الطاهر ساتي

الهيئة العامة لمواصفات الضمائر ..!!


[[ALIGN=JUSTIFY]COLOR=blue][ALIGN=CENTER]الهيئة العامة لمواصفات الضمائر ..!! [/ALIGN][/COLOR] ** أولا : فلنتأمل هذا التخبط .. لم يمض نصف الشهر على تنفيذ الجهات المختصة لقرار وزارة التجارة الخارجية الذي حظر السلع المصرية عن أسواق البلاد ..وها هي وزارة التجارة الخارجية ذاتها تتراجع عن قرارها ذاك قبل أن يكمل التنفيذ نصف الشهر عمرا ، وترفع الحظر عن تلك السلع .. وبما أن عملية تخليص السلع من مخازن جمارك وادي حلفا ومواصفاتها ومقاييسها تستغرق نصف الشهر أو أكثر ، هذا يعني عمليا بأن السلع المصرية لم تحظر إطلاقا إلا على ورقة مزقتها الورقة المضادة قبل أن يغادر مفعولها مكتبي الوزير والوكيل .. وبهذا يحق لأحدكم أن يسجل اسم السيد وزير التجارة الخارجية في موسوعة جينيس كأسرع وزير يتخذ القرار وضده في زمن قياسي ..وكما لم ولن يسأله برلمان أو مجلس عن أسباب الحظر ، فلم ولن يسأله برلمان أو مجلس عن أسباب رفع الحظر ..لن ولن يسألوه ، لا شئ ، فقط لأن سيادته وزير سوداني ..وبالتأكيد لايخفى عليكم بأن هذا النوع من الناس – الوزير السوداني – يفعل مايشاء بغير ..« مساءلة أو محاسبة » .!!
** ثانيا : فلنتأمل هذه الشجاعة .. نعم ، حتى ولو كان مخطئا ، كان وزير التجارة شجاعا عندما اتخذ قرار الحظر، ثم جاهر بمحتوى القرار سريعا عبر الصحف ، أي قبل أن يصل النص ميناء وادي حلفا وسلطات الجمارك .. تلك شجاعة فريدة وشفافية بمثابة إحدى غايات المرحلة ..ولكن تلك الشجاعة تغيرت في دهاليز الوزارة، وكذلك تبخرت الشفافية من ذات الدهاليز عند قرار رفع الحظر ..وإلى ضحى اليوم لم تجاهر وزارة التجارة للصحف بقرار رفع الحظر ، رغم أن نص القرار غادر مكتب الوزير ووصل وادي حلفا يوم الإثنين الفائت ، حيث محطة التنفيذ ..لم يجاهر الوزير ولا الوكيل برفع الحظر ..وربما لأن في صمتهما بعض الحياء ، أعلن المفوض التجاري بالسفارة المصرية للناس في بلادي عبر مؤتمره الصحفي – يوم الأربعاء الفائت – قرار رفع الحظر عن سلع بلاده ..أعلن ذلك بعد يومين من قرار الوزير ، فالقرار صدر يوم الأثنين ، أو كما قال المفوض التجاري ..ولو لم يعقد المفوض مؤتمرا صحفيا ، ربما لدخل قرار رفع الحظر في الدوائر السرية التي كشفها يهدد أمن القارتين ، آسيا وإفريقيا .. وإلا : فلماذا لم تحتف الوزارة بالقرار الثاني الذي إلتهم الأول قبل أن ..« يؤتى أكله » ..!!
** ثالثا : فلنتأمل لب الحدث ..فالحدث يجب ألا يكون السلع المصرية فحسب ..تدخل أو تحظر .. لا ، ماهكذا يجب أن يكون الحدث يا سادة التجارة الخارجية ..فالمواطن السوداني حين يتحدث عن سلع هو مستهلكها ، يجب تجريد تلك السلع من جنسية البلد الذي أرسلها للأسواق السودانية .. فالغاية المنشودة للناس في بلادي هي جودة السلع ، وليست هويتها..فلتكن مصرية كما تشتهي شركات مصر أو فلتكن صومالية لو رغبت شركاتها في ذلك ..عالم التجارة اليوم لم يعد مقيدا أو معترفا بقيود الحدود الجغرافية .. بيد أن هناك قيودا أخرى ، معترف بها دوليا ، وهى الأهم ، وهى التي تقيد ذاك العالم ، اسمها قيود المواصفات والمقاييس ..والمواصفات والمقاييس في كل بلاد الدنيا والعالمين التي تخاف على شعوبها من السلع الفاسدة أو الرديئة ، لا تتعامل مع الأنظمة الحاكمة وأمزجتها السياسية ، ولكنها تتعامل مباشرة مع جهتين فقط لاغيرهما، الشركة المصدرة والشركة المستوردة ..هيئات المواصفات والمقاييس هي السلطة العليا في تلك البلاد الجيدة أسواقها وسلعها .. وكذلك هي سيدة القرار في عالم التجارة الحر يا سادة تجارتنا الخارجية ..أي ، هي المسؤولة عن إلزام المصدرين والموردين بتجويد بضاعتهم ، وذلك بواسطة قراري « الدخول والحظر » .. ولأن تلك هيئات مواصفات ومقاييس ذات عدة علمية وعتاد مهني ، تتحمل المسؤولية ولا تدخل وزراء التجارة وحكوماتهم في حالات « الهرج و.. الحرج و..المرج » ..!!
** رابعا : وهو الأهم .. قبل تلك الأبجديات التي يعرفها تلاميذ ماقبل الأساس ، يجب أن تتوفر الضمائر الراغبة في حماية المستهلك السوداني من السلع الفاسدة والرديئة .. فالمؤسف أن الضمائر هي التى أصبحت بحاجة إلى ..« مواصفات ومقاييس » ..!!
إليكم – الصحافة السبت 01/11/2008 .العدد 5517
tahersati@hotmail.com
[/ALIGN]