تحقيقات وتقارير

إعداد الموازنة القادمة .. تحديات التنفيذ


لعل الحديث الذي تناوله رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية معتز موسى بشأن موازنة العام القادم حوى العديد من القضايا مبشرا بخروج الموازنة من النمط التقليدي قائلا انها ستكون موازنة الاداء والبرامج تتجه نحو اصلاح اقتصادي متوازن لتحسين معاش الناس , ونجد ان موازنة العام 2018م واجهت ضغوطات عالية ألقت بظلال سالبة على عاتق المواطن السوداني والتي اتضح جليا من خلال ما يدور في الأسواق من ارتفاع متواتر لأسعار السلع الاستهلاكية والضائقة المعيشية التي اكتوى بنيرانها المواطن البسيط وما زالت في زيادة مستمرة ورغم المعالجات التي انتهجتها الدولة الا انها فشلت فيها, وفي غضون ذلك انتقد الخبير الاقتصادي د.محمد الناير مسألة تأخر صدور منشور موجهات الموازنة للعام 2019 وقال ان إعداد موازنة العام المنصرم تأخر ويجب ان تأخذ وقتا كافيا لإعدادها بطريقة مدروسة، وتوقع أن تكون الموازنة المقبلة ليست بالحجم الكبير عن موازنة 2018م بالزيادة ” القفزة الكبيرة في حجم الموازنة التي حدثت في عام 2017م إلى 2018م من “96” مليار جنيه إلى “173” مليار جنيه. وزاد إن إعداد الموازنة الجديدة يعتمد على وضوح رؤية أدائها الفعلي التقديري لــ” 9 ” أشهر المنصرمة لها ، قائلاً إن تقرير الأداء للموازنة العام الجاري لم يصدر حتى الآن، واشار الناير الى ان المواطن ظل يدفع فاتورة الدعم منذ عام 2012 حتى 2015 . واعتبر في حديثه لـ”الإنتباهة ” امس أن تصريح رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية موفق لجهة ان موازنة البرامج كانت من ضمن المطلوبات سابقا, مؤكدا انها ستبنى على تنفيذ مشروعات محددة وبالتالي نتائج البرامج أعلى بكثير من الموازنة بشكلها العادي. وقال نؤيد الفكرة والرؤية ولكنه رهن نجاحها بالضرورة تأهيل الكوادر داخليا وخارجيا لكل المنظومة العامة بوزارة المالية فيما تبقى من العام الحالي حتى يكون الكادر البشري المنوط به إعداد البرامج أكثر خبرة. ولفت الى ان موازنة البرامج سيكون فيها تحدٍ لان المتبقي من عمر العام 2018 ثلاثة أشهر وبضعة ايام الأمر الذي يتطلب إعداد هذه الموازنة بالتغيير في هيكلها بجانب انها تحتاج الى وقت لإصدار منشور مغاير تماما لكل المنشورات السابقة وفق رؤية واضحة لكل الجهات التي تضع موازنتها على مستوى المركز والولايات والمحليات .

وفي ذات الاتجاه وصف الخبير المصرفي د. عبدالله الرمادي موازنة العام المنصرم بانها ” فاشلة ” قائلا انها سقطت قبل تنفيذها عند إعلانها سوف تخفض معدلات التضخم من 34% الى 19% ضمن فيها إجراء غير مدروس العواقب وهو رفع الدولار الجمركي ثلاثة أضعاف من 6الى 18% مبينا انها زيادة جنونية وأنها سوف تفجر قنبلة تصعب معالجتها, وهذا ما حدث. مضيفا الآن نحن في شهر سبتمبر ولم تستطع الحكومة لملمة الآثار السالبة التي أحدثتها برفع معدلات التضخم ليصبح جامحا وتجاوز المائة بالمائة في يناير وكان ذلك تصرفا غير رشيد وكل المؤشرات تؤكد وجوب خفض موازنة 2018 عما كانت عليه في 2017 ولكن ما حدث العكس تماما إنما زادت بنسبة 88% حتى بلغت 173 مليار جنيه وبنسبة عجز بلغ 50 مليار جنيه، ولم يكن ذلك فيه أي قدر من الرشد الاقتصادي ان تأتي مترهلة بهذا الحجم وأربك مسيرة الاقتصاد والاقتصاديين, وحدث التخبط الذي شهدناه منذ يناير الى الآن. واستدرك الرمادي بالقول ان من محاسن ذلك ورغم سوء ” ربما ضارة نافعة ” انه أقنع القيادة السياسية وما ظللنا ننادي به منذ سنوات ان مشكلة الاقتصاد السوداني هو الترهل المبالغ فيه في الإنفاق الحكومي الجاري والممتد في الخدمة المدنية ونظام الحكم مماعجز معه الاقتصاد المنهك ان يستطيع ان يفي باحتياجات هذا الترهل الأمر الذي ادى الى تعطل الانتاج وأصاب الاقتصاد قدر كبير من الكساد, وكان واضحا ان 80% من المصانع توقفت عن الانتاج وتعطل القطاع الزراعي بسبب نقص السيولة ودخل الاقتصاد مرحلة الركود الى مرحلة الجمود, وكان ذلك المدخل الى مرحلة الانهيار أو الانسداد , وأضاف بحمد الله تم تلافي الانهيار الكامل باتخاذ إجراءات مؤخرا بتقليص الجهات الحكومية. واردف نرجو ان يمتد ذلك ليشمل حل المجالس التشريعية الولائية والاستعاضة عنها بمجالس بلدية في حدود 20ـ30 عضواً لكل ولاية ودراسة امكانية تخفيض عدد الولايات والمعتمديات والمحليات، وان يشمل التخفيض الخدمة المدنية كافة في المركز والولايات والاقاليم لانها تعاني من ترهل معيق, وللاستفادة من تلك المبالغ المهدرة في انفاق غير انتاجي لتقدم في العمليات الانتاجية وإعادة تحريك الطاقات الكامنة في الاقتصاد والبنى التحتية حتى تكفل للاقتصاد إعادة النهوض مقدما انطلاقاً الى المستقبل .

تقرير : هنادي النور
صحيفة الإنتباهة