صلاح حبيب

مأساة “المسلمية”


روعت مدينة المسلمية إحدى محليات الحصاحيصا، بأبشع عملية قتل يتم ارتكابها بواسطة أحد أبناء المنطقة، ولم يصدق سكان المدينة الهادئة الوادعة التي تحاط بالمياه المتدفقة من الكنار وتجلس على عدد كبير من الأراضي الزراعية وتنعم بجو من النسمات التي تدقدق المشاعر في نسمات الصباح، لم يتوقع أحد من السكان أن يكون (الإثنين)، ليلة الحادثة المروعة، أشبه بيوم (الإثنين) الأسود الذي مات فيه “قرنق” وتحولت الخرطوم، وقتها إلى حمامات من الدماء وحالة من الخوف والرعب الذي خلفته تلك الأيام.

المسلمية لم تتوقع هذا التخطيط المحكم لتنفيذ الجريمة، كنت في مناسبة عزاء بالأمس، ظللت استمع إلى أحد أقرباء الأسرة المكلومة والتي نُفذ فيها القتل في وقت مبكر من صباح (الإثنين)، قال محدثي وأنا استمع وكأني استمع إلى قصة من قصص ألف وليلة وليلة، قال لي إن الجاني أحد أقربائه ولم يتوقع أن يكون الجاني من خلال الثبات الذي شهده منه في اليوم الثاني من الحادث وقد تناول كل وجبات الطعام في المأتم، سألته كيف توصلتم إلى اكتشاف الجريمة، قال لقد كان يتمتع بهدوء عجيب خاصة وأنه ليلة الجريمة كان قد طلب مبلغاً من المال من خاله، فمنحه ألف جنيه، وظل يتجول داخل المنزل حتى الساعات الأولى من الصباح، فكلما يذهب إلى مرقد خاله يجده صاحياً، فتكرر المشهد أكثر من مرة إلى أن جاءت ساعة الصفر وهي اللحظة التي وصل فيها بقية أفراد العصابة التي جاءت بإيعاز منه للتنفيذ، فانقض الشاب على خاله وأطبق على عنقه بأقصى ما يملك من قوة، وعندما حاول الخال المقاومة استل الجاني سكيناً كان قد خبأها في ملابسه، وعندما أحس بمقاومة خاله سدد له عدة طعنات في جسده ثم أخريات في عنقه وعندما خارت قوى الخال سدد له أخرى على جسده ومن ثم ظهر الجناة الآخرون فسدد أحدهم ضربة مميتة على رأسه بساطور ومن ثم قاموا بتنفيذ بقية الجريمة على الجدة وأخواله ثم استولوا على مبالغ مالية كان الجاني الأول قد تأكد من وجودها مع خاله قبل التنفيذ.

وقال محدثي إن الابن لم يغادر مسرح الجريمة بينما الآخرون الذين جاءوا خصيصاً من الخرطوم لإكمال الجريمة معه، غادروا بسيارة خاصة إلى الخرطوم، بينما الحية ومدبر كل الجريمة بقي بالمدينة وكأن شيئاً لم يكن، هناك ظل جالساً في خيمة البكاء إلى أن شك أحد أقربائه فيه فباغته بسؤال ارتعدت له فرائصه، ولكن لما كان أحد أفراد الأسرة من الخبراء في مجال المباحث لم يصعب عليه أن يقدم له عدد من الأسئلة التي أوقعته في الفخ، وظلت الأسئلة مستمرة إلى أن تم اكتشاف بقية الجناة الذين نفذوا معه الجريمة.

وكما ذكرنا من قبل فإن الأجهزة الشرطية والأمنية والمباحث يتمتعون بقوة خارقة في اكتشاف أي جريمة مهما كانت صعوبتها أو غموضها، لذا فإن الأجهزة استطاعت أن تفك خيوطها في وقت لم يتجاوز الاثنتين والسبعين ساعة، وهذا إنجاز كبير يضاف إلى رصيد تلك الأجهزة التي تتمتع بحس عالٍ أوصلهم إلى فك طلاسم تلك الجريمة التي لم يتوقع أحد أن تكون عملية التخطيط بهذه الدقة التي لم يتوقعها أحد من فرد يمتلك تلك القوة وهذا الحس العالي.

صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي