الأربعة أو الخمسة الكبار
يحسب على الإنقاذ أنها استطاعت أن تحيد عامة الشعب السوداني الفضل وتجعله مجرد متفرج على الشأن السياسي (وروني السياسة واقعدوا فراجة) فأصبحت النخبة هي التي تقود السياسة وبما أن هذه النخبة أصبحت منفردة بالشأن العام ودون جمهور أصبحت مثل الفنان الذي يغني في المسرح وبدون جمهور الأمر الذي ينعكس على أدائه ونفسياته وهذا الأمر ينطبق على الحاكمين والمعارضين فكلهم أصبحوا مأزومين لأنهم يتحركون وسط شعب غير مبالٍ وغير مهتم بهم. هذا لا يعني أن الشعب قد خمد وماتت جذوته بل يعني أنه قنع من خير في الجيل القائد الحالي وحتما سوف يفرز البديل ولو طال الزمن.
الطريق الى البديل ليس معبدا بل محفوف بكثير من المخاطر ولعل أعلاها هو تمزق البلاد وتشتيت شملها ولعل هذا الذي يبطئ بالشعب من التحرك التلقائي نحو البديل وهذا التباطؤ جعل القيادات هي التي تتحرك لمعالجة الأوضاع القائمة وقد يقول قائل إن هذه القيادات هي التي أوصلتنا لما نحن فيه وهي سبب الأزمة فكيف تكون هي المخرج من الأزمة؟ من جانبنا نقول نعم إنها سبب ما نحن فيه من بلاوي ولكن في الوقت الحالي لديهم فرصة وإن كانت ضئيلة لإخراج البلاد مما هي فيه لأن الشعب اختفى عن المسرح السياسي وأصبح غارقا في همومه اليومية باحثا عن الحلول الفردية ولعل المعالجة المرجوة هنا تدخل في باب (من نكد الدنيا على الحر …)
القيادات السودانية الحالية تأثرت بمجمل الأوضاع التي أسهمت في صنعها إسهاما متفاوتا، فانفصال الجنوب ألقى بظلاله على كافة الأوضاع والأفكار والأشخاص في السودان. الوضع الإقليمي كثورات الربيع العربي (المنتهي) وأحداث مصر دون شك تأثيرها مباشر على السودان وقياداته. ما يحدث في دولة جنوب السودان من متغيرات سياسية له تأثيره المباشر على الخرطوم. حراك دول حوض النيل الافريقية تحديدا اتفاقية عنتبي الإطارية لها تأثيرها، ثم نأتي بعد ذلك للتطورات السياسية الداخلية من أبيي الى مرابيع الشريف ومن قيمة الجنيه المتدنية، الغلاء الطاحن، الى طرحة أميرة عثمان.
كل هذا جعل الأحزاب السودانية ليست هي الأحزاب السودانية القديمة وكذا القادة، فالبشير ليس بشير 1989 ولا بشير المفاصلة 2000 إنما بشير ما بعد 2010، وكذا الصادق المهدي فليس هو السندكالي القديم ولا صادق آخر رئيس وزراء منتخب، ولا صادق تهتدون ولا تفلحون، إنما صادق مختلف. أما الترابي فقد نفض يده عن ترابي 1989 2000 فلا هو ترابي السجن المتفق عليه ولا السجن غير المتفق عليه. إنه ترابي ما بعد فشل الإسلام السياسي. أما الميرغني فليس هو ميرغني سلم تسلم ولا ميرغني العامرية، إنما هو الميرغني الذي هبت عليه رياح مصر التغييرية والخليج الداعم لها.
هؤلاء القادة القدامى المتجددون هم الذين يقودون دفة البلاد الآن وهم الذين سلم الشعب لهم دقنه كرها- أكرر كرها- فأمامهم فرصة بعيدة لكي يتجردوا عن ذواتهم ويتخطوا الدوائر الضيقة المحيطة بهم (مافي حاجة اسمها أحزاب. على الطلاق الشايفنه لا أحزاب ولاحاجة) وينظروا لعامة شعبهم ويقدموا له ما يمكن أن يسهم ليس في إخراجه من الوهدة التي هو فيها فهذه فوق طاقتهم، إنما المطلوب منهم أن يقدموا ما يوقف التدهور على أعلى الفروض أو ما يبطئ من معدلاته على أقل الفروض، وهذه فرصتهم الأخيرة وإلا سوف يلحقون بتشديد الحاء – أنفسهم ويلحقون بلادهم وشعبهم الغطس بضم الغين وأخيرا ما رأيك في إضافة سلفاكير لتصبح خماسية وقدها سداسي؟
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email]aalbony@yahoo.com[/email]