رأي ومقالات

دبلوماسية القمة ولقاء الأهل بالأهل


[JUSTIFY]مازالت الدبلوماسية الرئاسية تمسك بزمام المبادرة، تتدخل عند المنعطفات الفارقة، تصلح من عثرات التفاوض وتفض عقد المشكلات وتقتحم مغارات الشك وتفتح مغاليقها باليقين.
زيارة الرئيس البشير الي جوبا، هذه المرة، تجئ للمباركة وليس لمزيد من التفاوض حول المسائل العالقة، فالتفاوض بلغ منتهاه باتفاق التعاون ومصفوفة التنفيذ المحروسة بإرادة قوية من قيادتي الدولتين وتصميم لا يغشاه التردد من أجل تحويل نصوص أوراق الاتفاق والمصفوفة الي واقع علي الأرض.
زيارة البشير الي جوبا عنوانها الأبرز هو أن” اتفاق التعاون نافذ نافذ نافذ!
وإتمام الزيارة في هذا الوقت هو تعبير عن ثقة راسخة بالنفس وبالأشقاء في عاصمة الجنوب، وإقدام البشير علي إتمام الزيارة ليس أمراً مستغرباً، فهو أول من زار جوبا عقب الانفصال مبشراً بالسلام الوليد، باسطاً الأكف بالتعاون في كل المجالات.
هذا المسلك الرئاسي كان امتداداً طبيعياً لإرادة السلام التي اكتمل تجسديها في اتفاقية نيفاشا التي رعتها الرئاسة، ثم من بعد ذلك الاعتراف بنتائجها في شجاعة ومسلك ديمقراطي وإنساني رفيع.
زيارة جوبا في هذا الوقت تشكل أقوي دفعة لجهود إنفاذ اتفاق التعاون خاصة وأن مفردات هذا الاتفاق الرئيسية قد دخلت مراحل متقدمة من التنفيذ.
مع فتح المعابر العشرة، تتدفق حركة السكان والسلع وتعود للانسياب بأحسن مما كانت في الماضي.
وفي ذلك ترجمة حقيقية لجوهر اتفاق التعاون متمثلاً في إطلاق حركة الأفراد والقبائل والأنعام في مناطق التمازج وتحرير النشاط التجاري في تكامل تلقائي بين المناطق الحدودية.
تشير التقارير الي إكمال انسحاب قوات البلدين من المنطقة منزوعة السلاح وسط رقابة لصيقة من قوات إقليمية رمزية، وهي ثمرة أخري من ثمار الدبلوماسية الرئاسية التي أشاعت مناخ الثقة بأن ما أبرم في أديس أببا من اتفاقيات تعاون سينفذ هذه المرة بحذافيره.
ومع بدء تدفق ضخ البترول الجنوبي وانسيابه عبر الأنابيب السودانية ترتفع موجة أخري من موجات التفاؤل بقرب الانفراج الاقتصادي بعد الضائقة التي ألمت بدولتي السودان طيلة فترة تعثر المفاوضات.
تتزامن رحلة الرئيس الي جوبا مع أجواء تصالحية عمت الساحة السياسية السودانية، وهاهي تمتد لتظل بظلها العلاقة التي لا تنفصم عراها بين الجارين الشقيقين.
الرسالة الكبرى لزيارة البشير الي جوبا هي أن الانفصال السياسي لا يمكن أن يحد من روابط الدم والتاريخ والتعايش والمصالح المتشابكة المشتركة.
إنه لقاء الأهل بالأهل، والشقيق بشقيقه، والأواصر بالأواصر.
كان لدبلوماسية القمة فضل الريادة، وقد آن الأوان لكي تحذو القيادات السياسية في السودان وفي دولة الجنوب حذو الرئيسين بفتح قنوات التواصل كافة، والشعب من بعد كفيل بإعادة الصلات سيرتها الأولي.

صحيفة الخرطوم
فضل الله محمد[/JUSTIFY]