عثمان ميرغني

سيدي المهدي.. أنزله من ظهرك


[JUSTIFY]
سيدي المهدي.. أنزله من ظهرك

قبل يومين نشرت بعض الصحف حديثاً منسوباً للسيد الإمام الصادق المهدي قال فيه ما معناه (أنا الشايل الحزب.. مش الحزب هو الشايلني).. أو كما قال..

وصدق الصادق.. فهو الذي (يشيل!!) الحزب.. لا أحد ينفي هذا الواقع.. لكن أي حزب؟.. حزب الأمة الذي تأسس في منتصف الأربعينيات وبلغ اليوم من العمر عتياً.. فإذا كان الحزب بكل هذا العمر لا يزال في مرحلة (الشيل) مثل الطفل الرضيع.. فهل يعني ذلك أنه حزب كسيح في حاجة لمن (يشيله)؟..

من المناسب أن يدرك السيد الإمام الصادق المهدي أن استمرار رئاسته للحزب هو الذي يشل الحزب ويجعله في حاجة لمن (يشيله).. مهما كانت المبررات والأعذار فإن الزعامة المستدامة تحنط الحزب وتقفل شرايين الدماء فيه وتحوله إلى مريض مقعد لا يقوى على العمل السياسي المنطلق الرشيد.

أدرك أن مثل هذا الطرح تكرر كثيراً ليس في حزب الأمة القومي وحده بل في أحزاب كثيرة مثل الاتحادي الديمقراطي بزعامة مولانا السيد محمد عثمان الميرغني والمؤتمر الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي والحزب الشيوعي الذي لم تتجدد قيادته إلا بعد أن اختار الله الأستاذ محمد إبراهيم نقد إلى جواره (رحمة الله عليه)..

ومع ذلك لا يبدو أن القادة قادرون على اتخاذ القرار الصعب بالترجل عن رئاسة الأحزاب.. ولا جمهور الأحزاب قادر على النطق جهراً بما هو مكنون في الصدور.. الوسواس الراسخ أن تكريس الزعامة الأبدية يحول الأحزاب إلى ممتلكات (شخصية!!)..

في تقديري الأوجب (من باب الإصلاح السياسي) تعديل قانون الأحزاب.. حتى تنزل (من ظهر الزعامات).. وتمشي بأرجلها معافاة قوية..

أولاً: أن تصبح الأحزاب مؤسسات عامة يمتلكها الشعب (مهما كان مؤسسها).. وتخضع حساباتها لمراجعة ديوان المراجعة القومية.. كأي مؤسسة عامة..

ثانياً: أن تضاف مادة لقانون الأحزاب تلزمها بعقد مؤتمراتها العامة دورياً في فترة لا تتجاوز أربعة أعوام (وتتحمل الحكومة نفقات هذه المؤتمرات).. على أن لا تزيد فترة تولي منصب رئيس الحزب لأكثر من دورتين.

ثالثاً: استنباط مادة في قانون الأحزاب تحرم (التفرغ السياسي) مهما كانت الأسباب.. شغل منصب رئيس الحزب عمل مؤقت (انتداب أو إعارة) يشترط فيه أن يكون لشاغله مهنة أو أي عمل آخر..

والتعديل الأخير يكسر حالة الإحساس المرير عند الساسة بأن حياتهم تبدأ وتتنهي بالمنصب الدستوري.. فلا يستطيع حزب الانتظار في مقاعد المعارضة.. وهو ما تسبب في تكرار الانقلابات العسكرية من قِبل الأحزاب التي تفقد السلطة.

بغير حزمة الإصلاح السياسي التي تمس جوهر العملية السياسية في عظم ظهرها (الأحزاب) فإن العمل السياسي لن يرشد ويظل مجرد أحابيل تفقد الشعب السوداني العشم في مستقبله بل ووطنه.

سيد الصادق المهدي (أنزل حزب الأمة من ظهرك) دعه (يشيل) نفسه..!!
[/JUSTIFY]

حديث المدينة – صحيفة اليوم التالي
[Email]hadeeth.almadina@gmail.com[/Email]