رأي ومقالات

السفيرة سناء حمد تكتب: تأملات في ساس يسوس


السياسة هي فن الممكن وهي اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب . وهي القدرة على النظر للامام وتوقّع المآل واصلاح الحال.

وتخطو الدول والانظمة نحو النهايات حين تعجز عن الفعل ..وحين تتباطأ في التصرف ..وحين تصعد نحو الهاوية بعين مفتوحة ، وهي مشلولة الحركة لا تملك القدرة على انقاذ نفسها.

ويفقد الزعماء مواقعهم حين لا يملكون القدرة على اتخاذ القرارات الكبرى وتحمل الجراحات التي تعقبها، حين تغلب العاطفة العقل عندهم ، وحينها يرتكبون الخطأ القاتل ، الذي يدفعون ومن حولهم ثمنه بإكثر مما يتوقعون ..او يستحقون ، والاخطاء القاتلة في السياسة لا تحدث نتيجة للسرعة الزائدة في الفعل كحوادث السيارات ، بل تنتج عن البطء الشديد في الفعل والقرار …

ومقدرة الدول والانظمة على تجديد ذاتها ،يكسبها الحيوية والفاعلية والانجاز ومن ثم الاستمرارية ، ونجاح الدول كما يقول هنتجتون يستند على عوامل ثلاث ١- سلطة القانون ، الناجزة والواعية التي تبسط قيمة العدل وتعزز الثقة في القيادة افراداً واجهزة ٢- المهنية التي تعني كفاءة جهاز الدولة الاداري وهذا يحدث بوجود قيادات ذات مهارة ذاتية ومقدرة على اتخاذ القرار ٣- المحاسبة وهي تعني القدرة على ابعاد الاشخاص المُضرين لفسادهم او عدم كفاءتهم .

حين تتوفر العناصر اعلاه في الدولة تقوى وتتماسك وتنجز ، وهذا ما فعلته كل الامم الناهضة والبلدان الكبرى ، فقد بدأت تحت حكم ملكية صارمة كإنجلتر او مجموعة جادة كالولايات المتحدة كنماذج تاريخية ، وحديثاً روسيا الحالية ودول الخليج ، ثم بعد ذلك وفي مرحلة لا حقة تأتي مفاهيم الديمقراطية وتوسعة قاعدة المشاركة السياسية وإشباع نهم النخب للحكم والسلطة .

وقد تبدأ دولة في تجربة خلط هذه الأسس الثلاثة الهامة بالسياسة وومحاصصات المشاركة الحزبية او المناطقية او الجهوية ، ولكنها تحد نفسها عاجزة عن الفعل وعاطلة عن الانتاج ، ومتراجعة رغم حسن النوايا ووحود كفاءات ، والسبب انه أُحدثت ثقوباً في بناءٍ لم يتماسك ، وعثرات في طريقٍ لم يعبّد بعد ، ولا يوجد ما يمنع القيادة الواعية من اتخاذ ما يلزم لاعادة موضعة الامور ، وتصحيح المسار ، وهذا قرار يحتاج اولاً لثقة بالنفس عالية وخبرة ومعرفة بالاشخاص المناسبين ، ومن حق القيادة الواعية في بلد ما ولصالح الشعب والامن القومي في ظروف محددة اتخاذ قرارات صارمة تعيد بها ترتيب الاوضاع وتحديد الاولويات وتوجيه المسار ، وهذا امرٌ له تكلفة وفيه جراحات ، ولكن عدم اتخاذه يعني الإسراع نحو النهاية ، وقد يهدد كيان الدولة وفي احسن الاحوال زوال النظام ،
وسبل تعديل المسار المعلومة ، التي تعيد الامور الى البدايات ، والتي تتبعها الدول والانظمة حين يعجز جهاز الدول عن الاداء والفاعلية ، هي:- ١-حق اعلان الطوارئ لفترة محددة وفق ما نص عليه الدستور

٢- تغيير جذري وموضوعي في طاقم الاداء..
إن المهارة في صناعة الفرص خصيصة للقيادات والانظمة الناجحة ، والاستفادة من الفرص المتاحة ميزة تدل على احترافية ..
وكلاهما وثيقا الصلة بقاعدتي العمل السياسي المهمتين ، ان السياسة هي فن الممكن ..وطالما ان هناك قدرة على اتخاذ القرارات فهذا يعني معرفة بالممكن مهما كان صعباً ، والقاعدة الثانية ، أن الوقت حاسم وقاتل في السياسة ..ولذلك قيل ان قوة السياسي تأتي من مهارته على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .

بقلم
سناء حمد


‫2 تعليقات

  1. سيادة القانون والمهنيه والمحاسبه (لو لم تكتبي غير ذلك لكفى )
    اهم مقومات الدوله

  2. نتمني اننخرج من عباءة الولاءات الحزبية الضيقة وليبدء النظام فقد دفع الوطن ثمنا غاليا لتسيسره وفق منظوره وعمله علي تعطيل قوي اخري وخصوصا مواجهة العالم الخارجي ليكون هناك فرصة لتحمل المسؤولية الجماعية