تحقيقات وتقارير

خبير مصرفي يدق ناقوس الخطر: الجهاز المصرفي في السودان سيفقد ثقة الجمهور في التعامل معه كلياً


بعد نقاش ومشادة حادة بين صرافٍ في أحد البنوك وإحدى عميلات البنك بسب رفض الصراف صرف أكثر من ألف جنيه سوداني لها بالرغم من حاجتها الشديدة لمبلغ أكبر، همس رجل كبير في إذن الفتاة المتأججة غضبا، ” يا بتي أمشي أعملي ليك مطمورة زي حقت حبوبتك، وختي قروشك فيها”.

وحدثتني الفتاة التي كانت واقفة في بهو المصرف ضمن عدد كبير من عملائه جاءوا لصرف بعض أموالهم المودعة في البنك، إنها في البدء استغربت حديث الرجل واعتبرته مازحاً، لكنها بعد برهة تمعنت فيه مليئاً ووجدته مقبولاً إذ كيف لا تجد مالها حينما تحتاج إليه.”
وقالت فيما يشبه الاعتذار على إنفعالها أمام الجميع، إن ما جعلها تحتد أكثر هو هرولتها بين عشرات الصرافات الألية لعدة أيام دون جدوى، قبل أن تضطر للقدوم للبنك حيث تقيم بعيدا عنه.
وقد تسببت في حالة شح السيولة لدى البنوك، ما عرف باإجراءات غير معلنة من البنك المركزي لضبط وتحجيم تداول النقود، التي بدء نفاذها الأسبوع الأول من شهر فبراير الماضي، نتيجة لإنخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي والتي وصلت حتى 45 جنيها للدولار الواحد في النصف الأول من شهر يناير المنصرم.
والمطمورة عبارة عن حفرة عميقة صغيرة وضيقة، تعودت بعض الأسر في الماضي، حفرها في مكان خفي في البيت ووضع النقود والأشياء الثمينة فيها، ولا يعلم مكانها إلأ شخص واحد في البيت قد يكون رب الأسرة أو الجد والجدة وكانت بمثابة الخزنة أو حساب البنك حاليا.

ويتكون الجهاز المصرفي السوداني من 38 مصرفا أغلبها مصارف سودانية تجارية مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص(22) مصرفاً، وبنك تجاري حكومي واحد وثلاثة مصارف حكومية متخصصة وثلاثة مشتركة مع القطاع الخاص، إضافة إلى ثماني بنوك تجارية غير سودانية. وتملك هذ المصارف 773 فرعاً تستحوذ ولاية الخرطوم وحدها على 330 منها.

وبلغ حجم الودائع المحلية سواء كانت جارية أو لاجل (استثمارية) في النصف الأول من العام 2017 مبلغ 73.3 مليون جنيها وهي تزيد بمقدار 8.3 مليون جنيها عن نهاية العام 2016 أي زيادة بنسبة 12.7%. بحسب آخر احصاءات لأتحاد المصارف السوداني. فيما بلغت حجم الودائع بالعملات الأجنبية (يورو) لذات الفترة 1.118 مليون يورو.

بروف ميرغني بن عوف الخبير في الأقتصاد الاجتماعي و عضو مجلس امناء جمعية حماية المستهلك، قال (لسونا) من المعلوم أن توفير وضبط السيولة هي من أوجب واجبات البنك المركزي وهو المتعهد كتابة وفى كل ورقة نقدية صادرة عنه بالإلتزام بالوفاء بها في اي وقت طلبها صاحب المال .

وأضاف بحثت في كل الأدبيات الخاصة بضبط السيولة في كل بلاد العالم ولم أجد مايدعم هذه القرارات أو مايستدعي القيام بها اصلا حتي فى حالات الطوارئ والحروب الاهلية وتبييض الأموال . قائلا :كانت النتيجة الحتمية والمتوقعة يقينا أن هذه القرارات غير المدروسة والمرتجلة أدت الي عواقب وخيمة على المواطن ورجال الاعمال والحكومة علي حد سواء.

وفي حين أرادت الحكومة ان تضبط كمية السيولة خارج النظام المصرفي كان رد الفعل بإستثناء القليل الذي طالته هذه القرارات أن اسرع اصحاب الاموال ماوجدوا فرصة حتي سحبوا اكثر من حاجاتهم وشجع وسطاء “الكاش” بمبادلة الشيكات بقيمة اقل منها .
وبحسب قوله، إنهارت الثقة في المصارف وذهب أصحاب الأموال الضخمة والاستثمارات المالية يشترون الدولار ويفتحون حساباتهم خارج السودان (احد اسباب ارتفاع سعر الصرف) وكان لزاما عليهم فعل ذلك للإيفاء بالتزاماتهم المالية تجاه الغير .
ويضيف توسعت الحكومة في انشاء البنوك والفروع في كل انحاء السودان وأدخلت نظام السحب الآلي حرصا علي ضمان ضبط الكتلة النقدية واطمأن الناس ودخلت حوالي 60% من الاموال الي المصارف وبهذه القرارات الجديدة، نقض بنك السودان غزله وحجب هذه الاموال دون أي مصوغ قانوني او اقتصادى والآن تنخفض هذه النسبة من 60% الي اقل من 40% في احسن تقدير.
ظل الاستيراد متوقفا حتي في السلع المصرح بها وذلك للتعسف في الإجراءات المعوقة للتجارة بواسطة البنك المركزي .توقف المتعاملون مع الجمهور من التعامل بالشيكات بل ومن الديون المتعارف عليها خوفا من عدم إلتزام الجمهور بسداد ديونهم لظروف خارجة عن اردة الجميع .

وحول أسباب هذه الأزمة يظن الخبير المصرفي بمصرف السلام، البشير أبو نخل، أن بنك السودان لم يقصد هذه السياسة الأنكماشية، ولكنها حدثت نتيجة لأخطاء عديدة منها عدم وجود رقابة صارمة على المصارف وحركة الأموال فيها خاصة الأرصدة الضخمة، حيث قام البعض بسحب أرصدة ضخمة من البنوك لشراء الدولار (خاصة المستثمرين الأجانب، شركات او افراد) أو لعدم تيقنهم من الأحوال الاقتصادية التي تتبدل وتتغير بسرعة مذهلة نحو الأسوأ.

ويقول إن هذه السحوبات سواء كانت بهدف تخريبي مقصود أو غيره، فأن النتيجة الحتمية لها كانت خلق شح في توفر الجنيه السوداني أدى إلى وقف الانحفاض المستمر في أسعار صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية خاصة الدولار. وكانت هذه هي النتيجة الأيجابية الوحيدة لهذه الأجراءات.

ويؤكد أبونخل أن الجهاز المصرفي سيفقد ثقة الجمهور في التعامل معه، كلياً، لا محالة اذا تطاول امد ازمة السيولة الحالية حيث قام الكثيرون بسحب ودائعهم منه وخزنوها خارجه. وذلك حتي يتمكنوا من مقابلة التزاماتهم العاجلة، خاصة وان المعاملات والصفقات النجارية تتم في الغالب- عبر التعامل النقدي (الكاش).

ويضيف أن هذه الآثار بالتاكيد ستتداعى وأن الخسائر ستتوالي وتتضاعف ما لم تتخذ اجراءات وتدابير سريعة لتلافي الأمر، لأن في المصارف تفقد القدرة علي جذب الودائع الي داخلها وبالتالي ستقل قدرتها على منح التمويل لؤلئك الناشطين اقتصاديا مما يعنى تقلص وانكماش معدلات التنمية. كما أن وجود الأموال خارج المصارف يعني وجود كتلة ضخمة من النقد الخامل على الرغم من حاجة الكثيرين اليه لتمويل انشطتهم الاستثمارية مما ينعكس سلباً عملية الانتاج وتوفر السلع والخدمات.
ولجذب أموال الجمهور مرة أخرى، ستضطر المصارف إلى منح أرباح عالية على الودائع مما يؤدي بدوره الي ارتفاع الأسعار وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم ، وزيادة ضنك العيش والفقر.

وقد بلغ حجم الكتلة النقدية في النصف العام من 2017 مبلغ 126.7 مليون جنيهاً مرتفعة من مبلغ 95.6 مليون جنيها حتى نهاية العام 2016. حوالي 42.1 مليوناً بايدي الجمهور والبقية داخل الجهاز المصرفي .
وفقا لرأيه، أمد هذه الأزمة قد يطول ولن يستطيع الاقتصاد التعافي منها قبل خمس سنوات، بحسب واقع الاقتصاد الوطني حاليا وعلاقات البلاد بالخارج. ولكن يمكن تحقيق تعافي جيد بأنتاج هائل يوجه للصادر. كما يوجد هناك حلا قريباً وسهلاً، وهو تقليل الأنفاق الحكومي بتقليصها بدرجة كبيرة،.

أمين أمانة السياسات بأتحاد اصحاب العمل ونائب رئيس الغرفة التجارية سمير أحمد قاسم، يقول إن تجفيف السيولة أوقف انخفاض سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهذه حسنة ولكنه في المقابل أثر على التجارة والاقتصاد بسمستوى عام وفقد التجار ثقتهم في المصارف وصاروا لا يوردون نقودهم في المصارف كما كانوا يفعلون سابقا.
ويستطرد، استمر تراكم البضائع الموجودة في ميناء بورتسودان بسبب حظر السلع التي وصلت الميناء بعد الثامن من فبراير بحسب قرار بنك السودان المركزي. وتسبب ذلك في خلق ندرة في الكثير من السلع. وتضرر المستوردين نتيجة لهذا الحظر والتكدس حيث تبلغ رسوم الأرضيات 25 دولارا يومياً للحاوية مقاس 20 قدم، غير رسوم الأرضيات التي تدفع لهيئة الموانيء البحرية.

إشراقة عباس
الخرطوم في 19-4-2018-(سونا)


‫5 تعليقات

  1. مافي حل الا يتم تغيير العملة من الجنيه الى الدولار السوداني
    وعشان الناس ما تقول ليك بالقديم ولا الجديد يتم تغيير جميع الفئات المطروحة حاليا بأخرى جديدة
    العشرين جنيه تكون قيمتها واحد دولار سوداني والدولار الامريكي يعادل 2 دولار سوداني
    العملات المطروحة كالاتي :
    50 كاروشة سوداني (تعادل نصف دولار سوداني) وتكون من الحديد
    1 دولار سوداني يعادل 2 دولار سوداني (بعد خصم نصف صفر من العملة القديمة)
    5 دولار سوداني
    10 دولار سوداني
    20 دولار سوداني
    50 دولار سوداني
    100 دولار سوداني
    كدا نكون انتهينا من العملات النقدية والمعدنية وودعنا معاها الى غير رجعة بالقديم ولا الجديد الما قادرين نتخلص منها نهائي
    ثانياً : الاستفادة من الذهب وإصدار عملات ذهبية بقيمة 100 دولار سوداني للعملة الواحدة
    العملات الذهبية ح تحجم السيولة والقروش كلها تجي للبنك المركزي
    اسعار السلع يجب ان تكون ثابتة وفي حدود الخمسة والعشرة دولارات سودانية
    والعشرة رغيفات بـ 50 كاروشة سودانية
    ثالثاً: نجي للدور المهم وهو عملية تبديل النقود وكيفية الحساب :
    الحساب يكون بالسعر الرسمي للبنك المركزي ولنفترض انه 30 جنيه بالعملة الحالية
    وسابقاً قلنا ان عملتنا تم تغييرها الى الدولار السوداني وهو يعادل 2 دولار امريكي
    مثال : إذا زول عندو مليار جنيه في حالة الاستبدال بالعملة الجديدة يحصل على 66 الف دولار سوداني
    والزول العندو مليون بالقديم ولا الجديد .. طبعاً بالقديم .. يحصل على 66 دولار سوداني.
    نشوف الزول العندو مائة جنيه ح يحصل على كم .. ح يحصل على 6 دولار سوداني
    ح تقولوا عملنا شنو
    اصبروا ح اوريكم عملنا شنو
    اولا لغينا حاجة اسمها بالقديم ولا الجديد
    ثانيا السيولة كلها ح ترجع للبنك المركزي و ح يعرف الحجم الحقيقي المتداول
    ثالثا ح نتخلص من الاثار الغبية لطباعة العملة بارقام فلكية مما كان له عظيم الاثر في الاقتصاد المتهالك اصلا
    رابعا الحكومة لازم تستفيد من خطوة تغيير العملة ولا تلجأ لطباعة أي ورق لأي سبب كان والاستعاضة عن الطباعة بالاستلاف من البنوك والقطاع الخاص لتمويل مشاريع وسلع من الدرجة الاولى للمواطن المغلوب على أمره.
    ملاحظات :
    بعد ان يتم التغيير للدولار السوداني فتح جميع الابواب المغلقة للاستثمار المحلي والاهتمام بالزراعة والصناعة والثروة الحيوانية والغاء جميع الجبايات والاعفاء الكامل للضرائب والرسوم لمدة خمس سنوات
    تشجيع الخريجين وتمويل الشباب بمشاريع انتاجية وتصديرها للخارج لجلب الدولار الامريكي وضخه في خزينة الدولة مع محاربة جادة للفساد.
    بعد كدا الغاء جميع المحليات وتقليص الاحزاب الى اثنان او ثلاثة على أكثر تقدير وتقليص أعداد البرلمان الى تسعة فقط وتسريح جميع العواطلية مع تسريح جميع اللجان والهيئات التي لا دور لها
    العمل بنظام الحكم الاقليمي .. اي اقليم يكون مسؤول عنه حاكم تحت عين ونظر رئاسة الجمهورية
    الكلام كتير بس نكتفي بالقدر دا
    غيروا العملة بالاضافة لعملة ذهبية واهتموا بالزراعة والصناعة والانتاج وانسوا لي ناس برة ديل
    النماء بجي من الداخل وبعد كدا العالم كلو بجيك راكع
    اشتغلوا وبطلوا كسل

    1. نسيت اهم شئ يا كندورة إ وهو ما الفائدة المرجوة التي سوف تعود على ناس حوش بانقا والقطط السمان الاخرى
      غير كذا فان كل كلامك هذا عديم الجدوى !

  2. ما في زول عاقل يقول المواطن فقد الثقة في البنوك الكل محتاج للبنوك في ايداع وحفظ المال.
    هناك مشكلة كتله نقدية. تدار خارج المصارف من المترض تدار عبر المصارف.
    كيف اول كل واحد شال اموالة واحتفظ بها اي مكان او في بيته كم من المخاطر تحول هذا المال.
    علي الحكومة عمل ادارة الاموال والمعاملات عبر البطاقات الاتمانية فقط بكدا سوف تبور الاموال التي خارج البنوك ويطر اصحابها ايداعها في داخل البنك.كل الدول في العالم مسيره اموارها المالية بهذا الطريقة الآمنة.
    ودا قريبا سوف يكون.

    1. يا ود بندة غير اسمك هذا لانه ما يعبر عن شخصيتك وانت اصلا ما لك علاقة بود بندة صاحب الاسم
      المهم امشي اسال رئيسك او مديرك في المنظومة عن حجم خسارة السودان بسبب سياسة بنك السودان هذه حتى تعرف حجم الخراب الذي نحن فيه

  3. ابو إبراهيم لك التحية
    كنت عايزك تدلي برايك في المواضيع المطروحة مش تعقب عليها فقط .دا دلل علي أنك مش عايش الوضع السياسي وكيف يدار.

    بدل انا أسأل مديري او اي شخص اخر. اسالك انت ورينا بربك ما هي الخسائر التي ضربت السودان علي حسب علمك.بها
    يبدو انت مش عارف انا اقصد شنو في تعليقي. عن. العلاقة بين العميل والبنوك . والحلول التي طرحتها.