وكالة الاستخبارات


(بنتعلم من الأيام)
لا أدرِ لم تذكرت مشهد مدير جامعة الأحفاد قاسم بدري وهو يضرب إحدى طالباته؛ وبين مقطع الفنان الكبير محمد الأمين وهو يغضب من جمهوره ويتوقف عن الغناء (يا انتو تغنو يا أنا أغني).

الرابط، رغم اختلاف الحدثين تماماً، يتمثل في أن السلوك والتصرف الشخصي أصبح ملكاً للعامة، فأفرز قطاعين، مثل حادثة قاسم، الأول يجد المبررات والأعذار، والثاني يكيل الاتهامات وينتقص من قامة الرجل.
ود الأمين مطرب كبير في فنه وعمره، وإحساسه العالي يأتي في أولوية أدائه وأغنياته، وكثيرون يعتبرونه آخر عمالقة الفن والزمن الجميل، وأن سلوكه مهما “قسى وتجبر” يظل هو ود الأمين في نهاية الأمر.

ورغم أني أتفق مع وجهة النظر التي ترى أن الاستماع للفنان أسمى وأهم من ترديد الأغاني، لكن المطرب حينما يغني للجمهور والعامة تحكمه ثوابت وحدود، في حال تخطاها يضع نفسه أمام “محكمة الرأي العام”.

كان تبرير ود الأمين وهو يؤدي “زاد الشجون” أن هناك أغنيات تحتمل تفاعل وغناء الجمهور معها مثل
“الموعد” و”يا حاسدين غرامنا”، لكن يبدو أنه اعتقد للحظة، أن جمهوره من “علماء الفيزياء” أو أنهم خريجون من وكالة الاستخبارات، وعليهم مسبقاً معرفة الأغنية التي تتطلب الصمت أو تلك التي تفرض التفاعل.

انتشاء ود الأمين بأغنياته جاء على حساب جمهوره ومحبيه، الذين استقطعوا من وقتهم ومالهم للاستماع إليه، فأصابتهم بعض الكلمات الجارحة.

ما قاله الفنان، يصلح في (قعدات مختصرة) أو احتفالات مصغرة، لكنه لا ينفع مع جمهور مفتوح يضم مختلف الفئات وكافة الأعمار وفي حفل منقول على الهواء.

يعتقد البعض أن الصحافة هواية، لكنها عمل احترافي.. لذا، يحدث في أحيان، أن يحاور الصحفي شخصاً لا يرغب في محاورته، ويعمل في قسم لا يطيق العمل فيه، لكنه يحتمل الأشياء لأن ذلك عمله ومهنته.

كرة القدم، ليست مهارة وفنا وهواية، إنما هي مهنة يمارسها اللاعبون يستفيدون ويمتعون خلالها الجمهور.. في كثير من المباريات يجد اللاعب أنه موجود في خانة لم يعتد عليها، ولا يرغب في اللعب بها، لكنه يحتمل، لأنها مهنته.
كذلك الغناء هو مقدرة واحتراف، فن من صوت وأداء وإحساس يخرج من الفنان للعلن، ليس بالضرورة أن تتوفر سبل الراحة والسعادة حتى يؤدي الفنان أغنياته أو يضع اشتراطات، حتى يرتفع مزاجه ووتيرته، إنما هي مهنة واحتراف تُمارَس تحت كل الظروف.

حالة الانتقال الوجداني من الاستماع للمشاركة لم يضع لها ود الأمين حساباً، فصُدم الجمهور أولاً وهو يلقنهم بما عليهم فعله، وجرح العازفين ثانياً وهو ينتهرهم بطريقة لا تُشبهه.
جميعنا نخطئ ونعتذر، ومن منا لا يُخطئ.. وكما يقولون؛ في النهاية “انت ود الأمين” والمسامح كريم.

بقلم
لينا يعقوب


‫2 تعليقات

  1. الأستاذة لينا يعقوب ، بالمناسبة أنا من المعجبين جدا جدا بقلمك ومثل أعجابي بقلم يساوي أعجابي بالقامة الأستاذ محمد الأمين ، الأستاذ محمد الأمين هو مطرب والمطرب آسمى درجات الغناء والطرب هو الأستماع …
    ما ح أقدر أقول أكثر من كده …
    لك التحية أستاذتنا لينا يعقوب .

  2. لما تودي التحكم بمزاج الاشخاص فالموضوع يتعلق بالاحساس والمشاعر . اما الجمهور فنحن معتادين الهرج والمرج من الشعب السوداني الزواق ولكن اتمنا ان يعبر بالشكل الهادي وان لايخرج عن النص