عبد اللطيف البوني

حتى لايشتعل كل السودان


[JUSTIFY]
حتى لايشتعل كل السودان

بالأمس قلنا حرب السودان الأهلية الطويلة ظلت ناشبة في أطرافه القديمة والجديدة (الجنوب القديم والجديد ثم دارفور) ولكنها لم تصل شوارع العاصمة ولكننا قلنا إن العاصمة ليست في مأمن من الحرب وإذا اشتعلت شوارع العاصمة لاسمح الله- فعلى السودان السلام فبقاء السودان كدولة رغم الحرب الطويلة يرجع لاتساع مساحته وأمن عاصمته وقلنا الحروبات القبلية المندلعة الآن هي التي يمكن أن تنهي أمن العاصمة لأن ألسنتها سوف تصل العاصمة وتنشأ تحالفات قبلية حزبية جديدة ولن نستبعد أن تستعين القبائل المتحاربة بحركات التمرد والخارج لأنها سوف ترفع شعار الاستعانة بالشيطان لكسب حروباتها المحلية.
لتفادي هذا الخطرالقادم على الحكومة أن تغير سياستها الحالية. فالحكومة هي التي سلحت هذه القبائل المتحاربة الآن لمواجهة التمرد على الدولة، وهي التي نفخت الروح في الإدارة الأهلية وبالصورة التي تريد ثم اتبعت نظام المحاصصة القبلية في توزيع المناصب الدستورية والأسوأ أنها حولت الحكم المحلي إلى حكم قبلي فانشأت محليات على أسس قبلية هذا إذا لم نقل ولايات فعلى الحكومة مراجعة كل هذه السياسات وبأعجل ماتيسر وقد تكون المعالجة غالية لكن لابد منها.
الإدارة الأهلية لايمكن لأحد أن ينكر وجودها ولكن منذ أن حلها النميري لم تعد كما كانت كما أن شباب التمرد اليوم ليس متمردًا على الدولة فحسب بل هو متمرد على هذه الزعامات والأهم أن الاقتصاد الحديث ضعضع القبلية وأرخى قبضة الزعماء القبليين بدليل مؤتمرات الصلح الكثيرة والفاشلة فالحكومة اليوم تصرف الكثير من المال والجهد في مؤتمرات الصلح ولكن ما أن ينفض مؤتمر إلا وتندلع الحرب قبل أن يجف حبر الاتفاقيات الموقعة بين الأطراف المتحاربة / المتصالحة. على الحكومة إعمال تشريعات وقوانين الدولة وعن طريق الجهاز التنفيذي وليكن دعم الإدارة الأهلية مرهون بالوظيفة الاجتماعية التي يمكن أن تؤديها، فالدولة دولة والمجتمع مجتمع والحكومة حكومة.
حتى لاتحدث التحالفات الحربية بين القبائل والأحزاب السياسية على الحكومة التفاهم مع هذه الأحزاب وإشراكها في السلطة والأهم السماح لها بالاتصال بقواعدها بين تلك القبائل لا بل أن لاتحول بينها وبين كسب قواعد جديدة في تلك المناطق القبلية إن استطاعت إلى ذلك سبيلا. إن الانتماء للحزب خطوة متقدمة جدًا على الانتماء للقبلية فضعف أو بالأحرى الإضعاف المتعمد لتلك الأحزاب هو أزاح عن تلك القبائل الغطاء شبه القومي وزاد من عصبية القبيلة. حتى لاتتحالف هذه القبائل مع حاملي السلاح، على الحكومة التفاهم مع حاملي السلاح اليوم قبل الغد والوصول معهم إلى حلول سياسية بأعجل ما تيسر وقد أشدنا هنا بالأمس قبل الأول بدعوة والي جنوب كردفان الجديد آدم الفكي للحوار مع قطاع الشمال في ولايته.
ركزنا على الحكومة لوقف زحف الخطر القادم لأن الحكومة هي المسؤولة عن إنشاء ذلك الخطر فالاقتتال القبلي قديم قدم تلك القبائل ولكنه كان محصوراً في النطاق المحلي لايهدد الأمن القومي، وكانت يد الدولة طائلة لكل تفلت يتجاوز النطاق المحلي، ولكن اليوم أصبحت آلية الدولة جزءاً من تلك الحروبات القبلية فغابت تشريعاتها وقوانيها وعنفها القانوني وهذه هي المشكلة. اللهم احفظ السودان وأهل السودان وقبائل السودان.

[/JUSTIFY]

حاطب ليل- السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]