تحقيقات وتقارير

صاحب (فندق الشمالية) في بورتسودان “شرقي السودان”: المبنى المنهار لا علاقة له بالفندق


عصر أمس الأول -الخميس- كان عصراً فريداً في تاريخ مدينة بورتسودان لكونه كان بداية النهاية لمباني سوق بورتسودان القديم، إذ انهار أحد أبرز المباني العتيقة في الجزء الجنوبي الشرقي من بناية فندق الشمالية الذي يعود تاريخ بنائه للعام 1930م. العناية الإلهية كانت حاضرة فلم تقع حوادث في الأرواح والممتلكات.

ما الذي حدث بالضبط؟
المبنى انهار بشكل مفاجئ في زمن ساد فيه هدوء نسبي على حركة المارة، وتحديدا عند الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة، خر المبنى على قواعده. وعلى الرغم من وجود مخبز وصوالين حلاقة وباعة جائلين وفني تنجيد لوازم السيارات و(ست شاي)؛ إلا أن عناية السماء ولطفها أحاطت بالجميع فخرجوا سالمين باستثناء أحد المارة الذي سقط عليه السقف، لتفلح جهود وحدات شرطة الدفاع المدني والمتطوعين في إخراجه سالماً.

من جهته تبرأ مدير فندق الشمالية الفاضل باندقلي في حديثه لـ(السوداني) من المبنى المنهار، وقال إن المبنى المنهار لا علاقة له بالفندق، وهو لشقة مجاورة للفندق لكنها ليست جزءاً منه، كاشفاً عن أن الشقة كانت مهجورة منذ خمس سنوات، وأن الفندق لم يتأثر بانهيارها لأنها منفصلة منه وأن الفندق مطابق لكل الاشتراطات الهندسية ويخضع لصيانة دورية وأن ربط الحديث عن المبنى المنهار بالفندق أضرَّ بسمعته.

تفاصيل المبنى
من جهته يذهب المهندس الاستشاري محمد عثمان المكي الجعلي، في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أنه لاحظ أن المبنى المكون من أرضي وطابق أول وسطح به مبانٍ غير ثابتة مما يشكل خطرا في ظل عدم وجود (بيم)، مشيراً إلى أن السقوفات القديمة الأصلية خشب بنظام العروق والألواح وبين كل عرق وآخر حوالي ٤٠ سم، وهناك مبانٍ قديمة بها طابق أول فقط بسقف غير خرساني أي خفيف، وأضاف: “وهذا أمر يُمكن قبوله”.

وشدد المكي على ضرورة مراعاة حالة الحوائط عند بناء طابق أول وثاني كما يجب مراعاة اشتراطات الحوائط الحاملة ومراعاة أن تكون الـ(صبة) الخرسانية بـ(أبيام) واضحة في كل الاتجاهات بمسافات محسوبة، مشيراً إلى اعتماد هذه الحوائط القديمة كحوائط حامله هو أمر مقبول؛ وأضاف أنه لاحظ في المبنى المنهار تكسراً شبه تام للحوائط القديمة الخارجية (مكان الآرشات)، مما يحتاج إلى بحث إضافي لمدى قوة هذه الحوائط من الحجر الجيري القديم وبالتالي تقرير مباشر عن إمكانية الاعتماد عليها لأن السمك واحد من اشتراطات كثيرة.

وناشد المهندس محمد عثمان المكي السلطات بإلزام لملاك الذين لديهم عقارات أكثر من طابق واحد مراعاة مطابقة هذه العقارات لشروط وضوابط البناء بنظام الحوائط الحاملة حتى لا تتكرر مثل هذه المأساة ومراعاة عدم الإضافة والتعديل كل مرة دون الرجوع إلى جهة مختصة ومراعاة الصيانات الدورية وتصريف المياه وتوصيلات الحمامات، تجنباً للتصدعات بفعل الإهمال، وطالب بمراجعة كل مبنى أكثر من طابق من المباني القديم لسوق بورتسودان بحيث يتم التأكد من مطابقته للاشتراطات الهندسية.

رسميون في المشهد
فور انهيار المبني هرع إلى موقع الحادث والي البحر الأحمر علي أحمد حامد ونائبه وزير التخطيط العمراني اللواء مصطفى محمد نور ووزير الصحة عيسى كباشي عيسى ومعتمد بورتسودان مجذوب أبوعلي مجذوب ونائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية هيناب محمد بدري أبو هدية ومدير شرطة الولاية اللواء عثمان حسن عثمان ومدير شرطة المحلية العميد خالد محيي الدين قناوي. شرطة الدفاع المدني وقوات الشرطة الموحدة طوقت موقع البناية المنهارة بالكامل، واتّبعت إجراءات وخطوات السلامة اللازمة بحرص وحذر شديدين، واستعانت بآليات ووسائل الدفاع المدني المتقدمة في عمليات إزالة ركام المبنى من كتل السقف الخرسانية والحجارة.

عمليات الإنقاذ
(السوداني) تابعت تفاصيل عملية الإنقاذ التي شهدت مشاركة الجميع في إزالة الركام ومتابعة عمل القوات ميدانيا، لتنتهي عمليات الإنقاذ وإزالة الأنقاض في التاسعة والنصف مساء ذات يوم الحادثة. وتمكنت الشرطة من إنقاذ المواطن محمد طاهر محمود الصافي الذي انهار عليه المبنى، وتم أخذه مباشرة بالإسعاف المركزي لمستشفى الحوادث ببورتسودان، لتلقي الإسعافات عاجلة بإشراف طاقم الأطباء بمستشفى الحوادث وتم إخضاعه للفحوصات اللازمة للاطمئنان على استقرار حالته الصحية.

المُصاب يتحدَّث
وتحدث من داخل غرفة العمليات الصغيرة بمستشفى الحوادث ببورتسودان المصاب محمد طاهر محمود الصافي لــ(السوداني)، مشيراً إلى أنه جاء عابراً بـ(برندة) البناية المنهارة، وهو يحمل أغراضه الشخصية اليومية في طريقه لموقف المواصلات الرئيسي ببورتسودان؛ كاشفاً عن أنه سمع للوهلة الأولى أثناء سيره داخل (البرندة) دوي الانهيار المُفزع، وبعدها شعر بسقوط الحجارة وأجزاء من سقف المبني الخرساني عليه، وأضاف: “عندها جثمت جالساً حتى أتفادى بالقدر الممكن الإصابة في موضع قاتل من جسمي بتلك الحجارة والأكوام الخرسانية”، مؤكداً أن العناية الإلهية أنقذته. وأشار الطاهر إلى أن أتياماً من فرق الإنقاذ تعاملت معه تحت الأنقاض، وأنه حالياً في حالة صحية جيدة؛ وأفاد بأنه يسكن بحي الوحدة مربع 7 ببورتسودان.

بورتسودان: عبد القادر باكاش
السوداني