أبرز العناوينتحقيقات وتقارير

“عروس”: القرية السودانية التي أدارها الموساد الإسرائيلي


قصة قرية عروس السياحية السودانية كانت موضوعا لفيلم من إنتاج هوليوود حمل اسم “منتجع غطس على البحر الأحمر” وتم تصويره في ناميبيا وجنوب أفريقيا.

ويحكي الفيلم قصة الموساد مع هذه القرية التي كانت قاعدة لعناصر جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي ( الموساد ) الموكل إليه القيام بمهمات سرية خارجية.

فما هي قصة قرية عروس السياحية؟

يقول المنشور السياحي للمنتجع: “عروس قرية سياحية على البحر الأحمر، منطقة رائعة لممارسة رياضة الغطس، ومركز للترفيه الصحراوي في السودان”.

إسرائيل: الموافقة على هجرة الالاف من الفلاشا

كما يقول المنشور أيضا “إن المياه في العروس هي من أنقى مياه البحار في العالم، ويمكنك رؤية مشاهد ساحرة ليلا فيما تتلألأ النجوم في السماء”.

عروس

وهكذا تبدو عروس بشعابها المرجانية وحطام سفينة غارقة قبالة سواحلها حلما لعشاق رياضة الغطس.

وكان المنشور مطبوعا بالآلاف وموزعا على الوكلاء السياحيين بأوروبا. وكانت الحجوزات تتم من خلال مكتب في جنيف وبمرور الوقت تدفق مئات الزوار على العروس.

إسرائيل تستقدم 20 ألفا من الفلاشا

وكانت هيئة السياحة في السودان سعيدة بوجود المستثمرين الأوروبيين الذين عملوا بدورهم على جذب السياح الأجانب.

خدعة

لكن القصة كلها كانت خدعة فواحة الصحراء التي يوجد بها منشآت مميزة ورياضات مائية وقبلة لهواة الغوص ووافرة الطعام الطازج والكحوليات كانت مجرد واجهة، فمنتجع الغطس على البحر الأحمر كان له هدف آحر.

عروس

ففي بداية الثمانينيات قام الموساد بإطلاق المنتجع وإدارته كغطاء لعملية غير عادية لإنقاذ آلاف اليهود الأثيوبيين العالقين في مخيمات اللاجئين في السودان ونقلهم لإسرائيل.

وقد كان السودان دولة معادية فكان لابد من القيام بالمهمة دون علم أحد سواء هناك أو في إسرائيل.

وقال غاد شيمرون أحد العملاء الذين عملوا بالقرية: “كان ذلك من أسرار الدولة التي لم يتحدث عنها أحد، حتى أسرتي لم تعرف”.

الحرب الأهلية

في سبعينات القرن الماضي شهدت أثيوبيا حربا أهلية فنزح الكثيرون إلى السودان هربا منها ومن الأزمة الغذائية التي ضربت أثيوبيا في ذلك الوقت ومن بين النازحين كان العديد من اليهود الأثيوبيين.

وكانت إسرائيل قد بدأت عمليات فورية محدودة للإنقاذ حيث تم إخراج بعض الأثيوبيين بمستندات مزورة لأوروبا ومنها لإسرائيل.

لاجئون مصدر الصورة AAEJ ARCHIVES ONLINE
Image caption لاجئون من يهود أثيوبيا في السودان

وكان ساحل السودان على البحر الأحمر يمثل فرصة لتسريع وتيرة عمليات إخراج اليهود الأثيوبيين من هناك.

اسرائيل توافق على استقبال “آخر مجموعة” من الفلاشا

وساعدت البحرية الإسرائيلية في نقل عناصر من الموساد لتفقد المنطقة وقاموا باختيار موقع القرية.

شركة سويسرية

كان مستثمرون إيطاليون قد بدأوا المشروع عام 1972 ثم توقفوا لعدم وجود كهرباء ومياه أو حتى طريق للوصول للقرية.

وقال أحد العملاء والذي لم يكشف عن هويته: “إنه مكان يصعب إدارته إذا لم يكن الموساد وراءك”.

فقد قامت مجموعة من العملاء بالتظاهر بأنهم شركة سويسرية وأقنعوا السلطات السودانية بأنهم يريدون الاستثمار في موقع القرية التي استأجروها لمدة ثلاث سنوات مقابل 320 ألف دولار.

عروس مصدر الصورة GAD SHIMRON
Image caption شيمرون وعميل إسرائيلي آخر في شاحنة

ومن وقت لآخر كانت مجموعة من العملاء تغادر القرية مبلغة الطاقم المحلي الذي تم توظيفه أنهم ذاهبون للخرطوم بينما يذهبون لتهريب مجموعة من اليهود الأثيوبيين من المعسكرات ليقطعوا بهم طريقا طويلا يصل لنحو 800 كيلومتر ويمر بنقاط تفتيش ينجحون في عبورها مستخدمين الخداع والرشوة حتى يصلون للشاطئ حيث تقوم وحدات من البحرية وأحيانا القوات الجوية الاسرائيلية بنقلهم.

ويقول أحد العملاء: “كانت عملية خطرة فلو تم كشف أي منا لانتهى بنا الأمر بإعدامنا في وسط الخرطوم”.

وحققت عروس نجاحا كبيرا لدرجة أنها باتت مكتفية اقتصاديا ولا تحتاج إلى الدعم المالي من الموساد واستخدم بعض المال في تأجير الشاحنات لتهريب اليهود الأثيوبيين.

عروس
Image caption يهود أثيوبيون ينقلون بقارب من الساحل

وكان من بين ضيوف عروس وحدة جيش مصرية وقوة بريطانية ودبلوماسيون أجانب من الخرطوم ومسؤولون سودانيون.

وبحلول عام 1984 تم إعلان المجاعة في السودان وتقرر تسريع وتيرة عمليات الإخراج ومع تدخل الولايات المتحدة وافق الرئيس السوداني السابق جعفر نميري على نقل اللاجئين اليهود جوا مباشرة من الخرطوم لأوروبا مشترطا أن تتم العملية بسرية والتي شملت 28 رحلة نقل خلالها 6 آلاف و380 من يهود أثيوبيا إلى بروكسل ومنها لإسرائيل في عملية أطلق عليها “موسى”.

عروس
Image caption يهود أثيوبيون يتناولون الطعام في سفينة حربية إسرائيلية

إنهاء العملية

وفي يناير/كانون ثاني 1985 كُشف أمر العملية فتوقفت على الفور، وفي أبريل / نيسان أطيح بنميري في انقلاب عسكري وشرع النظام الجديد على الفور في البحث عن “جواسيس الموساد” الحقيقيين أو الوهميين.

يهود أثيوبيون مصدر الصورة Getty Images
Image caption يهود أثيوبيون ينقلون جوا

فأصدر رئيس الموساد تعليماته بإخلاء المنتجع على الفور وهو الأمر الذي تم في اليوم التالي.

وقال أحد العملاء: “غادرنا القرية في عربتين إلى الشمال حيث التقطتنا طائرة شحن سي 130 وأعادتنا إلى إسرائيل. لقد كان هناك سياح في القرية استيقظوا في اليوم التالي ليجدوا أنفسهم وحدهم في الصحراء”.

 

bbc


‫5 تعليقات

  1. ويجي يقول ليك جهاز الأمن في عهد نميري كان قوي . . للأسف لم يأت حاكم إلى السودان إلا كان أغبى ممن سبقه

    1. صاح جهاز الامن الاسي بتاع الطيارات جات طافية النور
      ولا بتاع الجبل الاختفى في كسلا
      ولا الاثار والكنوز الاختفت في الشمالية

    2. للاسف الجهاز كان علي علم بكل التفاصيل و علي راسهم العميد البيومي و مدير الجهاز آنذاك الفريق الطيب و حتي نميري كان جزئيا علي علم ما دام الامر كان سريا و الدليل علي ذلك هناك صوره جمعت نميري مع شارون الاسرائيلي و عدنان خاشعجي السعودي في قصر في لبنان قبل انباء هجرة اليهود مما يعزز علم نميري بذلك.

  2. اسألو الفاتح عروه عراب ترحيل الفلاشا

    ولماذا كوفئ الفاتح عروه بالدبابير وبأن يصبح مدير شركة زين اكبر شركة اتصالات فى السودان !!

  3. و هل ترحيل الفلاشا كان دون علم الحكومة السودانية انذاك؟؟؟؟ فما دام لها يدٌ في ذلك فمن باب أولى أن تمنح الموساد فرصة ليكون قريباً من موقع الأحداث في شرق البلاد و كانت قرية (عروس) هي الغطاء الامين لعملاء الموساد بقصد التواجد و المشاركة اللصيقة … ليعجل بالترحيل في فترة وجيزة تمنع العيون الاخرى من كشف السر المعيب عند الشرفاء…العملاء بيننا كثر و ما زلنا نحن يتمتعون بأفضل مما يتمتع به الشرفاء ….(عزيز أنت يا وطني … رغم خيانة ….)