جعفر عباس

التبغ سبب لي الغباء التراكمي


[JUSTIFY]
التبغ سبب لي الغباء التراكمي

في ذات عام جلست لامتحان اختبار عقدته وزارة الخارجية السودانية لاختيار دبلوماسيين شباب، ونجحت في الامتحان التحريري والمقابلة الشفهية (الإنترفيو)، وكنت ضمن من تم تعيينهم دبلوماسيين بدرجة سكرتير ثالث، ولكنني لم أستمر في تلك الوظيفة أكثر من ثلاثة أسابيع، فقد قرروا إلحاقنا بـ«معهد التنمية الإدارية» نحو ستة أشهر، لدراسة مبادئ الإدارة واللغة الفرنسية، وكنت «ما صدقت» إني تخرجت في الجامعة وارتحت من المحاضرات والامتحانات، وقاطعت الدورة الدراسية فتم تفنيشي.. ولم أحزن لذلك فرغم أن العمل الدبلوماسي ممتع ويوسع المدارك، فإنه قد ينتهي بك في بلد «حفرة» تظل تناضل طوال أربع سنوات للخروج منها، (أكتب هذه السطور اليوم الأربعاء 16 أبريل 2014، والسفير الأردني لدى ليبيا تعرض للاختطاف يوم أول من أمس) وكنت خلال عملي بالسفارة البريطانية في الخرطوم على علاقة طيبة بمستشار السفارة الذي كان دائم الشكوى من أنه من فرط غبائه درس العربية وانتهى به الأمر بـ«تدبيسة» في العالم العربي.
المهم أنني خرجت من امتحان وزارة الخارجية السودانية بمكسب كبير وهو لقب «ذكي جدا»، فقد تضمن الامتحان اختبارا للذكاء (آي. كيو) وأحرزت نسبة 135%، ومنذ يومها عشت على وهم أنني شخص نابه ومكحل بالشطة وأفهمها وهي طائرة أو زاحفة، وخرمت التعريفة ودهنت الهواء دوكو.. ولكن فريقا من أساتذة جامعتي أبردين وأدنبرة في اسكتلندا ببريطانيا قالا في تقرير نشرته مجلة نيو ساينتيست (العلمية) في عدد صدر مؤخرا وشاء حظي العاثر أن أطلع عليه إن أبا الجعافر أغبى من العديد من نظرائه ورصفائه وزملائه.. فقد جاء في بحث نشره البروفيسور لورنس واللي، والدكتور جون ستار أن التدخين يضعف القدرات الذهنية ويجعل العقل متبلدا كما أن المدخنين معرضون للخرف والتخريف أكثر من غير المدخنين! عندما قرأت ذلك في أول التقرير قلت الحمد لله فمنذ سنوات هجرت التدخين.. مما يعني أنني محتفظ بكامل قواي العقلية وما زلت «أبوالجعافر» نفسه الذي أحرز نسبة عالية في اختبار الذكاء ذاك.. ولكن التقرير يقول إن آثار التدخين الضارة بالذكاء تبقى حتى بعد الإقلاع عن التدخين بسنوات طويلة.
يقول هذان الأستاذان الحاقدان (على أبو الجعافر) إن المواد الكيميائية السامة التي في التبغ المحروق تدخل الأوعية الدموية التي تغذي المخ بالأوكسجين، وبمرور الزمن يفقد المدخن القدرة على التركيز والتفكير السليم والحسم الواضح.. ولكن المدخن يعزو ذلك إلى عدم أخذ كفايته من النيكوتين فيشعل سيجارة جديدة لـ«يمخمخ» ويعدل مزاجه و«يروِّق» أعصابه، وتكون النتيجة أنه يزود دماغه بالمزيد من السموم التي تجعل نشاطه الذهني أقل من نظرائه غير المدخنين.. ولعلك تلاحظ ذلك في لاعبي الورق، فكلما أحس الواحد منهم بالزنقة وأراد أن يحسن اللعب أشعل سيجارة،.. ثم يقدم على لعبة خاطئة، ويعطيها سيجارة أخرى.. والأمر الذي لا يحتاج إلى بروفيسورات من اسكتلندا هو أن التدخين يضعف الرئة وهذا الضعف يؤدي إلى قلة الأوكسجين الذي ينبغي أن يصل إلى الدماغ.. وهذا يعني أن الدماغ لا يعمل بالكفاءة المطلوبة.. وكما قلت قبل قليل فإن شخصا مثلي «تقاعد» عن التدخين يكون قد ألحق بذكائه تلفا بنسبة 2% إذا تعاطى التبغ في شبابه عشر سنوات مقارنة بشخص لم يدخن قط.. يعني أبوالجعافر الذي قد يلاحظ بعضكم أنه «يخرِّف» في هذه الزاوية في كثير من الأحيان، معذور.. وسبب العلة معروف! فانج سعد فقد هلك سعيد.

[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]