الطب النبوي

تأثير الآثام والذنوب في القلوب وعلاقة الصحة بالتمسك بالدين


في بيان جهة تأثير هذه الأدوية في هذه الأمراض ..

خلق الله – سبحانه – ابن آدم وأعضاءه ، وجعل لكل عضو منها كمالاً إذا فقده أحس بالألم ، وجعل لملكها وهو القلب كمالاً ، إذا فقده ، حضرته أسقامه وآلامه من الهموم والغموم والأحزان .

فإذا فقدت العين ما خلقت له من قوة الإبصار ، وفقدت الأذن ما خلقت له من قوة السمع ، واللسان ما خلق له من قوة الكلام ، فقدت كمالها .

والقلب : خلق لمعرفة فاطره ومحبته وتوحيده والسرور به ، والإبتهاج بحبه ، والرضى عنه ، والتوكل عليه ، والحب فيه ، والبغض فيه ، والموالاة فيه ، والمعاداة فيه ، ودوام ذكره ، وأن يكون أحب إليه من كل ما سواه ، وارجي عنده من كل ما سواه ، وأجل في قلبه من كل ما سواه ، ولا نعيم له ولا سرور ولا لذة ، بل ولا حياة إلا بذلك ، وهذا له بمنزلة الغذاء والصحة والحياة ، فإذا فقد غذاءه وصحته وحياته ، فالهموم والغموم والأحزان مسارعة من كل صوب إليه ، ورهن مقيم عليه .

ومن أعظم أدوائه : الشرك والذنوب والغفلة والإستهانة بمحابه ومراضيه ، وترك التفويض إليه ، وقلة الإعتماد عليه ، والركون إلى ما سواه ، والسخط بمقدوره ، والشك في وعده ووعيده .

وإذا تأملت أمراض القلب ، وجدت هذه الأمور وأمثالها هي أسبابها لا سبب لها سواها ، فدواؤه الذي لا دواء له سواه ما تضمنته هذه العلاجات النبوية من الأمور المضادة لهذه الأدواء ، فإن المرض يزال بالضد ، والصحة تحفظ بالمثل ، فصحته تحفظ بهذه الأمور النبوية ، وأمراضه بأضدادها .

فالتوحيد : يفتح للعبد باب الخير والسرور واللذة والفرح والإبتهاج ، والتوبة استفراغ للأخلاط والمواد الفاسدة التي هي سبب أسقامه ، وحمية له من التخليط ، فهي تغلق عنه باب الشرور ، فيفتح له باب السعادة والخير بالتوحيد ، ويغلق باب الشرور بالتوبة والإستغفار .

قال بعض المتقدمين من أئمة الطب : من أراد عافية الجسم ، فليقلل من الطعام والشراب ، ومن أراد عافية القلب ، فليترك الآثام . وقال ثابت بن قرة : راحة الجسم في قلة الطعام ، وراحة الروح في قلة الآثام ، وراحة اللسان في قلة الكلام .

والذنوب للقلب ، بمنزلة السموم ، إن لم تهلكه أضعفته ، ولا بد ، وإذا ضعفت قوته ، لم يقدر على مقاومة الأمراض ، قال طبيب القلوب عبد الله بن المبارك .

رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها

وترك الذنوب حياة القلوب وخيــر لنفسك عصيانها

فالهوى أكبر أدوائها ، ومخالفته أعظم أدويتها ، والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة ، فهي لجهلها تظن شفاءها في اتباع هواها ، وإنما فيه تلفها وعطبها ، ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح ، بل تضع الداء موضع الدواء فتعتمده ، وتضع الدواء موضع الداء فتجتنبه ، فيتولد من بين إيثارها للداء ، واجتنابها للدواء أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء ، ويتعذر معها الشفاء . والمصيبة العظمى ، أنها تركب ذلك على القدر ، فتبرئ نفسها ، وتلوم ربها بلسان الحال دائماً ، ويقوى اللوم حتى يصرح به اللسان .

وإذا وصل العليل إلى هذه الحال ، فلا يطمع في برئه إلا أن تتداركه رحمة من ربه ، فيحييه حياة جديدة ، ويرزقه طريقة حميدة ، فلهذا كان حديث ابن عباس في دعاء الكرب مشتملاً على توحيد الإلهية والربوبية ، ووصف الرب سبحانه بالعظمة والحلم ، وهاتان الصفتان مستلزمتان لكمال القدرة والرحمة ، والإحسان والتجاوز ، ووصفه بكمال ربوبيته للعالم العلوي والسفلي ، والعرش الذي هو سقف المخلوقات وأعظمها ، والربوبية التامة تستلزم توحيده ، وأنه الذي لا تنبغي العبادة والحب والخوف والرجاء والإجلال والطاعة إلا له . وعظمته المطلقة تستلزم إثبات كل كمال له ، وسلب كل نقص وتمثيل عنه . وحلمه يستلزم كمال رحمته وإحسانه إلى خلقه .

فعلم القلب ومعرفته بذلك توجب محبته وإجلاله وتوحيده ، فيحصل له من الإبتهاج واللذة والسرور ما يدفع عنه ألم الكرب والهم والغم ، وأنت تجد المريض إذا ورد عليه ما يسره ويفرحه ، ويقوي نفسه ، كيف تقوى الطبيعة على دفع المرض الحسي ، فحصول هذا الشفاء للقلب أولى وأحرى .

ثم إذا قابلت بين ضيق الكرب وسعة هذه الأوصاف التي تضمنها دعاء الكرب ، وجدته في غاية المناسبة لتفريج هذا الضيق، وخروج القلب منه إلى سعة البهجة والسرور ، وهذه الأمور إنما يصدق بها من أشرقت فيه أنوارها ، وباشر قلبه حقائقها .

وفي تأثير قوله : يا حي يا قيوم ، برحمتك أستغيث في دفع هذا الداء مناسبة بديعة ، فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال ، مستلزمة لها ، وصفة القيومية متضمنة لجميع صفات الأفعال ، ولهذا كان اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى : هو اسم الحي القيوم ، والحياة التامة تضاد جميع الأسقام والآلام ، ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ولا حزن ولا شئ من الآفات . ونقصان الحياة تضر بالأفعال ، وتنافي القيومة ، فكمال القيومية لكمال الحياة ، فالحي المطلق التام الحياة لا تفوته صفة الكمال البتة ، والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة ، فالتوسل بصفة الحياة القيومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة ، ويضر بالأفعال .

ونظير هذا توسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه بربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل أن يهديه لما اختلف فيه من الحق بإذنه، فإن حياة القلب بالهداية ، وقد وكل الله سبحانه هؤلاء الأملاك الثلاثة بالحياة ، فجبريل موكل بالوحي الذي هو حياة القلوب ، وميكائيل بالقطر الذي هو حياة الأبدان والحيوان ، وإسرافيل بالنفخ في الصور الذي هو سبب حياة العالم وعود الأرواح إلى أجسادها ، فالتوسل إليه سبحانه بربوبية هذه الأرواح العظيمة الموكلة بالحياة ، له تأثير في حصول المطلوب .

والمقصود : أن لاسم الحي القيوم تأثيراً خاصاً في إجابة الدعوات ، وكشف الكربات ، وفي السنن و صحيح أبي حاتم مرفوعاً : ” اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين ” وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ” [ البقرة : 163 ] ، وفاتحة آل عمران ” الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم ” ” ، قال الترمذي : حديث صحيح .

وفي السنن و صحيح ابن حبان أيضاً : من حديث أنس أن رجلاً دعا ، فقال : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد ، لا إله إلا أنت المنان ، بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، يا حي يا قيوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ” لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى ” .

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتهد في الدعاء قال : ” يا حي يا قيوم ” .

وفي قوله : ” اللهم رحمتك أرجو ، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت ” من تحقيق الرجاء لمن الخير كله بيديه والإعتماد عليه وحده ، وتفويض الأمر إليه ، والتضرع إليه ، أن يتولى إصلاح شأنه ، ولا يكله إلى نفسه ، والتوسل إليه بتوحيده مما له تأثير قوي في دفع هذا الداء ، وكذلك قوله : ” الله ربي لا أشرك به شيئاً ” .

وأما حديث ابن مسعود : ” اللهم إني عبدك ابن عبدك ” ، ففيه من المعارف الإلهية ، وأسرار العبودية ما لا يتسع له كتاب ، فإنه يتضمن الإعتراف بعبوديته وعبودية آبائه وأمهاته ، وأن ناصيته بيده يصرفها كيف يشاء ، فلا يملك العبد دونه لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ، ولا نشوراً ، لأن من ناصيته بيد غيره ، فليس إليه شئ من أمره ، بل هو عان في قبضته ، ذليل تحت سلطان قهره .

وقوله : ” ماض في حكمك عدل في قضائك ” متضمن لأصلين عظيمين عليهما مدار التوحيد .

أحدهما : إثبات القدر ، وأن أحكام الرب تعالى نافذة في عبده ماضية فيه ، لا انفكاك له عنها ، ولا حيلة له في دفعها .

والثاني : أنه – سبحانه – عدل في هذه الأحكام ، غير ظالم لعبده ، بل لا يخرج فيها عن موجب العدل والإحسان ، فإن الظلم سببه حاجة الظالم ، أو جهله ، أو سفهه ، فيستحيل صدوره ممن هو بكل شئ عليم ، ومن هو غني عن كل شئ ، وكل شئ فقير إليه ، ومن هو أحكم الحاكمين ، فلا تخرج ذرة من مقدوراته عن حكمته وحمده ، كما لم تخرج عن قدرته ومشيئته ، فحكمته نافذة حيث نفذت مشيئته وقدرته ، ولهذا قال نبي الله هود صلى الله على نبينا وعليه وسلم ، وقد خوفه قومه بآلهتهم : ” إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم ” [هود : 54 – 57 ] ، أي: مع كونه سبحانه آخذاً بنواصي خلقه وتصريفهم كما يشاء ، فهو على صراط مستقيم لا يتصرف فيهم إلا بالعدل والحكمة ، والإحسان والرحمة . فقوله : ماض في حكمك ، مطابق لقوله : ( ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها ) ، وقوله : عدل في قضاؤك مطابق لقوله : إن ربي على صراط مستقيم ، ثم توسل إلى ربه بأسمائه التي سمى بها نفسه ما علم العباد منها وما لم يعلموا . ومنها: ما استأثره في علم الغيب عنده ، فلم يطلع عليه ملكاً مقرباً ، ولا نبياً مرسلاً ، وهذه الوسيلة أعظم الوسائل ، وأحبها إلى الله ، وأقربها تحصيلاً للمطلوب .

ثم سأله أن يجعل القرآن لقلبه كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان ، وكذلك القرآن ربيع القلوب ، وأن يجعله شفاء همه وغمه ، فيكون له بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله ، وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو الطبوع والأصدية ، وغيرها ، فأحرى بهذا العلاج إذا صدق العليل في استعماله أن يزيل عنه داءه ، ويعقبه شفاء تاماً ، وصحة وعافية ، والله الموفق .

وأما دعوة ذي النون : فإن فيها من كمال التوحيد والتنزيه للرب تعالى ، واعتراف العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدوية الكرب والهم والغم ، وأبلغ الوسائل إلى الله – سبحانه – في قضاء الحوائج ، فإن التوحيد والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال الله ، وسلب كل نقص وعيب وتمثيل عنه . والإعتراف بالظلم يتضمن إيمان العبد بالشرع والثواب والعقاب ، ويوجب انكساره ورجوعه إلى الله ، واستقالته عثرته ، والإعتراف بعبوديته، وافتقاره إلى ربه ، فها هنا أربعة أمور قد وقع التوسل بها : التوحيد ، والتنزيه ، والعبودية والإعتراف .

وأما حديث أبي أمامة : ” اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ” ، فقد تضمن الإستعاذة من ثمانية أشياء ، كل اثنين منها قرينان مزدوجان ، فالهم والحزن أخوان ، والعجز والكسل أخوان ، والجبن والبخل أخوان ، وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان ، فإن المكروه المؤلم إذا ورد على القلب ، فإما أن يكون سببه أمراً ماضياً ، فيوجب له الحزن ، وإن كان أمراً متوقعاً في المستقبل ، أوجب الهم ، وتخلف العبد عن مصالحه وتفويتها عليه ، إما أن يكون من عدم القدرة وهو العجز ، أو من عدم الإرادة وهو الكسل ، وحبس خيره ونفعه عن نفسه وعن بني جنسه ، إما أن يكون منع نفعه ببدنه ، فهو الجبن ، أو بماله ، فهو البخل ، وقهر الناس له إما بحق ، فهو ضلع الدين ، أو بباطل فهو غلبة الرجال ، فقد تضمن الحديث الإستعاذة من كل شر ، وأما تأثير الإستغفار في دفع الهم والغم والضيق ، فلما اشترك في العلم به أهل الملل وعقلاء كل أمة أن المعاصي والفساد توجب الهم والغم ، والخوف والحزن ، وضيق الصدر ، وأمراض القلب ، حتى إن أهلها إذا قضوا منها أوطارهم ، وسئمتها نفوسهم ، ارتكبوها دفعاً لما يجدونه في صدورهم من الضيق والهم والغم ، كما قال شيخ الفسوق :

وكأس شربت على لذة وأخرى تداويت منها بها

وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام في القلوب ، فلا دواء لها إلا التوبة والإستغفار .

وأما الصلاة ، فشأنها في تفريح القلب وتقويته ، وشرحه وابتهاجه ولذته أكبر شأن ، وفيها من اتصال القلب والروح بالله ، وقربه والتنعم بذكره ، والإبتهاج بمناجاته ، والوقوف بين يديه ، واستعمال جميع البدن وقواه وآلاته في عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظه منها ، واشتغاله عن التعلق بالخلق وملابستهم ومحاوراتهم ، وانجذاب قوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحته من عدوه حالة الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرحات والأغذية التي لا تلائم إلا القلوب الصحيحة . وأما القلوب العليلة ، فهي كالأبدان لا تناسبها إلا الأغذية الفاضلة .

فالصلاة من أكبر العون على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهي منهاة عن الإثم ، ودافعة لأدواء القلوب ، ومطردة للداء عن الجسد ، ومنورة للقلب ، ومبيضة للوجه ، ومنشطة للجوارح والنفس ، وجالبة للرزق ، ودافعة للظلم ، ومنزلة للرحمة ، وكاشفة للغمة ، ونافعة من كثير من أوجاع البطن . وقد روى ابن ماجه في سننه من حديث مجاهد ، عن أبي هريرة قال : رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أشكو من وجع بطني ، فقال لي : ” يا أبا هريرة أشكمت درد ؟ قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : قم فصل ، فإن في الصلاة شفاء ” . وقد روي هذا الحديث موقوفاً على أبي هريرة ، وأنه هو الذي قال ذلك لمجاهد ، وهو أشبه . ومعنى هذه اللفظة بالفارسي : أيوجعك بطنك ؟ .

فإن لم ينشرح صدر زنديق الأطباء بهذا العلاج ، فيخاطب بصناعة الطب ، ويقال له : الصلاة رياضة النفس والبدن جميعاً ، إذ كانت تشتمل على حركات وأوضاع مختلفة من الإنتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورك ، والإنتقالات وغيرها من الأوضاع التي يتحرك معها أكثر المفاصل ، وينغمز معها أكثر الأعضاء الباطنة ، كالمعدة ، والأمعاء ، وسائر آلات النفس ، والغذاء ، فما ينكر أن يكون في هذه الحركات تقوية وتحليل للمواد ، ولا سيما بواسطة قوة النفس وانشراحها في الصلاة ، فتقوى الطبيعة ، فيندفع الألم ، ولكن داء الزندقة والإعراض عما جاءت به الرسل ، والتعوض عنه بالإلحاد داء ليس له دواء إلا نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى .

وأما تأثير الجهاد في دفع الهم والغم ، فأمر معلوم بالوجدان ، فإن النفس متى تركت صائل الباطل وصولته واستيلاءه ، اشتد همها وغمها ، وكربها وخوفها ، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهم والحزن فرحاً ونشاطاً وقوة ، كما قال تعالى : ” قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين * ويذهب غيظ قلوبهم ” [ التوبة : 14 ، 15 ] ، فلا شئ أذهب لجوى القلب وغمه وهمه وحزنه من الجهاد ، والله المستعان .

وأما تأثير لا حول ولا قوة إلا بالله في دفع هذا الداء ، فلما فيها من كمال التفويض والتبري من الحول والقوة إلا به ، وتسليم الأمر كله له ، وعدم منازعته في شئ منه ، وعموم ذلك لكل تحول من حال إلى حال في العالم العلوي والسفلي ، والقوة على ذلك التحول ، وأن ذلك كله بالله وحده ، فلا يقوم لهذه الكلمة شئ . وفي بعض الآثار : إنه ما ينزل ملك من السماء ، ولا يصعد إليها إلا بلا حول ولا قوة إلا بالله ، ولها تأثير عجيب في طرد الشيطان ، والله المستعان .

* الطب النبوي من كتاب زاد المعاد للإمام العلامة شمس الدين محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية