تحقيقات وتقارير

ابتعاده لم يجد تحليلاً واضحاً البلدوزر … “زاهد فيما عندهم” أم “متفرغ سياسيًّا”


قبل موافقة المؤتمر الوطني ومباركته اختيار حكومة الوفاق الجديدة مطلع الشهر الحالي، استبق رئيس حزب الأمة ووزير الاستثمار حينها، مبارك الفاضل، الhحداث معلنًا زُهده في تولي أي منصب حكومي خلال التشكيل الوزراي الجديد. إعلان الفاضل حينها لم يجد تفسيرًا واضحًا سوى أنه كان يعلم مسبقًا إخراجه من التشكيل الجديد لأسباب لم توضح للرأي العام حتى الآن.

“البلدوزر” المنحدر من عائلة المهدى صاحبة الزعامتين الدينية والسياسية والمولود عام 1950 حصل على الثانوية العامة والدراسة الجامعية ببيروت انتقل بعدها إلى جامعة شيلر الأمريكية خريج إدارة الأعمال الدولية والاقتصاد، أعلن زهده عن تولى أي منصب بحكومة الوفاق الوطني الجديدة إلا أنه أعلن مباركة حزب الأمة بالإجماع للقرارات التى أصدرها الرئيس عمر البشير وأبدى أمله فى أن تشهد البلاد استقرارًا في المرحلة المقبلة.

لم تكن مشاركة مبارك الفاضل فى المناصب السياسية هى الأولى من نوعها بدخوله حكومة الوفاق الوطنى، فحينما جاء الصادق المهدي رئيسًا للوزراء عام 1986م لمع نجم مبارك الفاضل، حتى أنه جمع في بعض الأحايين وزارتين في وقت واحد، فعمل وزيرًا للصناعة ثم وزيرًا للاقتصاد والتجارة الخارجية، كما تولى مهام حقيبة الداخلية، ثم وزيرًا للطاقة والتعدين إلى جانب وزارة الاقتصاد. وعلاوة على كل ذلك، كان القيادي في حزب الأمة مشاركًا في رسم السياسات الدفاعية والأمنية للبلاد.

عندما جاءت “ثورة الإنقاد ” فى العام 1989م كان مبارك الفاضل المهدي وزيرًا للداخلية وأحد أعمدة حزب الأمة بزعامة الصادق، لكن ذلك لم يحل دون أن يصبح الوزير السابق بعد سنين مساعدًا للرئيس الجديد، قبل أن يقصى مجددًا عن القصر الرئاسي ثم يعتقل لاحقًا بتهمة التخطيط لعملية تخريبية.

إعلان مبارك الفاضل الأخير زهده عن تولى أي منصب فسره كثيرون بأن “البلدوزر” دائمًا ما يفرق بين العمل تحت حكم العسكر والإسلاميين، وقالت مصادر مقربه من حزب الأمة لـ”الصيحة”، إن مبارك يعزو عدم مشاركته في الحكومة الجديدة إلى أنه شارك في الحكومة السابقة ومن الذين وضعوا الأساس للإصلاح الاقتصادي “وهنا نشير إلى أنه شغل أيضًا منصب نائب رئيس مجلس الوزراء القومي” لذلك أعلن عدم الرغبة في المواصلة، وعلى النقيض تمامًا يقول ذات المصدر الذي تحدث لـ”الصيحة” وطلب حجب اسمه، إن مبارك الفاضل لن يقبل العمل تحت رئيس الوزراء الجديد معتز موسى بحجة أن خلفيته سياسية بحته بإنتمائه لحزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية السودانية.

وقال المصدر أن مبارك الفاضل ظل بصورة دائمة يفصل بين الجيش “العسكر” والإسلاميين “الحركة الاسلامية”، لذلك فإن انتماء بكري للمؤسسة العسكرية جعل الفاضل يعمل معه دون تردد لكنه رفض العمل في ظل رئاسة ابن الحركة الإسلامية معتز موسى لمجلس الوزراء.

عضو البرلمان عن حزب الأمة، فتحي مادبو، اعتبر في حديثه لـ”الصيحة”، ما أثير حول عدم قبول مبارك الفاضل العمل تحت إدارة معتز موسى كونه إسلاميًّا “بحتًا” بغير الصحيح، نافيًا وجود أي أسباب شخصية أو عدم رضًى من الحكومة أو التشكيل الوزاري دفع مبارك الفاضل للاعتذار من المشاركة، فضلًا عن كونه أعلن زهده عن قبول أي منصب قبل أن يتم تشكيل الحكومة “والزهد” هو أنه لايريد العودة فى التشكيلة فى أي منصب ، وقال مادبو إن قيادات الحزب ترى ضرورة أن يتفرغ مبارك الفاضل للعمل الحزبي وبناء الحزب على أن تكون المشاركة في الحكومة رمزيه بالمجلس الوطني ومجلس الولايات وحكومات الولايات، وهو يعني تطبيق نموذج حزب المؤتمر الشعبي بأن يتفرغ قائد الحزب للشؤون الداخلية للحزب وبنائه مثل “علي الحاج” الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي على أن تشارك البقية في الحكومة على المستويين التنفيذي والتشريعي.

زُهد أحادي

الناظر لقرار مبارك الفاضل بعدم المشاركة في حكومة الوفاق الوطني الجديدة “زُهدًا” منه يعتبر أن نصيب حزب الأمة من “كيكة” السلطة فى تناقص لكن معلومات مؤكدة تحصلت عليها “الصيحة” تشير إلى أن مبارك الفاضل اتفق مع المؤتمر الوطني على توزيع منصبه “وزير اتحادي” على حزبه بالولايات من خلال زيادة حصة الحزب بحكومات الولايات من “3” إلى “5” أشخاص، وما يؤكد صحة هذه المعلومات تعيين عضو الحزب “نهى النقر” أمينًا عاماً لمجلس الاستثمار، وهنا يقول عضو الحزب فتحي مادبو أنه لا يملك التفاصيل الكافية حول زيادة حصة الحزب بالولايات نظير ترك مبارك لمنصبه ، لجهة أنه خارج البلاد منذ أيام، لكنه قطع بأن حزبه لا ينظر للمشاركة في الحكومة بزواية التعويض والمحاصصة لجهة أنه أول من رفض مبدأ المحاصصة في التشكيل الوزاري وأضاف “نحن لا نتحدث عن تعويض في الحكومة لأننا أول من طالب بعدم المحاصصة لذلك نحن أولى بالتضحية بالمناصب ونريد أن تكون المشاركة رمزية لأن معايير المحاصصة مختله بين الأحزاب”.

الخطوة المقبلة

وحول العمل الذي يعتزم مبارك الفاضل القيام به خلال المرحلة المقبلة بعد اعتذاره عن قبول أي منصب في الحكومة الجديدة، قال فتحي مادبو، عضو حزب الأمة بالبرلمان، إن مبارك الفاضل سيتفرغ في المرحلة المقبلة لبناء الحزب لجهة أن توليه وزارة الاستثمار ونائب رئيس مجلس الوزراء أخذ من وقت الحزب الكثير، وبناء الحزب والتخطيط له هي الخطوة القادمة التي يريد الفاضل تنفيذها بعيدًا عن العمل التنفيذي، وأشار إلى أن مشاركة مبارك في الحكومة الماضية كان بإصرار من قوى الحوار وحزب المؤتمر الوطني.

الخرطوم: صابر حامد
صحيفة الصيحة.