تحقيقات وتقارير

مواطن يشتكي وحميدة يُوضِّح مستشفى بحري .. تفاصيل (الجثة) الصادمة


لم تكن معاناة المرضى ونقص الأطباء ونقص الأدوية والمعينات وحدها التي حركت المواطن الطيب عثمان يوسف ليرسل رسالة استغاثة أو بلاغاً عبر تطبيق واتساب ويختمه بعبارة “السادة القراء رجاء ساعدوني بإعادة النشر في كل وسائل التواصل أو توصيل هذا البلاغ لجهة الاختصاص” فما حركه بدأ به بلاغه الإسفيري وهو وجود جثة لرجل مجهول الهوية ظلت مسجاة على سريرها داخل العنبر ووسط المرضى لأكثر من 12 ساعة دون أن يتم اتخاذ الإجراءات تجاهها أو نقلها لحفظها في المشرحة لحين تشييعها لمثواها الأخير… البلاغ الإسفيري وصل لمبتغاه عندما وصل إلى وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مامون حميدة الذي تقصى عن الحادثة من عدد من قيادات وزارته ليقر بوجود جثة ظلت مسجاة وسط المرضى، وإن اختلف مع مقدم البلاغ حول مدة تواجدها.

بيننا جثة

الطيب عثمان يوسف صدر رسالته إلى رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية ووالي الخرطوم ومن ثم وزير الصحة ودعم بلاغه بالصور التي أكد ـنه التقطها بهاتفه الخاص لحظة كتابة الرسالة، وقال “لن تصدقوا.. إن هذا الجثمان منذ ليلة أمس الساعة العاشرة مساء وحتى مغادرتنا اليوم الساعة 3 مساء موجود بالعنبر رقم 3 وسط المرضى ولم تتحرك إدارة المستشفى، وقد قمت أنا شخصياً بإبلاغ المدير الطبي بضرورة إجراء اللازم نحو نقل الجثمان، إلا أنه لم يحرك ساكناً منذ الأمس” .

ويستنكر عثمان خلال عرضه للأمر عدم اهتمام المسؤولين بالمرضى واهتمامهم بالحصول على المخصصات المالية، حيث يقول في رسالته “لعدم توفر إسعاف وعدم وجود تنسيق بين المشرحة والمستشفى وعدم وجود اختصاصي لاعتماد تقرير وفاة ذلك المتوفى مجهول الهوية، تم تركه منذ أمس في العنبر مع 8 مرضى، إذن السؤال هنا سعادة الوزير والوالي والوكيل ومدير المستشفى قاعدين يسوو شنو؟ ولما ما عندهم خدمات بقدموها بصرفوا مرتباتهم ومخصصاتهم مقابل شنو؟”

صور قاتمة

الطيب عثمان لم يكتفِ بمشهد الجثمان المسجى، ولكن تجولت كاميرا هاتفه الجوال لتنقل صوراً أكثر قتامة من جوانب أخرى داخل المستشفى، وهو يرفق صورة لمريض في غرفة الحالات الحرجة ظل ممدداً على الأرض ليوم كامل دون أن يقوم أي طبيب بفحصه، مبيناً أنه وحتى مغادرته المستشفى ظل المريض على حاله.

ويشير إلى أن المستشفى على كبره كان به طبيبان فقط منذ العاشرة من مساء أول أيام عيد الفطر وخرج أحدهما بعد منتصف الليل وأغلق هاتفه ولم يعد ليستمر العمل في مستشفى الطوارئ بطبيب واحد و5 ممرضين، ولم ينس أن يرفق صوراً تبين خلو كراسي أطباء الطوارئ رغم وجود أكثر من 25 مريضاً في قسم الحالات الحرجة. ويشير إلى انعدام الأدوية في صيدلية الطوارئ، مبيناً أنه ظل مرافقاً لطفل مصاب بحروق أدت لاللتهاب حاد منذ العاشرة من مساء اليوم الأول لعيد الفطر وحتى الثالثة من بعد ظهر اليوم الثاني دون أن تتم معالجته لعدم حضور الطبيب، قاطعاً بأنه غادر المستشفى بعد أن نصحه المدير الطبي للمستشفى باللجوء لمركز طبي خاص مجاور لوجود الاختصاصي هناك.

بلاغ رسمي

الطيب ختم خطابه بعبارة “السيد الرئيس بلاغ رسمي وانا على أتم الاستعداد لإثبات ادعائي وقد رصدت عدداً من الشهود”.

اهتمام حميدة

وزير الصحة ولاية الخرطوم البروفيسور مامون حميدة قال أمس إنه تقصى عن ما جاء في رسالة المواطن الطيب عثمان يوسف وملابسات ما تم في مستشفى الخرطوم بحري، موضحاً أن التقصي تم مع مدير إدارة الطب العلاجي ومدير إدارة المستشفيات وإدارة مستشفى بحري والغرفة المركزية لإشراف المستشفيات في العيد ليقر بعد ذلك بأن الصور ابتداء تم التقاطها من داخل المستشفى وإن كان هناك خلاف حول بعض التفاصيل إلا انها جزء من الحقيقة.

البلاغ حقيقي

وينقل حديث البروفيسور حميدة عن نائب المدير العام للمستشفى د. محمد بهاء الدين عوض الجيد أن الجثمان المعني كان لرجل مجهول الهوية أحضر للمستشفى بعد تعرضه لحادث مروري وظل منذ دخوله المستشفى تحت إشراف وحدة العظام ولجنة المجاهيل خاصة بعد اختفاء الجاني بعد أن علم بوجود لجنة مكونة لمتابعة المجاهيل وأن اللجنة قامت بتوفير العلاج له بقسم الطوارئ لحين وفاته مؤكدًا أن الوفاة حدثت في صباح اليوم الثاني للعيد وليس في العاشرة من مساء اليوم الأول كما نقل المواطن الطيب.

الشرطة سبب التأخير

ويوضح د. محمد بهاء الدين أن الأجراء المعروف في مثل هذه الحالات أن يتم تحويل الجثة للمشرحة لكن تعذر ذلك بعد اختفاء الجاني وإغلاقه هاتفه رغم أنه كان يحمل استمارة شرطة المرور التي يتم التحويل من خلالها الأمر الذي دفع المشرف الإداري للذهاب لقسم مرور بحري بهدف الحصول على صورة من الاستمارة حتى يتم نقل الجثمان، بيد أن قسم مرور بحري أشار إليه باللجوء إلى مرور الخرطوم مكان وقوع الحادث، مشيرًا الى أن المشرف على الحالة استقل عربة إسعاف الطوارئ كسباً للوقت للوصول إلى مرور الخرطوم، إلا أن إدارة القسم أخطرته بأن المسؤول عن الاستمارات غير موجود وأنه مضطر لانتظاره حتى يعود، لافتاً الى ان المشرف ظل منتظراً حتى عاد المسؤول عن الاستمارات وتم تسليمه صورة منها وأخرى جديدة تفادياً لإرجاع الجثة، مؤكداً أن الجثة تم تحويلها إلى المشرحة منتصف نهار ثاني أيام العيد ولم تنتظر حتى الثالثة بعد الظهر كما ذكر بلاغ المواطن الطيب.

40 طبيباً يومياً

رد وزير الصحة بروفيسور مامون حميدة استند أيضاً على إفادات د. محمد بهاء الدين ليفند دعاوى البلاغ بعدم وجود أطباء مؤكدًا تواجد خمسة أطباء بغرفة الحالات الحرجة كانوا يقومون بمعاينة المرضى، مشيراً إلى أن ذكر بلاغ المواطن وجود طبيبين فقط لا يستقيم من واقع أن عدد الأطباء في اليوم الواحد يصل إلى 12 طبيب طوارئ بالإضافة إلى أطباء امتياز وعموميين ونواب لأقسام الجراحة والباطنية والصدر والكلى والتجميل والعظام والمخ والأعصاب قاطعاً بأن عدد الأطباء العاملين جميعهم يصل إلى نحو (40) طبيباً في اليوم مستدلاً بتردد أكثر من 650 مريضاً في اليومين الأول والثانى للعيد تمت معاينتهم جميعاً عن طريق أطباء الطوارئ وأطباء الوحدات.

صيدلية خالية

وحول خلو الصيدلية من الأدوية أشار د. محمد بهاء الى أن صيدلية الطوارئ تختلف عن الصيدلية التجارية كونها تحتوي على أدوية الطوارئ فقط بالإضافة للمستهلكات الطبية والتي يتم توزيعها للأقسام المختلفة لتعطى مجاناً للمرضى، مؤكداً وجود مخزن للطوارئ لتوفير الأدوية والعقاقير والمستهلكات على مدار اليوم في حال حدوث طاري.

مريض مخمور

وحول المريض الذي ظل ممدداً على الأرض ليوم كامل قال د. محمد بهاء الدين إنه تم إحضاره بواسطة دورية شرطة، وكان مخموراً لذا كان كثير الحركة وغير مستقر في مكانه، مؤكدًا أنه تم التعامل معه كمجهول هوية وتلقى علاجه على أتم ما يجب حيث تم خروجه من المستشفى بحالة جيدة.

الخرطوم: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة


‫2 تعليقات

  1. ما هكذا يا مامون حميدة يتم الرد على شكاوى المواطنين .
    لا يمكن الرد بنبرة تفيد ان المشتكي على خطأ ، كان عليك سعادة الوزير ان تقول قد تلقينا هذه الشكوى ونشكر المواطن وغيره وكل من يقدم ويكشف لنا قصور في اي مركز صحي .. ونفيد بأننا قمنا بعمل اللازم واستدعاء ذوي الاختصاص والتحقيق معهم وسنفيد الجمهور بنتيجة التقصي ..
    ولكن اللغة التي بها عنترية وتحدي وتكذيب لا تنفعك يا سيد مامون سوف تأتي اللحظة التي تقصم ظهرك بالدليل والمقطع المؤكد وساعتها لن تعرف ترد ..لانه يبدوا من ردك انك لا تميل الميل الى جانب المواطن ..واي مسؤول يخطيء موظفه قبل ان يرد على المشتكي ومن ثم يتحرى ويرد ,,
    الان وبردكم هذا تبدون صغارا جدا امام تأكيدات المشتكي وهو له ادلة وانتم فقط ادلتكم كلام الذين كانوا متغيبون

  2. قلنا وما زلنا نردد بان الأطباء قد اصبحوا من اتفه واحقر الشرائح الوظيفية بالسودان واقلهم كفاءه واهتمام بالإنسان والإنسانية…نعم قد يكون المفروض تواجدهم خمسه اطباء لكن هم عاده يتهربون ويهربون الى منازلهم تاركين المريضى يعانون…وربما ذهبوا استراحة الأطباء ليتجاذبوا اطراف الحديث مع الطبيبات والممرضات خلسة بعيدا عن اعين الناس.
    وحتى لو كانوا متواجدين لانامن من كثرة الأخطاء الطبية وتكرارها نسبة لعدم الكفاءة المهنية وضعف المقدرة العلمية.
    لذا نطالب بوضع آلية محاسبية واضحة لمعالجة ومحاسبة التقصير والأخطاء الطبية للأطباء والعاملين في الحقل الصحى حتى نحمى ارواح أبناء هذا الوطن الغالي من براثن الإهمال الطبي وضعف الكفاءة المهنية.