اقتصاد وأعمال

الزئبق.. استخدامات تخالف الاشتراطات


كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مخاطر استخدام الزئبق في التعدين التقليدي على صحة الإنسان والحياة والبيئة المستخدمة فيها، وكشف خبراء في مجال السلامة البيئية بالسودان عن أضرار صحية ناجمة عن استخدام مادة الزئبق في مناطق التعدين التقليدي عن الذهب بولايات السودان. وحذر خبراء من خطورة استخدام الزئبق في التنقيب العشوائي عن الذهب وكشف عن وجود معدنين يستخدمون الزئبق في استخلاص الذهب داخل مياه نهر النيل. وطالبوا بتشكيل لجان مشتركة تكون مسؤولة من تصديقات التعدين في القطاع الأهلي تحدد من خلالها مساحات الحفر، وقال إن هنالك مربعات ممنوحة للشركات لفترة تجاوزت الثماني سنوات وهي غير منتجة وأضاف: يجب ألا تتعامل الحكومة مع التعدين الأهلي على أنه مورد لها فقط .

معايير سلامة

وأكد مدير إدارة البيئة بوزارة المعادن المهندس بلة يوسف عن إيقاف (4) شركات غير ملتزمة بمعايير السلامة المهنية خلال هذا العام، وهدد باتخاذ الوزارة إجراءات صارمة ضد غير الملتزمين بحماية قضايا البيئة والسلامة.

وأعلن بلة خلال تدشين أجهزة القياس البيئي عن تحصلهم على أحدث أجهزة قياس ورصد الأثر البيئي بجودة عالية، وقال إنها تمثل آخر إنتاج قياس الرصد البيئي كندية الصنع وأمريكية وتغطي كل المطلوب من أجهزة البيئة والسلامة، مقرًا بأنه في السابق كان التعامل بالتعاون مع مراكز ومعامل مختصة في مجال تقديم خدمة قياس الأثر البيئي، ولكن الآن الخدمة تصل إلى مكان الحدث والميدان مباشرة.

تطبيق اشتراطات

وشدد وزير الدولة بوزارة المعادن أوشيك محمد أحمد على أهمية تطبيق الاشتراطات البيئية في مناطق التعدين، وكشف عن وجود تحديات تواجه قطاع التعدين، مشيراً إلى وجود 150 شركة تعمل في التعدين المنظم بجانب أكثر من 200 شركة تعدين صغيرة بالإضافة إلى 70 شركة تعمل في مجال مخلفات التعدين. وأقر مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية بالإنابة فيصل موسى بمعاناتهم لفترات طويلة من الانهيارات في قطاع التعدين التقليدي ووجود ممارسات سالبة أضرت بالبيئة والمجتمعات المحلية، ودعا لتشجيع دخول رأس المال في الدورة الاقتصادية المستديمة، مطالبا الشركات بضرورة التشبيك مع منظمات المجتمع الوطنية والمحلية التي تعمل في قضايا البيئة. وشهدت الفترة الأخيرة تزايد الشكاوى من قبل مواطني بعض الولايات التي يوجد بها تعدين تقليدي “الولاية الشمالية، نهر النيل، وشمال كردفان” من استخدام مادة الزئبق والسيانيد، وتفيد المتابعات بأن المعدنين التقليديين يتعاملون بطريقة عشوائية مع الزئبق دون وجود رقابة وضوابط من جانب الجهات المختصة، وتسعى وزارة المعادن إلى إيقاف استخدام الزئبق بعد أن صادقت على اتفاقية “مياماتا” الخاصة بوقف استخدام الزئبق في التعدين التقليدي. وحذر خبراء ومختصون في البيئة من الاستخدام العشوائي لمادة الزئبق في التعدين التقليدي، مشيرين إلى وجود مخاطر مؤكدة لهذه المادة على صحة الإنسان والبيئة معاً.

لجنة مختصة

وكانت وزارة المعادن أعلنت استكمال عمل لجنة مختصة بحثت المخاطر الصحية والبيئية بمناطق التعدين التقليدي للذهب بولايات السودان، وحسب دراسات وتقارير فإن استخدام مادة الزئبق تهدد حياة الآلاف من عمال المعادن ويعرضهم للخطر.

وأكدت الوزارة التزامها بإيقاف استخدام مادة الزئبق المستخدمة في التعدين التقليدي بحلول العام 2020م التزاماً ببيئة نظيفة وإنتاج نوعي وتنفيذاً لتوجيهات رئاسة الجمهورية بوضع برنامج زمني محدد للتخلص من استخدام الزئبق في التعدين التقليدي.

وكشفت عن وجود 59 شركة تعمل في مجال مخلفات التعدين التقليدي بهدف التخلص من الزئبق، وأكدت سعيها إلى الاستخدام الآمن لمادة السيانيد، واتباع وسائل السلامة والتقيد بالاشتراطات البيئية، وفقاً للشروط المرجعية في عملية استخلاص المعادن واتباع الأساليب العلمية المتفق عليها عالمياً في استخدام المواد الكيميائية. ووقعت الوزارة اتفاقيات مع دولتي روسيا وألمانيا لإيجاد بدائل لمادة الزئبق لاستخدامها في عمليات التنقيب وصولاً لمرحلة الحظر الذي يتوافق مع اتفاقيات مياماتا لحظر استخدام الزئبق بحلول العام 2020م.

وسعت في الفترة الماضية إلى جذب شركات للتخلص من الزئبق من خلال إيجاد بدائل والحد من استخدامه في عمليات التعدين التقليدي.

تجربة استخلاص

وبدأت بعض الشركات التركية في تجربة استخلاص الذهب باستخدام الماء دون إضافة مواد كيميائية.

وزارة المعادن أكدت أنها في انتظار نتائج التجارب والتقارير الفنية توطئة لبدء التشغيل التجريبي.

وتظل تبحث عن حلول حيث طالب وزيرها شركة قرين قلوبال الأمريكية الصينية للمساعدة في حل مشكلة استخدام الزئبق في استخلاص الذهب في التعدين التقليدي .

وكيل وزارة البيئة والتنمية العمرانية عمر عبد القادر وصف الزئبق بأنه عدو الصحة الأول على مستوى البيئة والأرض والإنسان والحيوان والمياه والأسماك، مؤكداً تعاون وزارته مع كافة الجهات للقضاء على المادة السامة والمدمرة وتوفير بدائل آمنة. وطالب رئيس اللجنة الفرعية للتعدين بالبرلمان صبري خليفة بإيقاف التعدين بالزئبق، وقال إن الزئبق أخطر من “السيانيد” في عمليات التعدين، ولكنه يرى أهمية تفعيل التمويل التعديني من قبل البنوك حتى تلتزم بتوجيهات وزارة المعادن بتوفير تمويل يمتد لخمس سنوات.

ضوابط خاصة

رئيس الجمعية السودانية لحماية المستهلك نصر الدين شلقامي، ناشد وزارة المعادن بوضع ضوابط لاستخدام الزئبق خاصة وأنه يباع علناً في الأسواق دون محاذير ودراية كافية لدى المستخدمين، وقال: الأمر يحتاج إلى تقنين والبحث عن بدائل .

وبرغم تلك المآسي فإن آلافاً من الناس يتدافعون للتنقيب غير مبالين بما يحدث، وبحسب تقارير وزارة المعادن السودانية يعمل نحو مليون شخص إلى جانب 5 ملايين آخرين في مهن مصاحبة للتعدين في أكثر من 266 موقعاً للتعدين.

ويستخلص حوالى 35% من نسبة الاستخلاص والبقية تستخلصها الشركات من “الكرتة”بنسبة 65% .

واستطاع التعدين التقليدي تقليل حدة الفقر لدى بعض المجتمعات وفتح أسواقاً جديدة وحدّ من هجرة الريف إلى المدينة وساهم في الصادرات بصورة كبيرة رغم أنها بصورة غير رسمية. وأكد بابكرعبد الوهاب عضو اتحاد التعدين الأهلي أن حياة الناس تغيرت من الناحية المادية كما أن مجال التعدين ساهم في تقليل نسب العاطلين عن العمل.

صحيفة الصيحة.