د/ عادل الصادق المكي

لما ترتدي الثقافة ثوب السخافة


[JUSTIFY]
لما ترتدي الثقافة ثوب السخافة

شفتو قبل كم سنة.. جابوهو في التلفزيون بلا خجلة.. متكفي فوق عنقريب مهتوك.. النضم يا الله ويا امين ينضم.. التعب والإرهاق باين عليهو.. المرض متمكن منو.. ممكون مكنة شديدة.. وناس التلفزيون دايرين ينضمو ويتونسو ويهظرو معاهو..

كان دا المرحوم خضر بشير.. مات بعد صولات وجولات في مضمار الغناء.. كان مدرسة متفردة وفريدة.. نعوهو.. وخلوهو ونسوهو.. والوليدات الصغار بقو يغنوا غناهو وياكلوا من وراهو عيش.

بعد سنين عددا.. فتحو ليهم حوش وسووا فيهو مصطبة وكم أوضة وشوية كراسي وقالوا دا مسرح خضر بشير.

برضو جابوهو في التلفزيون وقاعد فوق عنقريب تحت ضل شدرة نخيل.. وقاعد يشكي ويبكي من المرض ويهش في الضبان من وشيهو.. ساكن في شمال السودان.. في التكاكي بمنطقة الرباطاب.. المرحوم المبدع أحمد عمر الرباطابي.. جابوهو عشان يملوا بيهو فراغ برامجهم الفارغة.. رحل أحمد عمر واغانيه تخطفتها أفواه مرتزقة الغناء..

أبو آمنة حامد في أخريات أيامه كان حبيس غرفة في ركن قصي من منزله بالشعبية ببحري.. لا من شاف ولا من دري.. إلا يوم مات تهافت كبار القوم وصغارهم وتذكروا أن هناك شاعرا وأديبا قد كان وقد رحل ويدعى أبو آمنة حامد تهافتوا من أجل تسجيل حضور والتقاط الصور التذكارية في وسائل الإعلام.

في صحيفة (الصحافة) في عدد ما في جمعة ما.. كانت ونسة مع الشاعر المبدع محجوب سراج.. أقعده فقدان البصر وأصبح ضريرا.. يشكو العمى والفاقة.. لم يلتفت إليه الا قلة من علية القوم.. والغارقون في ملذات الحياة والمرددون لأشعاره في لحظات تغزل في حسناء لا تعلم أن صاحب الكلمات قد حرم من النظر إلى جمالها، التفتوا إليه فنفحوه بخمسة مليون جنيه وتلاجة (والتلاجة دايرة كهرباء.. الكهرباء دايرة الجمرة.. والجمرة دايرة قروش.. والقروش عند أبان كروش وابان كروش دايرين كسيّر تلج.. والتلج داير تلاجة .. والتلاجة..)

يتبرعون للأصحاء والمترفين وينعمون عليهم بالمال والهدايا. أما الفقراء فلهم الله.. ووداعة الله عند الرسول..

وكم وكم من مبدع رحل ولم نسمع عنه ولهم الله.. وكم من مبدع يعاني في لحظتي هذه من مصائب الدنيا وبلاوي الحياة.

لما رحل عنا زيدان إبراهيم.. وكان يصارع المرض وهو وحيد ببيت ناء في أرض نائية.. في الشقلة بالحاج يوسف.. بعد أن تنكر له أهل العباسية ورحل عنهم قسرا (فأقاموا سرداق العزاء.. سرادق ندم وحسرة).. قضى أيامه الأخيرة مريضا وحيدا.. لا أنيس ولا جليس.. ولولا زيارة أحد أصدقائه له لكان إلى الآن جثة لا يعلم عنها الراقصون والمغنون واتحاد الفنانين الغارقة رئاسته في إرضاء الساسة على حساب زملائها من أهل الفن.

سدنة الثقافة مشغولون بتوزيع نياشين وميداليات وشيكات الثقافة على من يرضون عنه ويرتضونه فهو المثقف المبدع حتى لو كان ما يقدمه سخافة تمشي على أربع.. أما المغضوب عليهم والضالون فدعوهم للفقر والمرض ح يريحونا منهم.. نفرش عليهم في أي ميدان ونشيل عليهم الفاتحة.. هي الفاتحة بقروش؟!!!!

[/JUSTIFY] د. عادل الصادق مكي
الباب البجيب الريح- صحيفة اليوم التالي