بلهاء يشترون شهرة وهمية
على ذمة الصديق الكاتب الصحفي السعودي احمد المهندس فإن صحفيا عربيا كان يعمل في السعودية في الستينيات درج على كتابة مقالات ونشرها باسم زوجته التي لم تكن تحسن حتى كتابة قائمة المواد الاستهلاكية اللازمة لشؤون الطعام والنظافة (لا أكره عطلة نهاية الأسبوع إلا بسبب تلك القائمة التي تجهزها زوجتي على مدى عدة أيام، ولأنها لا تثق في ذوقي في اختيار الأشياء فإنها أحيانا تكتب تفاصيل فيها استخفاف بي: دريم ويب من النوع الأبيض.. ما تجيب اللي بنكهة الفراولة.. وكنت في بادئ الأمر احسب ان الدريم ويب نوع من الأقراص المنومة، لأن «دريم» تعني الحلم والمنام، والمهم أن ذلك الشيء – لعلم الرجال الحمشين الذين لا يعرفون شيئا عن لوازم الطبخ – عبارة عن بودرة بيضاء عديمة الفائدة تصنع منها النساء شيئا يشبه الرغوة يضعنه في الحلويات المنزلية).. أعود لأقول إن مقالات المرأة الشبح نالت استحسان الأوساط النسائية في السعودية وسعت العديد من الجمعيات والروابط النسائية إلى التواصل معها ودعوتها إلى إلقاء محاضرات والمشاركة في ندوات.. وبالطبع كانت تلك المرأة أعقل من ان ترتكب حماقة الظهور أمام حشود نسائية غالبيتها متعلمة ومستنيرة، سرعان ما كانت ستكتشف ان مخها مثل الدريم ويب، أي مجرد رغوة عديمة الجدوى، ومع تكاثر الدعوات والاعتذارات استنتجت تلك الجمعيات ان الأستاذة الكاتبة الكبيرة «متكبرة ومتغطرسة»، ولكن سيدة بعينها ظلت لحوحة ولم تيأس ووسطت شخصية كبيرة ومتنفذة لإقناع الأستاذة بتقديم محاضرة في جمعية كانت ترأسها تلك السيدة، وقامت الشخصية الكبيرة بالاتصال بالصحفي وطلبت منه السماح لزوجته بتقديم المحاضرة المطلوبة، (يعني «أمرت» لأن الشخصية الكبيرة لا تطلب بل طلباتها أوامر) ولم يكن أمام الرجل من سبيل سوى الاعتراف بأن زوجته ماهرة في فن «القوالة» الذي هو القيل والقال، وفاشلة في مجال المقالة، وأنه يكتب باسمها حتى يرفع معنوياتها!!
مسكينة أم الجعافر فقد تعرضت لمواقف مشابه ولكن بالمقلوب، وبدلا من ان تغتنم الفرصة وتدخل دائرة الضوء أثبتت أنها «متخلفة» بجدارة، فقد رفضت أن تحاورنا محطات تلفزيونية كـ«عائلة»، وكان ذلك مفهوما لأنني ما كنت سأقبل الفكرة أصلا، وتركت لها أمر ردع التلفزيونجية.. وذات مرة اتصلت بها مقدمة برامج إذاعية، وتلقت المكالمة بنتي مروة فأبلغتها المذيعة أنها تريد من زوجتي الاشتراك في فقرة قصيرة عبر الهاتف لتتكلم عن زوجها (الذي هو أنا) وحياتنا العائلية، فقالت مروة بلا تردد ان أمها ستكون سعيدة بذلك ووعدت المذيعة بأن ماما ستتصل بها لاحقا للاتفاق حول تفاصيل مشاركتها،.. وعندما خاطبت مروة أمها في أمر ذلك البرنامج الإذاعي قالت أمها انها لا تقبل لنفسها ان تتعامل مع وسائل الإعلام فقط لأنها زوجة جعفر عباس (تستعر مني؟؟؟)، وإنه ليس لديها ما تقوله وحياتها العائلية لا تخص أحدا!! فقالت مروة: طيب خليني أشارك وأعمل نفسي زوجة جعفر، وسأقول للمستمعين إنه مُفْتَرٍ وبخيل ولا يشتري لنا الأشياء التي نشتهيها، وسأفضحه وأقول إنني لا أملك سوى فستانين وجزمة واحدة.. بل الفردة اليمين فقط.
وأعرف أكثر من كاتب يكتبون المقالات نيابة عن زوجاتهم كي ينلن مكافآت تجعل أوضاع العائلة أكثر بحبحة.. هذه مقبولة إلى حد ما مقارنة برجال ونساء يستأجرون بالشيء الفلاني أقلاما ليضعوا أسماءهم أسفل مقالات وقصائد، ولا يفتضح أمرهم إلا عندما يجالسهم المرء ليكتشف أن أمخاخهم زلط عليه دريم ويب.[/JUSTIFY]
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]